الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، والشيخ يوسف بن محمد المطلق، وهي تتعلق بالبدع وبالأخص بدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج، وببدعة الاحتفال بالمولد النبوي، ويعم الكلام جميع البدع، فإن الاعتبار بالعموم في النصوص وما يتعلق بالمعنى العام لا بخصوص الأسباب، وقد أجادا وبينا حكم البدع وشرها وعواقبها الوخيمة، جزاهما الله خيرًا وزادهما وإيانًا وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا وبارك فيهما جميعًا.
والتعليق على هذا المقام يتلخص في إبانة البدع، وحكم البدعة، وما يترتب عليها، وقد دل الكتاب العزيز وهو القرآن والسنة المطهرة وإجماع أهل العلم على تحريم البدع، وإنكارها، والنهي عنها، وهي ما يحدث في الدين من العبادات والقربات بعد الرسول ﷺ فهذا يسمى بدعة، ما أحدثه الناس أو بعض الناس أو فرد من الناس من عبادة بعد الرسول ﷺ فإنه يسمى بدعة، وهو نوع من الاستدراك على الإسلام على الرسول عليه الصلاة والسلام والله جل وعلا يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3]، والله سبحانه أكمل الدين لهذه الأمة، فليس بعد إكماله لأحد أن يقول ينبغي كذا أو ينبغي كذا أو يشرع كذا أو يشرع كذا، وقد أنكر الله سبحانه على من فعل ذلك فقال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، فبعد إكماله لنا ديننا لا يجوز لأحد أن يبتدع ويخترع عبادة بأي مناسبة وبأي سبب يخترعها من أجله يظهر أنها دين وأنها قربة وأنها من كمال هذا الدين؛ لأنه استدراك على رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل استدراك على الله ؛ لأنه سبحانه أكمل لنا الدين، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله، فاختراع للبدع والدعوة إليها وإظهارها في الناس بعد الرسول ﷺ يعتبر استدراكًا على الله، واستدراكًا على رسوله عليه الصلاة والسلام، وفي المعنى كأنه يقول: إن ما كان عليه الرسول ﷺ ناقص، وأنا أكمله بهذه البدعة وبما اخترعت.