من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم رئيس تحرير جريدة عرب نيوز، وفقه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم عدد يوم الجمعة الموافق 24/2/1984م صفحة 7 في الصفحة المخصصة للديانة جواب السؤال التالي الذي وردكم من س. ر. خان ص. ب. 7125 جدة، وهذا نص السؤال: (ما حكم الإسلام عن اللحية والشارب؟ هل يوجد عقاب معين بعد الوفاة للذي يحلق اللحية؟ هل حالق اللحية يفقد ثواب عبادته والأعمال الصالحة التي يأتي بها في حياته؟).
فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة قاصرًا وليس وافيًا بالمطلوب، والجواب الصحيح أن يقال: إن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض من الشارع ﷺ حيث قال فيما صح عنه: قصوا الشوارب واعفوا اللحى، خالفوا المشركين متفق على صحته.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها، وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب، ولم يرد في ذلك عقوبة معينة، ولكن الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله-ﷺ، وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله، ولو لم يرد في ذلك عقاب معين. ويجوز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود؛ ردعًا للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده.
وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي، إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي، ومن جملة ذلك حلق اللحى وإطالة الشوارب. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116] وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع.
وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها، ولكنها تنقص الإيمان وتضعفه، وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي، كما قال الله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنََ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[1].
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم عدد يوم الجمعة الموافق 24/2/1984م صفحة 7 في الصفحة المخصصة للديانة جواب السؤال التالي الذي وردكم من س. ر. خان ص. ب. 7125 جدة، وهذا نص السؤال: (ما حكم الإسلام عن اللحية والشارب؟ هل يوجد عقاب معين بعد الوفاة للذي يحلق اللحية؟ هل حالق اللحية يفقد ثواب عبادته والأعمال الصالحة التي يأتي بها في حياته؟).
فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة قاصرًا وليس وافيًا بالمطلوب، والجواب الصحيح أن يقال: إن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض من الشارع ﷺ حيث قال فيما صح عنه: قصوا الشوارب واعفوا اللحى، خالفوا المشركين متفق على صحته.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها، وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب، ولم يرد في ذلك عقوبة معينة، ولكن الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله-ﷺ، وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله، ولو لم يرد في ذلك عقاب معين. ويجوز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود؛ ردعًا للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده.
وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي، إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي، ومن جملة ذلك حلق اللحى وإطالة الشوارب. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116] وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع.
وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها، ولكنها تنقص الإيمان وتضعفه، وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي، كما قال الله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنََ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[1].
- [-نشرت في جريدة عرب نيوز في عام 1404] (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 3/ 366).