شقُّه مائل: يعني الميل الاختياري الذي يستطيع كبحه ومنعه، فهو على كل حالٍ يُسمَّى: جائرًا ...، وهذا وعيدٌ شديدٌ يجب الحذر.
أما ما يتعلق بالقلوب، وأنه قد يشتهي هذه أكثر، وقد يُجامعها أكثر، فهذا ليس بيده، بل بيد الله سبحانه وتعالى.
كذلك النَّفقة التي قد لا يستطيع إتقانها؛ لأنَّ هذه لها عيال، وهذه ما لها عيال، هذه عيالها أكثر، كل شيءٍ يُقال بحسبه، كل امرأةٍ بحسبها وبحسب حاجتها.
والثالث حديث أنسٍ: أنه ﷺ كان يقسم للثيب ثلاثًا إذا نكحها على الأخرى، ويقسم للبكر إذا نكحها على الأخرى سبعًا.
هذه السنة، إذا تزوَّج بكرًا على ثيبٍ قسم لها سبعًا، ثم عدل، ثم دار، وإذا تزوَّج ثيبًا قسم لها ثلاثًا، ثم دار، كما في حديث أم سلمة: أنه لما تزوَّجها قسم لها ثلاثًا، وقال: إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك، وإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي، فهذا السنة، إذا كان عنده زوجة، ثم نكح أخرى، فإن كانت المنكوحة بكرًا قسم لها سبعًا، ثم دار، وإن كانت ثيبًا قسم لها ثلاثًا، ثم دار، كما فعل بأمِّ سلمة رضي الله عنها؛ لأنها ثيِّب.
والحديث الخامس حديث سودة: سودة رضي الله عنها أراد أن يُطلِّقها، فقالت: يا رسول الله، أمسكني، وأبقني في عصمتك، ويومي لعائشة، وصار النبيُّ ﷺ يقسم لعائشة يومها ويوم سودة، فهذا يدل على أنَّ المرأة إذا سمحت عن يومها فلا حرج أن يُبقيها في حباله، ولا يقسم لها، عنده ثنتان، أو ثلاث، أو أربع، بعضهنَّ قالت: أنا أُسامحك لو ما قسمتَ لي، وسأبقى في حبالك، لا بأس، له أن يُبقيها ولا يقسم لها شيئًا إذا رضيت؛ لأنَّ الحقَّ لها.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: القسم عدم وجوبه خاصٌّ بالنبي؟
ج: خاصٌّ بالنبي، من خصائصه.
س: القسم يكون في الليل والنهار، أو في الليل فقط؟
ج: في الليل والنهار ...
س: قوله: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ ولَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:129]؟
ج: يعني: العدل الكامل.
س: مَن ابتُلي بامرأةٍ عقيم، ويخشى أن يتزوج أخرى تلد له، فيقسم للتي ولدت له أكثر من العقيم، هل يُطلِّقها؟
ج: يُسوِّي بينهما.
س: يخشى ألا يُسوِّي بينهما؛ محبةً لأم الأولاد؟
ج: إذا شقَّ عليه وخاف فالطلاق أحلّ له، ولو ما شقَّ عليه فالطلاق ما هو محرم، إذا رأى المصلحة في الطلاق يُطلِّق، ولو ما عنده زوجة.
س: بعض الأزواج إذا تزوَّج هدد أمَّ الأولاد: إما أن تتنازلي عن ليلتك ونفقتك، وإلا طلَّقتُكِ، هل من العشرة؟
ج: له ذلك، إذا طابت نفسها عدل، ما فيه شيء إذا خيَّرها: إن شاءت صبرت، وإن شاءت طلَّقها، مثل: سودة، لما صبرت سمح لها النبيُّ.
س: الحائض يقسم لها الله يحفظك؟
ج: يقسم لها، ينام معها ولا يُجامع.
س: والنُّفساء؟
ج: والنفساء كذلك، إلا إذا سمحت.
س: كنا نشتري ذهبًا ونأتي عنده، ونشتري بالجملة بمئة ألف وبأكثر، ونُعطيهم شيكًا، هل يجوز لي يا شيخ؟
ج: بالعملة الورقية؟
س: بالعملة الورقية؟
ج: يجوز.
س: لكنه شيك؟
ج: شيك مُصدّق؟
س: شيك فيه رصيد مئة في المئة.
ج: مصدق؟
س: لا، هناك رصيد مئة في المئة، لكن أنا ...
ج: المفروض مصدق.
س: لا، صحيح، الرصيد موجود؟
ج: ما فيه بأس.
س: يُجزئ يا شيخ؟
ج: نعم، نعم.
س: قوله ﷺ: إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك، وإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي؟
ج: زوجاته، يعني: قسم لها سبعًا، ويقسم لهن كلهن.
س: يعني: زيادة عن الثلاث يكون أفضل؟
ج: سبع، سبع، إن قسم لها سبعًا يقسم لهن سبعًا.
س: الجمع بين الثيب والبكر في سبعٍ سبعٍ في هذا الحديث؟
ج: إن قسم لها ثلاثًا يكفي، كلهنَّ يدور ...، وإن أعطاها سبعًا يقسم للجميع سبعًا، تضيع الثلاث.
س: لأنَّ أم سلمة ثيب؟
ج: ثيب، معها عيال، أم عيال.
س: أما البكر فليس له أن ينقص؟
ج: سبع فقط.
س: .......... بعض الأزواج إذا تزوَّج حديثًا أهمل الزوجة الأولى، يعني: مال مع الزوجة الجديدة فترةً طويلةً، وحتى بعضهم يستنكر؟
ج: يُنصح ويُوجَّه إلى الخير، ويتوب إلى الله، ويستسمح الزوجة، كل إنسانٍ محل خطأ، محل الزلل، إلا مَن وفَّقه الله.
س: أحسن الله عملك، هي تكون بهذا يعني؟
ج: لا، يُنصح ويُوجَّه إلى الخير، وإذا سمحت عنه ... يتوب إلى الله جلَّ وعلا.
س: بالنسبة للباس المرأة: تحطّ العباءة على أكتافها؟
ج: ما تتشبَّه بالرجال، تحطّ جلال ...، أو تحطها فوق رأسها، لا تتشبه بالرجال.
س: بعضهم يُشَوِّه سمعة التَّعدد بالنَّقد؟
ج: لا، لا يجوز ...، ما يصحّ، الله قال: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وثُلَاثَ ورُبَاعَ أمر به، ثم قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] ... الواحدة إلا خوف.
س: ... هل يكون بالكذب على زوجته الأولى مثلًا ليتزوج الثانية؟
ج: نعم؟
س: إذا جاءت الغيرةُ التي تحصل من النساء والمصائب والمشاكل، ......... بالكذب عليهن مثلًا، أو بالخفية بزواج الثانية والثالثة؟
ج: لا، لا يُخفي، لكن والحمد لله يعدل فقط، يتَّقي الله ويعدل، والتي ما ترضى يُطلِّق، هذا هو الأفضل إذا تيسر، إذا استطاع.
س: لكن هل يُقال: السنة حفظك الله؟
ج: هذا ظاهر القرآن، وفعل النبي ﷺ.
س: قوله: إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ؟
ج: يعني: ما أنت برخيصة، ما أنت برخيصة عندنا، لكن هذا حكم الشرع.
س: اليوم الزوجة الجديدة إلى زوجته الأولى يتفقَّد أولاده؟
ج: ما في بأس، يُسلِّم عليهم، ما يضرُّ.
س: ما يُعتبر هذا من الميل.
ج: لا، ما هو ميل.
س: قول بعضهم: يجوز لمَن تزوَّج حديثًا تفويت بعض الفرائض، أو الصلاة في المنزل؟
ج: هذا كلامٌ باطلٌ.
1071- وعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: "يَا ابْنَ أُخْتِي، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا، وكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا، فَيَبِيت عِنْدَهَا".
رَوَاهُ أَحْمَدُ وأَبُو دَاوُدَ، واللَّفْظُ لَهُ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
1072- ولِمُسْلِمٍ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ، ثم يَدْنُو مِنْهُنَّ" الْحَدِيثَ.
1073- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1074– وعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا معه". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1075- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالقسم والعِشْرة:
في الحديث الأول الدلالة على أنه لا بأس أن يجعل الزوج لزوجاته وقتًا خاصًّا يدور عليهنَّ فيه، غير القسم المشترك، لا بأس، كأن يُخصص العصر يدور عليهنَّ، أو بعد الظهر، أو ساعةً معينةً من الضُّحى؛ لكي يتفقَّد أحوالهنَّ، من غير جماعٍ، من غير مسيسٍ، لا بأس، وله أن يخصَّ وقتًا للجماع، كما تقدَّم أنه طاف على نسائه بغسلٍ واحدٍ، كل هذا جائز؛ لأنَّ هذا فيه عدل، ليس فيه حيفٌ على أحدٍ، ولهذا كان يطوف عليهنَّ بعد كل عصرٍ يتفقد أحوالهن، وينظر في مطالبهن وحاجاتهن، ثم ينتهي إلى صاحبة الدورة.
وفي هذا أنه في مرضه الأخير عليه الصلاة والسلام جعل إقامته عند عائشة، وكان يُحب أن يكون عندها، فسمح له أزواجُه بأن يكون عندها، فبات في بيتها، ومات عندها، وفي الحصة التي سمحت الزوجات بها.
فالمقصود أنه كان مدَّة إقامته في المرض عندها رضي الله عنها؛ لأنهن رأينَه يود ذلك، فسارعن إلى ما يُحب عليه الصلاة والسلام.
وهكذا الحديث الثالث في السفر: إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيَّتها خرج سهمُها خرج بها معه، هذه هي السنة، إذا أحبَّ أن يخرج بواحدةٍ يُقرع بينهنَّ، إلا إذا تراضين فلا بأس، وإن أراد خروجهنَّ جميعًا فلا بأس، أما إذا أراد واحدةً أو ثنتين فلا بدّ من القرعة، إلا أن يرضين ويقولن: لا بأس أن تخرج فلانة، يحقُّ لهنَّ، فإن لم يتسامحن فالقرعة، إذا أراد سفرًا وأراد واحدةً منهن، أو ثنتين منهن معًا.
كل هذا ... الحرص على العدل، وبقاء المودة والمحبَّة.
والحديث الرابع: يقول ﷺ: لا يجلد أحدُكم امرأتَه جلد العبد يعني: إذا أدَّبها يُؤدِّبها تأديبًا خفيفًا، ما يُسبب الوحشة والفرقة والاختلاف والبغضاء، ليس كما يجلد العبد، العبد قد يُؤدَّب ... لسوء تصرُّفه، لكن هي لا، يكون التأديب خفيفًا، ولهذا يقدم على الأدب الهجر والوعظ، كما قال جلَّ وعلا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، فالضرب هو أخر الحلول إذا لم يتيسر التَّوجيه والوعظ والهجر، بدلًا من الأدب، هو أولى، فعند الضَّرورة وعند الحاجة يكون أدبًا خفيفًا غير مبرحٍ؛ حرصًا على استقامتهنَّ، وترك النُّشوز. نعم.
الأسئلة:
س: في غضب الله عزَّ وجلَّ من ناحية الزوجة، يبدأ بالهجر، أم يضرب من أجل عصيان الله عزَّ وجل؟
ج: هذا غير النُّشوز، أدب المعصية، إلا أن يكون في حقِّ الزوج، إذا رأى تأديبها من أجل المعصية فلا بأس، لكن ما يكون تأديبًا خطيرًا، يكون تأديبًا يُرجى فيه النَّفع.
س: كيف الترتيب إذن؟
ج: لا، ما فيها الترتيب للنُّشوز.
س: سأُرتب مسألة الذَّهاب للسفر بدون قرعةٍ، كأن أقول: السنة هذه أنت، والتي بعدها؟
ج: ما يصلح إلا برضاها، ولو خرجت القرعةُ لواحدةٍ مرتين أو ثلاثًا ما فيه شيء، القرعة ما فيها حَيْفٌ على أحدٍ.
س: قول عائشة رضي الله عنها: "فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ"؟
ج: من غير جماعٍ يعني.
س: أحيانًا يطوف بجماعٍ، ويجوز أنه؟
ج: نعم؛ لحديث أنسٍ: طاف على النِّساء بغسلٍ واحدٍ .....
س: ضرب المرأة ضربًا مُبرحًا يأثم به الرجل؟
ج: نعم، نصَّ عليه النبيُّ ﷺ: فاضربوهنَّ ضربًا غير مبرحٍ في خطبة الحجِّ، لما خطب الناسَ في الحجِّ عليه الصلاة والسلام.
س: في الحجِّ إذا قال: في السنة هذه أحجُّ بالمرأة الأولى؟
ج: إذا تراضوا ما يُخالف، وإلا فلا بدّ من قرعةٍ.
س: التَّسوية في القسم ليس للرسول ﷺ؟
ج: من باب الإحسان والمعروف، وإلا لا يلزمه: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ [الأحزاب:51]، ولكن من مكارم أخلاقه أن يقسم بينهم فيعدل.
س: الأولى القرعة؟
ج: يجب، يجب وجوبًا.
س: القرعة في الحج؟
ج: في الحجِّ وغيره، إما أن يحجَّ بهن كلهن، وإلا قرعة، وإذا كانت تستطيع الحجَّ يلزمه الحجّ -حج الفريضة ...
س: بعضهم يميل إلى أم الأولاد في كل شيءٍ؟
ج: لا تسوي مثلهم، أقول: لا تسوي مثلهم، احذر، عليك بالمساواة بين أم الأولاد والجميع.
س: ما الحكمة في القُرعة؟
ج: القرعة حكمتها قطع النزاع، حتى في قسمة الأراضي، وقسمة العبيد، وقسمة الإبل، وقسمة الغنم، إذا تشاحوا فالقرعة.
س: رجلٌ ساكنٌ في الرياض، وتزوج واحدةً في جدة، وهو يُسافر إلى جدة أيامًا معدودةً؟
ج: يعدل، يجلس عندها خمسة أيام، ويروح عند الأخرى خمسة أيام، عندها عشرة، وعند الأخرى عشرة، ما في بأس، الحمد لله.
س: عمله وشغله في الرياض؟
ج: ينقلها إلى الرياض، إلا ... إذا سمحت لا بأس، أما العدل فلا بد من العدل، إما أن ينقلها، أو يُطلِّقها، أو تسمح.
س: إذا تكررت القرعةُ على واحدٍ أكثر من مرة؟
ج: ولو، حظّها.
س: قوله: جلد العبد؟
ج: العبد جلده أشد إذا استحقَّ ذلك، وهي بالمعروف خفيف، المرأة خفيف، ما هو مثل العبد.
س: هل يدل على جواز جلد العبد؟
ج: نعم.
س: هل على السيد إقامة كل الحدود على العبد؟
ج: إما أن يُقيمها وإلا يُسندها لولي الأمر، وإن أقامها فلا بأس.
س: والقتل يا شيخ؟
ج: إذا ارتدَّ، الردة هذه محل نظرٍ، قد تتضافر النصوص ...
س: المبيت بما يتحقق؟
ج: بالعُرف، عُرف الناس، العُرف في البلد الذي هو فيه، كلما يتنازع فيه الناس من المختلف يكون بالعُرف، إذا كان عُرفهم أنه من يوم يُصلي العشاء، يُصلي العشاء، إن كان عُرفهم أنه يسحبه (شوية)، يسحبه (شوية).
بَابُ الْخُلْعِ
1076- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ من خُلُقٍ، ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ فقَالَتْ: نَعَمْ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وأَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا.
1077- ولِأَبِي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ وحَسَّنَهُ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ عِدَّتَهَا حَيْضَةً.
1078- وفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنهما -عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ كَانَ دَمِيمًا، وأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ: "لَوْلَا مَخَافَةُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ لَبَسَقْتُ فِي وَجْهِهِ".
1079- ولِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: "وكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ".
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث فيما يتعلق بالخلع، والخلع هو: المفاداة بين المرأة والزوج، بأن تُعطيه بعضَ المال حتى يخلعها، يُقال له: خلع، ويُقال له: مُفاداة، كما قال الله جلَّ وعلا: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ولا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229]، فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ هذا هو الخلع، فإذا أبغضت زوجَها لأسبابٍ اقتضت ذلك: كسُوء عشرته، وإما لأسبابٍ أخرى، فلها المخالعة؛ بأن تُعطيه مالًا حتى يُطلِّقها، سواء كان مالًا دفعه إليها، أو أقلّ، أو أكثر.
وفي هذا أنَّ امرأة ثابت بن قيس -الصَّحابي المشهور الذي شهد له النبيُّ ﷺ بالجنة- اختلعت منه، قال لها النبيُّ ﷺ: أتردِّين عليه حديقتَه؟ وكان قد أصدقها بستانه، فقالت: نعم، فقال له: اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة. رواه البخاري في "الصحيح".
فهذا يدل على أنَّ المرأة إذا صالحت زوجَها على أن ترد عليه الحديقة أنه يُطلِّقها، وهل يجب عليه ذلك أو يُستحب؟
على قولين للعلماء: أحدهما أنه يُستحب له، ويُكره البقاء معها في هذه الحال؛ لأنَّ البقاء معها لا تحصل به الفائدة المطلوبة.
والقول الثاني: يجب؛ لأنَّ الرسول ﷺ أمره بطلاقها إذا بذلت المال، وهذا القول أصحُّ، فإذا ساءت العشرةُ بينهما، وطلبت الفراق، وطلبت أن يُطلِّقها، فإنه يُجبر على ذلك إذا دفعت إليه مهره أو أكثر؛ لقوله ﷺ: اقبل، والأمر أصله للوجوب، وطلِّقها أصله للوجوب، وفي لفظٍ: "وأمره بطلاقها". رواه البخاري في "الصحيح"؛ ولأنَّ العشرة مع سُوء المودة، لأنَّ البقاء مع سُوء العشرة ومع البُغض ما تحصل به فائدة، يحصل به الشر وطول التَّعب بينهما جميعًا، فالفراق حينئذٍ أصلح لهما جميعًا، لعلَّ الله يرزقه خيرًا منها، ولعلَّ الله يرزقها خيرًا منه.
والرسول ﷺ قال: أتردين عليه حديقته؟ دلَّ على أنه إذا أُعطي ماله وجب عليه الطلاق، وليس له طلب الأكثر، وفي اللفظ الآخر قال: "أقبل الحديقة ولا تزدد"، وفي روايةٍ: "وجعل عدَّتها حيضة"، وفي سنده بعض اللِّين، لكن له شاهد من حديث الربيع بنت معوذ: أن النبي ﷺ جعل عدَّتها حيضة بعدما خلعها زوجُها، وأفتى بهذا عثمانُ ؛ استنادًا لحديث الربيع.
والصواب أنَّ عدَّتها حيضة كالأمة؛ لأنَّ المخالعة كالبيع والشراء، فأشبهت الأمة، تكون عدَّتها حيضة، والجمهور على أنَّ حيضتها ثلاثًا لقوله جلَّ وعلا: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] قالوا: يعمّ المخلوعة وغير المخلوعة، والصواب: أن المخلوعة مُستثناة، لكن إذا اعتدَّت ثلاثًا خروجًا من الخلاف هذا حسن إن شاء الله، من باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وكان هذا أول خلعٍ في الإسلام كما في حديث سهل بن أبي حثمة، فالمقصود أنَّ هذه المرأة التي هي زوجة ثابت بن قيس..