8- من حديث (من أعطى في صداق امرأة سويقا أو تمرًا فقد استحل)

1041- عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ولَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، ولَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا، لَا وكْسَ، ولَا شَطَطَ، وعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، ولَهَا الْمِيرَاثُ"، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ واشِقٍ -امْرَأَةٍ مِنَّا- مِثْلَمَا قَضَيْتَ، فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، والْأَرْبَعَةُ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وحسَّنه جَمَاعَةٌ.

1042- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ سَوِيقًا، أو تَمْرًا، فَقَدِ اسْتَحَلَّ.

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ وَقْفِهِ.

1043- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَجَازَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ عَلَى نَعْلَيْنِ.

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وصَحَّحَهُ، وخُولِفَ فِي ذَلِكَ.

1044- وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "زَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا امْرَأَةً بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ".

أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ.

1045- وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.

أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْقُوفًا، وفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ.

1046- وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَيْرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرُهُ.

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

1047- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ الْجَوْنِ تَعَوَّذَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ -تَعْنِي: لَمَّا تَزَوَّجَهَا- فَقَالَ: لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، فَطَلَّقَهَا، وأَمَرَ أُسَامَةَ فَمَتَّعَهَا بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ.

أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وفِي إِسْنَادِهِ رَاوٍ مَتْرُوكٌ.

1048- وأَصْلُ الْقِصَّةِ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالصداق، وقد تقرر كما تقدَّم أنه يجزي أيُّ شيءٍ من المال، ومن شرط أنه يكون قدر نصاب السرقة أو قدر عشرة دراهم فكلها أقوال ضعيفة، والصواب أنه يجوز النكاح على أي مالٍ ولو قليلًا، ولو خاتمًا من حديدٍ، هذا هو الصواب؛ لأنَّ الله قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، وعمَّم، فكل ما سُمِّي مالًا يجوز النكاح به.

ولهذا يقول جلَّ وعلا: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أو تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً [البقرة:236]، فصحح النكاح، وإن كان ما فيه فريضة، ولا سُمي فيه مهرٌ، فرض متاعًا إذا طلَّقها، فدلَّ ذلك على أنَّ المهر ليس بشرطٍ، يصح النكاح بدون مهرٍ، ويكون لها مهرُ نسائها، وإن طلَّقها فلها النكاح، أما إذا تزوَّجها على شيءٍ معلومٍ ولو قليلًا فإنه لا حرج، ولهذا في الحديث: مَن أعطى في صداق امرأةٍ سويقًا أو تمرًا فقد استحلَّ، وفي حديث سهلٍ في "الصحيحين": التمس ولو خاتمًا من حديدٍ، ورواية الحاكم أنه زوَّجه على خاتمٍ من حديدٍ.

أما حديث أنه أجاز نكاح امرأةٍ على نعلين: فصحَّحه الترمذي، وخُولف في ذلك؛ لأنه من رواية عاصم بن عبيدالله بن عاصم بن عمر، وهو مضعَّف عند الأكثر؛ ولهذا خالف الترمذي في تصحيحه؛ لأنَّ عاصم بن عبيدالله ضعَّفه الأكثرون، وبكل حالٍ المعنى صحيح، النعلان أحسن من الخاتم من الحديد، فإذا تزوَّجها على خفَّين، أو نعلين، أو خاتمًا، أو قلادةً صحَّ النكاح، والحمد لله.

والحديث الآخر حديث: خير الصَّداق أيسره هذا يدل على التَّخفيف وعدم التَّكلف، وأنه ينبغي لأهل الإسلام ألا يتكلَّفوا في المهور، ولهذا في الحديث الآخر: إذا خطب إليكم مَن ترضون دِينَه وخُلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير، فينبغي لأهل الإسلام عدم التَّكلف في المهور، والتَّسهيل حتى يتزوج الشباب، ويتزوجن البنات، ولا يتعطل لا هؤلاء، ولا هؤلاء، ولو بالشيء القليل، فالتفاخر في المهور وفي الولائم أمرٌ يضرُّ الجميع، والتَّساهل في هذا هو المطلوب.

وحديث عمرة بنت الجون في هذه الرواية ما هو بصحيحٍ: أنها أُهديت إليه، فقالت: أعوذ بالله منك! فقال: لقد عُذْتِ بعظيمٍ، الحقي بأهلك، أخرجه البخاري في "الصحيح"، أما هنا فالرواية ضعيفة، وفيها أنه أمتعها بثلاثة أثوابٍ، وهذا حديثٌ ضعيفٌ، لكن الحديث الصحيح أنه قال: اذهبي لأهلك، والقاعدة مثلما قال الله عزَّ وجل: وَمَتِّعُوهُنَّ [البقرة:236]، إذا كان ما سمَّى لها مهرًا فالحكم معروفٌ من القرآن الكريم، واضحٌ من القرآن الكريم، ورسول الله ﷺ أجود الأجودين من بني آدم، فسوف يُعطيها ما يحسن إعطاؤها إياه، وإن لم يُذكر في الحديث.

كذلك حديث عَليٍّ : لَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حديثٌ ضعيفٌ، رواه الدارقطني وجماعة، وهو ضعيفٌ، لا يُحتجُّ بإسناده، وكان مالكٌ يقول: "لا يكون إلا قدر نصاب السرقة" ضعيف، والصواب أنه لا يُشترط في المهر أن يكون قدر نصاب السرقة، ولا يُشترط أيضًا أن يكون عشرة دراهم فأكثر، الصواب أنه يجوز المهر ولو قليلًا، ولو منفعة، ولو تعليمًا لعلمٍ، ولو تعليم القرآن عند الحاجة، والله جلَّ وعلا قد يسَّر في هذا، وما في ذلك من الحكمة، والحكمة في هذا واضحة، وهي تسهيل الزواج؛ لعفَّة الفروج، وتكثير الأمة، أما التَّكلف فهو من أسباب تقليل الأمة، ومن أسباب وقوع الفواحش.

فالمشروع للأمة جميعًا التواصي بالتَّسامح، وعدم التَّكلف في المهور، ولا في الولائم، حتى يكثر الزواج، وتقلّ العنوسة، وحتى يكثر إحصانُ الفروج، وتقلّ الفتن والمشاكل.

نسأل الله للجميع التوفيق.

 

الأسئلة:

س: المنفعة سواء مال أو تعليم؟

ج: المنفعة نعم، يُعلِّمها قرآنًا، يُعلِّمها علمًا، ما عندهم مال يُعلِّمها النِّجارة، يُعلِّمها الحدادة بالساعات، يُعلِّمها صناعات أخرى تنفع.

س: الاستيهاب بدون مقابل؟

ج: لا، إذا تزوَّج زواجًا بدون مقابلٍ يكون لها مهر، إذا سكتا ولم يقولا شيئًا، وتزوَّجها يكون لها مهرُ المثل.

س: يعني: إذا لم يُسمِّ لها صداقًا؟

ج: كذلك حديث: إذا توفي عنها ولم يُسمِّ لها شيئًا يكون لها مهرُ مثلها، وعليها العدَّة، وعليها الإحداد، في حديث ابن مسعودٍ ومعقل بن يسار إذا توفي ولم يُسمِّ لها شيئًا فلها مهر المثل، ولو لم يدخل بها.

س: ما فائدة العدَّة؟

ج: عدَّة الوفاة، الله قال: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا [البقرة:234] مطلقًا؛ حمايةً للزوج، وبراءةً للذمة، وحمايةً ..... ظن السوء.

س: وإن دخل بها تكون مُستحبَّةً؟

ج: وأيش هي؟

س: التي دخل بها؟

ج: وأيش هي؟

س: المتعة؟

ج: مستحبة: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:241] عام، المتعة مستحبَّة، والقول بوجوبها قولٌ قوي أيضًا، وأما المدخول بها فالمتعة واجبة، إذا طلَّقها ولم يُسمِّ لها مهرًا فعليه المتعة ..... كما قال ابنُ عباسٍ، وأقلها كسوة.

س: الدخول يتحقق؟

ج: الدخول بالوطء، والقول الثاني: بالخلوة، إذا خلي بها فلها حكم الدخول .....، إذا خلي بها لها حكم الدُّخول.

س: الاجتهاد في تحديد المهر: أقله، وأن ..؟

ج: لا، ما يصلح إلا باتِّفاق الزوجين، إذا اتفق الزوجان لا بأس.

س: عقد وشرط عليها أن ليس لها مهر، ولا كسوة، ولا مبيت، ولا قسمة؟

ج: الشرط ما هو صحيح، يكون لها مهرُ نسائها، إلا إذا تراضيا على شيءٍ.

س: لكن تقع عقدة النِّكاح؟

ج: لا بدّ، لا بدّ، قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، فإذا تزوَّجها على أن لا مالَ لها، يكون لها مهرُ مثلها.

س: يعني يُقال: العقد صحيح، والشرط باطل؟

ج: نعم، والعكس صحيح، ويكون لها مهرُ المثل.

س: إذا لمسها بدون خلوةٍ تتحقق الخُلوة؟

ج: لا، لا، حتى يطأها ويخلو بها، الدخول: الوطء.

س: إذا كان أحد الشهود لا يُصلي؟

ج: المشهور عند العلماء أنه لا بدّ أن يكونا شاهدين عدلين، هذا المشهور عند العلماء، والذي ما يُصلي ليس بعدلٍ، بل هو كافرٌ عند جمعٍ، وفاسقٌ عند آخرين.

 

بَابُ الْوَلِيمَةِ

1049- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى عَلَى عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ ولَوْ بِشَاةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

1050- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ، عُرْسًا كَانَ أو نَحْوَهُ.

1051- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ: يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، ويُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، ومَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ورَسُولَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1052– وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ؛ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.

1053- ولَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُهُ، وقَالَ: فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وإِنْ شَاءَ تَرَكَ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالوليمة، والوليمة هي: طعامٌ يُصنع للعُرس وغيره؛ إما لقدوم سفرٍ، وإما لأسبابٍ أخرى، أو لعقيقةٍ، أو لغيرها، يُقال له: وليمة، بعض أهل العلم يخصُّها بوليمة العُرس، والصواب أنها عامَّة، وليمة تكون للعرس، وغير العُرس.

والطعام يُصنع لدعوة الناس إليه، يقول النبي ﷺ: إذا دُعي أحدُكم إلى الوليمة فليُجِبْ، وفي اللفظ الآخر: عُرْسًا كان أو نحوه.

وفي الحديث الأول: أنَّ عبدالرحمن بن عوف أتى النبيَّ ﷺ وعليه أثر صُفْرةٍ، فقال النبيُّ ﷺ: ما هذا؟ قال: تزوَّجْتُ امرأةً، فقال له: ما أصدقتَها؟ قال: وزن نواةٍ من ذهبٍ.

فهذا يدل على التَّخفيف في المهور، وأن السنة عدم التَّكلف، فإن وزن نواة الذهب شيء قليل.

وفيه من الفوائد: الدعاء للمُتزوج، قال: بارك الله لك، وفي اللفظ الآخر: بارك الله لك، وعليك، وجمع بينكما في خيرٍ، يُدْعَى للمُتزوج بالبركة.

ويُستحب التَّخفيف، وعدم التَّكلف في المهور والولائم، السنة التَّسهيل والتيسير، وتقدَّم الحديث: التمس ولو خاتمًا من حديدٍ؛ لأنَّ هذا من أسباب كثرة الزواج، وقلَّة العزوبة والتَّعنس، ومن أسباب العفَّة للرجال والنساء.

فالمشروع للمسلمين جميعًا التَّسامح في المهور، وعدم التَّكلف في ولائم العرس، والسنة لمن دُعي أن يُجيب، إلا أن يكون هناك منكرٌ فلا مانع من التَّخلف، كالمنكر الظاهر، إلا أن يستطيع إزالته فليحضره ويزيله.

وفي الحديث الثالث: يقول ﷺ: شرُّ الطعام طعامُ الوليمة: يُدْعَى إليها مَن يأباها، ويُمنعها مَن يأتيها يعني: الفقراء الذين يُريدونها قد لا يُسمح لهم، ويُدعى إليها ناسٌ مُستغنون عنها، ما يريدون أن يأتوا.

ومَن لم يُجب الدَّعوة فقد عصى الله ورسوله يعني: مع كونها من شرِّ الطعام، لكن مَن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله، تُجاب الدعوة، فهذا يدل على وجوب الإجابة؛ لأنه قال: فقد عصى الله ورسوله، وهذا دليلٌ على وجوب الإجابة، لكن إن شاء طعم، وإن شاء ترك، فالواجب أن يُجيب كما في حديث أبي هريرة؛ إن كان صائمًا فليُصلِّ: فليدعُ، يقول له: جزاك الله خيرًا، وكثَّر الله خيرك، ويعتذر، يجيئهم ويقول لهم: سامحوني أنا صائم، ويدعو لهم، وإن كان مُفطرًا فالأفضل أن يطعم، وإذا اعتذر قال: أنا .....، ولكن سامحوني، ما لي رغبة في الطعام، فلا بأس؛ لحديث جابر: فإن شاء طعم، وإن شاء ترك، ولكن الأفضل أنه يأكل إن كان مُفطرًا، أما إن كان صائمًا فالأفضل أن يقول: سامحوني، أنا صائم، ويُصلي ويدعو لهم: "بارك الله لكم، كثَّر الله خيركم"، ونحو ذلك ويكفي.

أما الإجابة: فيُجيب، إلا أن يعتذر ويسمحوا له، إذا اعتذر إليهم وسمحوا فالحقُّ لهم، إذا سمحوا فلا بأس.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: ما حكم الوليمة؟

ج: الوليمة سنة كما يأتي إن شاء الله في الحديث الخامس عن ابن مسعودٍ.

س: قوله: ولو بشاةٍ، ولو هنا للتَّقليل؟

ج: يدل على أن السنة أن يُولم ولو بشاةٍ، يعني: معناه أن الزيادة عن الشاة أفضل، يعني: فيها دعوة الأقارب والجيران، وفيه مصلحة العُرس، وكونه يتوسع في الوليمة، ويدعو الجيران والأقارب طيب، لكن أقلّ شيء، ولو بشاةٍ، وإن أولم بغير الشاة كالحيس، كما أولم النبيُّ ﷺ على صفية بالحيس والتمر والسمن والأقط، فهذه وليمته في زواجه من صفية.

س: يتأكَّد فيها اللَّحم؟

ج: إن تيسر، وإلا فالحمد لله، لكن إن تيسر فأقلّه شاة، إن تيسر.

س: التَّطيب بالزعفران؟

ج: هذا للنساء.

س: وزواج عبدالرحمن بن عوف؟

ج: محتمل، قد يكون أنه للمرأة، أو قد يكون من شيءٍ مسَّه من ثيابها.

س: حكم إجابة الدَّاعي على الوجوب؟

ج: هذا الظاهر: مَن لم يُجب الدَّعوة فقد عصى الله ورسوله...

س: بطاقات الزواج يعني؟

ج: تجب الدَّعوة إلا أن يسمحوا، إذا قالوا: مسامحين، يُسامحونه.

س: عادة عفا الله عنك؟

ج: الحقُّ لهم، إذا أراد أن يستسمح وسامحوه ما في بأس.

س: عفا الله عنك، يقول: الإنسان عادة كعادة بين ...؟

ج: عليه أن يُجيب، فإن سامحوه ... وقال: سامحوني، مشغول، فلا بأس.

س: الوليمة قبل الدُّخلة أم بعدها؟

ج: يأتي بحثها إن شاء الله في الحديث الخامس.

س: تأخير الوليمة إلى آخر الليل بحيث تفوت صلاةُ الفجر، هل يكون عذرًا لعدم حضور الشخص؟

ج: ما هو ببعيدٍ؛ لأنَّ النبي ﷺ نهى عن السَّهر بعد العشاء، أو إن لم ينهَ عن السهر بعد العشاء، كره أن يسهر بعد العشاء عليه الصلاة والسلام، ليس ببعيدٍ أن يكون عذرًا، لكن أن تأكل بعد العشاء، فإذا كان يتأخَّر لا شكَّ أنه قد أوشك، أما إذا كان تروح بعد العشاء في النصف لعلَّ؛ لأنَّ العُرف هذا له شأنٌ، عُرف الناس ...

س: بعض القرى تكون فيها زيجات، ويحضر بعضُ العمال؟

ج: إذا سمحوا لهم فلا بأس، إذا جاءوا صرفوا لهم فلا بأس، هذا الطفيلي.

س: الصائم إذا دُعي متى يفضل له ترك صومه؟

ج: إذا كان فيه جبرٌ للمدعوين من أقارب، أو أصدقاء، أو أحبة، جبرًا لهم، إذا أفطر ... لا بأس، وإلا فالأفضل أن يُكمل صومه، ويدعو لهم؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه سلم قال: ومَن كان صائمًا فليُصَلِّ يعني: فليدع.

س: بعض الإخوان مثلًا يذهبون مع العالم للفائدة، وإذا جاء وقتُ العَشَاء خرج ... بدل ما هم ماشين، ما حكم هذا؟

ج: هم معزومون؟

س: لا، هم مع العالم ليستفيدوا يعني، علموا مثلًا أنَّ العالم هذا سيتوجَّه إلى المكان الفلاني، معزومًا، ويذهب بعضُ الإخوة معه، ويحضرون الكلمة، ثم ينصرفون، إذا وُضع الطعام انصرفوا؟

ج: نعم، يرجعوا، إلا إذا ألزموا عليهم يجلسون، وإلا ما يلزمون عليهم، معناه: أنهم لم يُدْعَوا، ولكن في مثل هذا أن يذهبوا معه ما هو مناسب؛ لأنه قد يستحي صاحبُ الوليمة ويدعوهم، قد يستحي، وقد يكون ما أعدَّ إلا شيئًا قليلًا.

س: مَن طعم طعام قومٍ بغير إذنهم فهو سارقٌ، صحيح، أحسن الله إليك؟

ج: ما بلغني، ما أعرفه.

س: قوله: شرُّ الطعام؟

ج: هذا إذا كان بذلك الوصف؛ لأنه يُدْعَى إليها مَن يأباها، ويُمنعها مَن يأتيها من الفقراء، أما إذا كان ما يُمنعها مَن يأتي لا ...

س: قوله: بارك الله لك، أو بارك الله لك، وبارك عليك؟

ج: كله طيب، بارك الله لك هذا أخصرها، وإن كمل فهو أفضل كما في الحديث: كان إذا برَّك يقول: بارك الله لك، وعليك، وجمع بينكما في خيرٍ، كان النبيُّ يدعو للمُتزوج بهذا.

س: بعضهم أحسن الله عملك يقول: بالرفاء والبنين؟

ج: هذه جاهلية، هذه جاهلية، السنة أن يقول: بارك الله لك، وعليك، وجمع بينكما في خير، وإذا اختصر قال: بارك الله لك مثل حديث عبدالرحمن، فلا باس، لكن في حديث أبي هريرة: كان النبيُّ إذا تزوج إنسانًا قال له: بارك الله لك، وعليك، وجمع بينكما في خيرٍ.

س: أن يقول له: بالرفاء والبنين؟

ج: هذه من سنة الجاهلية.

س: في إجابة الدَّعوة يجب أن يطعم من الأكل؟

ج: لا، فقط يُجيب الدعوة ويحضر، ثم يعتذر ويقول: سامحوني، وإن أكل فهو أفضل.

س: لو ما كان صائمًا؟

ج: لو ما أنت صائم؛ لأنه قد يكون ما يشتهي الطعام، فالأكل إذا طعمه هو أفضل، إذا تيسر يأكل فهو أفضل؛ جبرًا لهم.

س: الحاسد هل يُستجاب لدعوته؟

ج: الله أعلم، هذا بيد الله.

س: يتأذَّى إذا ذهب إليه؟

سائلٌ آخر: إذا دُعي إليها الأشرارُ، يجب عدم حضور الوليمة؟

ج: إن كان فيها منكر الظاهر لا تحضر، إذا كان فيها منكر: آلات الملاهي، أو شرب الخمر لا تحضر، أما إذا كانوا مستورين ... تُجب الدَّعوة، ولا يضرّك إن شاء الله؛ لأنَّ الولائم تجمع مَن هبَّ ودبَّ.

س: بعض الناس إذا دُعي يأتي معه باثنين، ثلاثة من الذين يعرفهم؟