فما أولاك يا عبد الله وما أولاك يا أيها العاقل بأن تحذر صفات هؤلاء الهالكين، وأن تبتعد عن أخلاقهم البهيمة، وأن تحرص على أخلاق الرسل، وأخلاق الملائكة الذين تخلقوا بالأخلاق الفاضلة، وارتفعوا عن صفات البهائم، ووقفوا عند حدود الله، وجاهدوا نفوسهم في ابتغاء مرضات الله، وتباعدوا عن كل ما يجرهم إلى غضب الله وعقابه، وأيقنوا أن هذه الدار ليست دار إقامة، وليست دار نعيم، ولكنها دار عمل، ودار جهاد، ودار محاربة للهوى والشيطان، ودار ابتلاء وامتحان، فالواجب على أهلها من العقلاء أن يشمروا إلى طريق النجاة، وأن يعملوا جهدهم في أسباب سعادتهم، وسعادة مجتمعاتهم، وحفظ كيانهم عما حرم الله عليهم، وعما يكون سببًا لهلاكهم يوم القيامة وغضب الله عليهم.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وبصرنا جميعًا بما فيه نجاتنا وسعادتنا، وأعاذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فعلامات الخير والسعادة أن تتفقه في الدين، وأن تقبل على كتاب ربك القرآن وسنة نبيك علمًا وعملًا ودراسة وتدبرًا حتى تستفيد مما شرع الله لك، وحتى تعلم ما فيه سعادتك، وما فيه نجاتك، وما فيه رشادك، وحتى تتبعد عن كل ما يضرك في العاجل والآجل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.