وهكذا الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يفعلها الآن بعض الناس في السابع والعشرين من رجب من هذا الشهر ليس له أصل، ولم تحفظ هذه الليلة، بل أنسيها الناس ولا يعلم أنها في رجب، ثم لو علم كما أوضح الشيخان لو علم ذلك وأنها في رجب أو في شعبان أو في شوال أو غير ذلك لم يجز للناس أن يحتفلوا بها؛ لأنهم يستدركون بذلك على الرسول ﷺ وعلى أصحابه، والرسول لم يفعل ذلك ولا أصحابه، فوجب التأسي بهم، والسير على منهاجهم، وعدم الإحداث لما لم يحدثوه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا يعني في ديننا ما ليس منه فهو رد، وقال أيضًا: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد أخرجه الشيخان في الصحيحين، وفي لفظ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وأخرجه مسلم بلفظ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد وعلقه البخاري جازمًا به بهذا اللفظ أيضًا، ولمسلم أيضًا في الصحيح أن النبي كان يقول في خطبته في الجمعة: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ويقول في حديث العرباض بن سارية : إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
هذه الأحاديث الصحيحة تبين لنا قبح البدع وخطرها، وأن عواقبهما وخيمة، وما ذاك إلا لأنها تسبب الزيادة في الدين، فهذا يحدث وهذا يحدث وهذا يحدث حتى يكون ديننا مجموعة مما ابتدعه الناس وأدخله الناس فيه، وقد بليت اليهود والنصارى بالبدع حتى أدخلوا في دينهم ما لم يأذن به الله، وحتى التبس عليهم دينهم، فالتبس حقه بباطله بسبب ما أدخلوا فيه من البدع والمحدثات، فوجب على هذه الأمة أن تحذر ما فعله اليهود والنصارى، وأن تبتعد عن التشبه بهم في أعيادهم وفي كل شيء.