فالأمر عظيم، فما أولى المسلمين بالمبادرة إلى التوبة والمسارعة إليها ولزومها رجاء أن يكفر الله بها الخطايا، ويحط بها السيئات، وما أوجبها على كل صاحب ذنب، وهي على الكفار أوجب، فإن ذنبهم أعظم، فالواجب عليهم أن يبادروا بالتوبة والإسلام أينما كانوا من يهودية ونصرانية وغير ذلك، الواجب على جميع الكفار أن يبادروا بالإسلام، وأن يبادروا بالتوبة مما هم عليه من الباطل والكفر، وأن يسارعوا إلى توحيد الله والإخلاص له، ومتابعة نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الطريق للسعادة والنجاة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بأنه مسلم وأنه موحد، فإن المعاصي خطرها عظيم فقد تفضي به إلى الردة، فالمعاصي بريد الكفر كما أن الأمراض بريد الموت، فالمعاصي قد تفضي بأهلها إلى الكفر بالله، فلا ينبغي لعاقل أن يتهاون بها ويحتقرها، قد جاء في الحديث: إياكم ومحقرات الذنوب، فكيف بالكبائر، فالواجب الحذر من الذنوب واستعظامها والبدار بالتوبة إلى الله منها.
وأعظم ذلك وأكبره ما يتعلق بالكفر، فإن الكفر أعظم الذنوب وأخطرها، وقد سمعتم في كلام المشايخ أشياء من هذا النمط من ذلك الاستهزاء بالصلاة أو جحد وجوبها، فإن هذا ردة عن الإسلام، من جحد وجوب الصلاة أو وجوب صوم رمضان وقال: لا يجب ولو قال: الصيام حسن وطيب، أو قال: الصلاة حسنة ولكن ما هي بواجبة، هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله، وهكذا لو قال: الزكاة غير واجبة، ولو قال: الزكاة حسنة لكن إذا قال: غير واجبة ولو كان عنده النصاب الذي لا خلاف فيه، فإن هذا ردة عن الإسلام، وجحد لما أوجب الله مما أجمع عليه المسلمون، أو قال إن الحج مع الاستطاعة غير واجب، أو قال: إن العقوق جائز، أو إن الزنا حلال، أو قال: إن الخمر حلال، ولو استحسن تركها فإنه يكون ردة عن الإسلام نعوذ بالله، تحبط به الأعمال، قال جل وعلا: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65].
فاستحلال الحرام وتحريم الحلال المعروف من الدين بالضرورة كله ردة عن الإسلام نعوذ بالله يجب التنبيه عليه، فإذا نبه ثم أصر على إحلال الحرام من الزنا والخمر ونحو ذلك أو أصر على تحريم الحلال من بهيمة الإنعام أو من الألبان والمياه والتمور ونحو ذلك صار ردة عن الإسلام نعوذ بالله.