وكلما كثر العلم الشرعي والحلقات العلمية وحضور مجالس الذكر كثر البر وحصلت البصيرة للأولاد والآباء وغيرهم، وبهذه المناسبة فإني أوصي الحاضرين بالعناية بحلقات العلم، والحرص على حضورها أينما كانت في قريب أو بعيد، ولاسيما هذه الحلقة في ليلة الجمعة في هذا المسجد، فإنها ندوات عظيمة الفائدة، ومحاضرات جيدة أيضا مفيدة، فأنا أوصي الحاضرين وغيرهم ممن يبلغهم هذا الكلام أوصيهم أن يحضروا مثل هذه الندوات ولو بالسفر إليها من الخرج أو الحوطة أو الإحساء أو غير ذلك، فالوسائل بحمد الله ميسرة الطائرات والسيارات والقطارات وكل شيء ميسر بحمد الله، فلو سافر الإنسان إلى مسافة مائة كيلو وأكثر وأقل لطلب العلم فهو سفر مبارك ونفقات مخلوفة في هذا السبيل ليسمع ويستفيد، ولا يقول: أنا عندي علم، فالعلم يزيد وينقص، والعلم يذكر وينسى، فهذه الندوات وأشباهها تذكر بالعلم الموجود لديك، وتزيدك علمًا أنت لا تعلمه وتستفيد، وربما كان ذلك من أسباب إعانتك لغيرك وتوجيهك لغيرك من أهل بيتك وغيرهم، فيحصل لك بذلك أجور عظيمة، ويحصل لك بذلك مثل أجور من هداهم الله على يديك.
وأوصيكم -أيها الإخوة- أيضًا أن تبلغوا من وراءكم، أن تبلغوا الفائدة لمن وراءكم، وأن تشجعوا من وراءكم على حضور ندوات العلم أينما كانت، تكونوا دعاة خير ورسل خير، كان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يذكر الناس كثيرًا، وينصحهم كثيرًا، ويقول في آخر نصيحته وتذكيره: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، يعني أفقه وأفهم من سامع، وفي اللفظ الآخر يقول: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وهذا واقع، فأنا أكرر على إخواني الحاضرين أن يعنوا بحلقات العلم أينما كانت، وأن يحرصوا على حضورها، وألا يشغلوا عنها بالدعوات التي لا فائدة فيها، أو اجتماعات لا فائدة فيها أو تضر، وأن يقدموها على غيرها، وأن يفرغوا لها هذا الوقت ولا يشتغلوا عنها بشيء آخر، وهذا لا يخص هذه الندوة، بل المقصود أي حلقة من حلقات العلم الشرعي لأهل العلم في أي مكان وفي أي وقت وفي أي بلد، ينبغي لمن كان حولها أو يستطيع الوصول إليها أن يسعى لذلك، وأن يحضر حلقات العلم ولو كان شيبة كبيرًا يتحمل ويجتهد حتى يحضر العلم، وأما الشباب فلا عذر لهم لما أعطاهم الله من القوة والقدرة، فينبغي لهم أن يحضروا العلم وأن يستفيدوا وأن يفيدوا من وراءهم من أهل وجيران وأصحاب وإخوة، يفيدوهم ما سمعوا، يعلموهم ما جهلوا، يحرضوهم على حضور حلقات العلم، ومجالس العلم أينما كانوا.