الحاصل أن الواجب على أهل العلم وعلى أهل الإيمان وعلى أعيان الأمة التكاتف في هذه الأمور، والعناية بتخفيف هذه الولائم، والإسراف لا يجوز، والتبذير لا يجوز، بل يجب الاقتصاد في هذه الأمور، وأن يجعل من الوليمة ما يناسب المقام، ولا يتكلف تكلفًا يفضي إلى تعطيل النساء والرجال، وإلى توقف الكثير من الشباب عن الزواج؛ لأنه لا يملك هذا المهر ولا يملك هذه التكاليف.
وقد سمعتم قصة عبد الرحمن بن عوف وأنه أصدق زوجته وزن نواة من ذهب فأقره النبي ﷺ على هذا وقال: بارك الله لك، أولم ولو بشاة، ولما قدم بعض الناس مالًا أكثر من هذا عدة أواقي أنكر عليه النبي ﷺ وقال: كأنكم تقطعون الفضة من عرض هذا الجبل، المقصود أن الرسول حث على الاقتصاد والتخفيف وعدم المغالاة.
وعمر نهى عن ذلك رضي الله عنه وأرضاه، وهكذا أهل الخير والصلاح والبصيرة يحثون على الاقتصاد في الولائم وفي المهور حسب الإمكان حتى يتسع المقام لكثرة الزواج، وحتى يقدم الشباب على الزواج، وحتى لا تبقى الفتيات في البيوت بأسباب التكلف والمفاخرة والتنافس والمغالاة.
وينبغي لأولياء النساء أن يتحملوا ما في هذا من المشقة، وألا يطيعوا النساء مهما كانت الحال لكن مع الحكمة ومع التحمل ومع البعد عن الطلاق، بل يتحمل ويتكلم معها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ويجتهد في إقناعها بما يتيسر له من الإقناع، ثم يقدم على التخفيف والتيسير في المهر وفي المؤنة والوليمة، وكان كثير من الأخيار يقدم المال للزوج من أي طريق يعينه على الزواج، يقدمه من الطرق المناسبة حتى يستعين به الخاطب على الزواج ويخبره بأنه لا حاجة إلى كذا ولا إلى كذا حتى يطمئن.