الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] وقال تعالى: إِنََّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19] وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
والإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، ولقد كان الشرك عقيدة العرب قبل ظهور دعوة محمد ﷺ، روى البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به.
أما حال الأمم عامة قبل ظهور دعوته ﷺ، فقد بينها القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها قوله عز وجل: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] الآية. وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّاا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
وقوله سبحانه: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف:27، 28] إلى قوله سبحانه: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30].
وقال عز وجل: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَاا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، ودلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، وما ذكره كتاب السيرة النبوية والمؤرخون والثقات بأحوال الأمم: أن أهل الأرض قد تنوع شركهم قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام، فمنهم من يعبد الأصنام والأوثان، ومنهم من يعبد أصحاب القبور، ومنهم من يعبد الشمس والقمر. والكواكب، ومنهم من يعبد غير ذلك، فدعاهم رسول الله ﷺ إلى أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوا ما هم عليه وآباؤهم من الباطل، كما قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]
وقال سبحانه كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1] وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45، 46] وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِيي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] الآية والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقد أوضح سبحانه في آيات كثيرات أن هؤلاء المشركين كانوا مع شركهم وكفرهم يعترفون بأن الله خالقهم، ورازقهم، وإنما عبدوا غيره على أنه واسطة بينهم وبين الله كما سبق في قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] وما جاء في معناه من الآيات، ومن ذلك قوله سبحانه: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس:31] وقوله سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف:78] وغيرها من آيات كثيرات صريحة في هذا المعنى.
فجاءت بعثة سيدنا محمد ﷺ بدين الإسلام الخاتم ليس للعرب وحدهم، بل وللناس كافة، جاءت في وقت البشرية جمعاء بأمس الحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور.
وهذا الدين العظيم وهو الإسلام يقوم على أسس وقواعد خمس: وهي أركانه، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجج البيت.
فالشهادتان أول أركان الإسلام وأهمها، وهذه الكلمة العظيمة ليست عبادة تنطق باللسان فحسب، وإن كان بهما يصبح مسلما ظاهرا، بل الواجب العمل بمدلولهما، ويتضمن ذلك إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة.
كما يقتضي مدلولهما محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله ﷺ، وهذه المحبة تقتضي عبادة الله وحده وتعظيمه وإتباع سنة نبيه، كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] كما أن من مدلولهما طاعة رسول الله فيما أمر به قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وجاء في الحديث المتفق على صحته: ثلاث من كنن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما الحديث وقوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
أما الركن الثاني: فهو إقامة الصلاة: فهي أهم الأركان بعد الشهادتين إذ هي عمود الدين وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله: صلاته، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وهي عبادة تؤدى في وقتها المحدد، قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةََ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103] وأمرنا الله سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها فقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] وقد توعد الله سبحانه وتعالى من يتهاون بها ويؤخرها عن وقتها قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] والصلاة هي العلامة المميزة بين الإسلام والكفر والشرك. روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وفي حديث بريدة رضي الله عنه: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
والواجب أن تؤدى الصلاة جماعة في المسجد لما لها من الفضل العظيم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: الصلاة جماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة متفق عليه. ولقد هم رسول الله ﷺ بتحريق البيوت على رجال يتخلفون عن صلاة الجماعة. في حديث متفق عليه، وقال النبي ﷺ: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر خرجه ابن ماجة والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح. وذلك يدل على عظم شأن أدائها في الجماعة.
وهذه الصلاة من تمامها وشرط قبولها عند الله سبحانه وتعالى الخشوع والاطمئنان فيها، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1، 2] وأمر النبي ﷺ من لم يطمئن في صلاته أن يعيدها. والصلاة مظهر من مظاهر المساواة والأخوة والانتظام، وتوحيد وجهتهم إلى الكعبة المشرفة قبلتهم. وفي الصلاة راحة للمؤمن وقرة عين، كما قال عليه الصلاة والسلام: وجعلت قرة عيني في الصلاة وكان ﷺ إذا حزبه أمر فزع إليها، لقوله تعالى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [البقرة:153] وكان يقول لبلال: يا بلال أرحنا بها. لأن المسلم إذا وقف للصلاة إنما يقف أمام خالقه سبحانه وتعالى: فيستريح قلبه، وتطمئن نفسه، وتخشع جوارحه، وتقر عينه بربه ومولاه عز وجل.
والركن الثالث: إيتاء الزكاة: وهي فريضة اجتماعية سامية، تشعر المؤمن بسمو أهداف الإسلام: من عطف ورحمة وحب وتعاون بين المسلمين، وليس لواحد منة أو فضل فيما يقدمه من مال، إنما هو حق واجب، ولأنه في الحقيقة مال الله الذي استخلفه فيه، قال تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] وقال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُواا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7] ولقد قرنت الزكاة بالصلاة في آيات كثيرة ولأهميتها قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعض قبائل العرب عندما منعوا زكاة أموالهم، وقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، وتابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.
ولقد توعد الله سبحانه وتعالى من بخل عن الإنفاق، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] وتجب الزكاة على المسلم إذا بلغ ماله نصابا من أي نوع من أنواع المال الزكوي إذا حال عليه الحول، ما عدا الحبوب والثمار فإن الزكاة تجب فيها عند نضجها وتمام استوائها، وإن لم يحل عليها الحول. وتعطى لمستحقيها كما وردت أصنافهم في القرآن الكريم في سورة التوبة، قال تعالى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ [التوبة:60]
الركن الرابع: صوم رمضان: لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] وفي الصوم يتدرب المسلم على كبح جماح نفسه عن الملذات والشهوات المباحة لمدة من الزمن، وله فوائد صحية علاوة على الفوائد الروحية، وفيه يشعر المسلم بحاجة أخيه المسلم الجائع والذي قد تمر عليه الأيام دون طعام أو شراب، كما يحصل الآن لبعض إخواننا في أفريقيا.
وشهر رمضان أفضل الشهور، وقد أنزل الله فيه القرآن الكريم قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] وفيه ليلة خير من ألف شهر قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3] والصائم يغفر له ما تقدم من ذنبه إذا كان صومه إيمانا واحتسابا، كما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه.
والواجب على الصائم أن يحفظ صيامه باجتناب الغيبة والنميمة والكذب والاستماع إلى الملاهي، والحذر من سائر المحرمات، ويسن له الإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله والصدقة والاجتهاد في العبادة وخاصة في العشر الأواخر.
أما الركن الخامس: فهو حج البيت الحرام: قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] وفرض الحج مرة واحدة في العمر، وكذلك العمرة، ويجبان على المسلم العاقل البالغ الحر المستطيع، ويصحان من الصبي ولكن لا يسقط عنه بذلك فرضهما إذا بلغ واستطاع، والمرأة التي ليس لديها محرم يرافقها في الحج والعمرة يسقطان عنها لصحة الأحاديث عن رسول الله ﷺ بالنهي عن سفر المرأة دون محرم، والحج مؤتمر إسلامي يلتقي فيه المسلمون حيث يأتون إليه من كل فج عميق ومن سائر أرجاء الدنيا من جنسيات وألوان ولغات، يلبسون لباسا واحدا، يقفون على صعيد واحد، والجميع يؤدون عبادة واحدة لا فرق بين كبير وصغير ولا غني وفقير ولا أسود وأبيض، سواسية، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وفي الصحيح عنه ﷺ أنه قال: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدتهه أمه.
وللإسلام ركائز أخرى وإن لم تكن من الأركان لكنها تعين على وجوده حيا مطبقا في واقع المسلمين، منها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقد وصف سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها خير أمة أخرجت للناس، لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] قال بعض السلف: من أراد أن يكون من خير هذه الأمة فليؤد شرطها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجانب آخر مهم في الإسلام يجب أن يهتم به المسلمون وهو: الجهاد في سبيل الله لما يترتب عليه من عز المسلمين وإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين من عدوان الكافرين، ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله
وفي المسند وجامع الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة خطبها بعدما بايعه المسلمون (لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل) ففي الجهاد إحقاق للحق وإزهاق للباطل وإقامة لشرع الله وحماية للمسلمين وأوطانهم من مكايد أعدائهم.
ودين الإسلام هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهو دعوة الأنبياء والرسل من قبل، فكل نبي يدعو قومة إليه ليكونوا مسلمين، كما قال سبحانه في كتابه العظيم عن أبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:130-132]
لذلك عندما استقر نبينا محمد ﷺ في المدينة أرسل إلى ملوك الأرض في زمانه يدعوهم إلى دين الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ولقد بين ربعي بن عامر رضي الله عنه بكلمات قلائل عندما سأله رستم قائد الفرس ما أنتم فأجابه بقوله: (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام).
جاء واليهود والنصارى على طرفي نقيض، فاليهود عرف عنهم التفريط في حق أنبيائهم فقتلوا بعضهم ووصفوا آخرين بما لا يليق مع عامة الناس فكيف بخير خلق الله المعصومين، والنصارى غلت في عيسى وزعموا أن الله تعالى ثالث ثلاثة.
وجاء الإسلام ليحق الحق ويبطل الباطل فكان وسطا عدلا لا إفراط ولا تفريط كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] وقال عز وجل ناهيا ومحذرا أهل الكتاب عن الغلو، ومحذرا لهذه الأمة من سلوك مسلكهم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [النساء:171] وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد اللهه ورسوله وصح عنه ﷺ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فيي الدين.
وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ورواه الحافظ الخرائطي بإسناد جيد: بلفظ: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وفي الختام: وما نلاحظه اليوم من دخول الناس أفواجا من الكفرة والمشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، إنما هو دلالة على فشل الديانات والفلسفات الأخرى في إيجاد الطمأنينة والراحة والسعادة للناس، والواجب على المسلمين وخاصة الدعاة أن ينشطوا بين هذه الأمم لدعوتهم إلى دين الله، ولا ننسى قبل القيام بذلك أن نتمثل الإسلام فينا علما وسلوكا، فالبشرية بحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]
أسأل الله أن يجعلنا دعاة خير، وأن يبصرنا بديننا، وأن يوفقنا إلى الدعوة إليه على بصيرة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم[1].
أما بعد: فقد قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] وقال تعالى: إِنََّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19] وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
والإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، ولقد كان الشرك عقيدة العرب قبل ظهور دعوة محمد ﷺ، روى البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به.
أما حال الأمم عامة قبل ظهور دعوته ﷺ، فقد بينها القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها قوله عز وجل: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] الآية. وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّاا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
وقوله سبحانه: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف:27، 28] إلى قوله سبحانه: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30].
وقال عز وجل: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَاا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، ودلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، وما ذكره كتاب السيرة النبوية والمؤرخون والثقات بأحوال الأمم: أن أهل الأرض قد تنوع شركهم قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام، فمنهم من يعبد الأصنام والأوثان، ومنهم من يعبد أصحاب القبور، ومنهم من يعبد الشمس والقمر. والكواكب، ومنهم من يعبد غير ذلك، فدعاهم رسول الله ﷺ إلى أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوا ما هم عليه وآباؤهم من الباطل، كما قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]
وقال سبحانه كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1] وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45، 46] وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِيي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] الآية والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقد أوضح سبحانه في آيات كثيرات أن هؤلاء المشركين كانوا مع شركهم وكفرهم يعترفون بأن الله خالقهم، ورازقهم، وإنما عبدوا غيره على أنه واسطة بينهم وبين الله كما سبق في قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] وما جاء في معناه من الآيات، ومن ذلك قوله سبحانه: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس:31] وقوله سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف:78] وغيرها من آيات كثيرات صريحة في هذا المعنى.
فجاءت بعثة سيدنا محمد ﷺ بدين الإسلام الخاتم ليس للعرب وحدهم، بل وللناس كافة، جاءت في وقت البشرية جمعاء بأمس الحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور.
وهذا الدين العظيم وهو الإسلام يقوم على أسس وقواعد خمس: وهي أركانه، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجج البيت.
فالشهادتان أول أركان الإسلام وأهمها، وهذه الكلمة العظيمة ليست عبادة تنطق باللسان فحسب، وإن كان بهما يصبح مسلما ظاهرا، بل الواجب العمل بمدلولهما، ويتضمن ذلك إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة.
كما يقتضي مدلولهما محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله ﷺ، وهذه المحبة تقتضي عبادة الله وحده وتعظيمه وإتباع سنة نبيه، كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] كما أن من مدلولهما طاعة رسول الله فيما أمر به قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وجاء في الحديث المتفق على صحته: ثلاث من كنن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما الحديث وقوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
أما الركن الثاني: فهو إقامة الصلاة: فهي أهم الأركان بعد الشهادتين إذ هي عمود الدين وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله: صلاته، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وهي عبادة تؤدى في وقتها المحدد، قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةََ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103] وأمرنا الله سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها فقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] وقد توعد الله سبحانه وتعالى من يتهاون بها ويؤخرها عن وقتها قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] والصلاة هي العلامة المميزة بين الإسلام والكفر والشرك. روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وفي حديث بريدة رضي الله عنه: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
والواجب أن تؤدى الصلاة جماعة في المسجد لما لها من الفضل العظيم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: الصلاة جماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة متفق عليه. ولقد هم رسول الله ﷺ بتحريق البيوت على رجال يتخلفون عن صلاة الجماعة. في حديث متفق عليه، وقال النبي ﷺ: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر خرجه ابن ماجة والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح. وذلك يدل على عظم شأن أدائها في الجماعة.
وهذه الصلاة من تمامها وشرط قبولها عند الله سبحانه وتعالى الخشوع والاطمئنان فيها، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1، 2] وأمر النبي ﷺ من لم يطمئن في صلاته أن يعيدها. والصلاة مظهر من مظاهر المساواة والأخوة والانتظام، وتوحيد وجهتهم إلى الكعبة المشرفة قبلتهم. وفي الصلاة راحة للمؤمن وقرة عين، كما قال عليه الصلاة والسلام: وجعلت قرة عيني في الصلاة وكان ﷺ إذا حزبه أمر فزع إليها، لقوله تعالى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [البقرة:153] وكان يقول لبلال: يا بلال أرحنا بها. لأن المسلم إذا وقف للصلاة إنما يقف أمام خالقه سبحانه وتعالى: فيستريح قلبه، وتطمئن نفسه، وتخشع جوارحه، وتقر عينه بربه ومولاه عز وجل.
والركن الثالث: إيتاء الزكاة: وهي فريضة اجتماعية سامية، تشعر المؤمن بسمو أهداف الإسلام: من عطف ورحمة وحب وتعاون بين المسلمين، وليس لواحد منة أو فضل فيما يقدمه من مال، إنما هو حق واجب، ولأنه في الحقيقة مال الله الذي استخلفه فيه، قال تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] وقال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُواا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7] ولقد قرنت الزكاة بالصلاة في آيات كثيرة ولأهميتها قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعض قبائل العرب عندما منعوا زكاة أموالهم، وقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، وتابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.
ولقد توعد الله سبحانه وتعالى من بخل عن الإنفاق، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] وتجب الزكاة على المسلم إذا بلغ ماله نصابا من أي نوع من أنواع المال الزكوي إذا حال عليه الحول، ما عدا الحبوب والثمار فإن الزكاة تجب فيها عند نضجها وتمام استوائها، وإن لم يحل عليها الحول. وتعطى لمستحقيها كما وردت أصنافهم في القرآن الكريم في سورة التوبة، قال تعالى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ [التوبة:60]
الركن الرابع: صوم رمضان: لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] وفي الصوم يتدرب المسلم على كبح جماح نفسه عن الملذات والشهوات المباحة لمدة من الزمن، وله فوائد صحية علاوة على الفوائد الروحية، وفيه يشعر المسلم بحاجة أخيه المسلم الجائع والذي قد تمر عليه الأيام دون طعام أو شراب، كما يحصل الآن لبعض إخواننا في أفريقيا.
وشهر رمضان أفضل الشهور، وقد أنزل الله فيه القرآن الكريم قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] وفيه ليلة خير من ألف شهر قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3] والصائم يغفر له ما تقدم من ذنبه إذا كان صومه إيمانا واحتسابا، كما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه.
والواجب على الصائم أن يحفظ صيامه باجتناب الغيبة والنميمة والكذب والاستماع إلى الملاهي، والحذر من سائر المحرمات، ويسن له الإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله والصدقة والاجتهاد في العبادة وخاصة في العشر الأواخر.
أما الركن الخامس: فهو حج البيت الحرام: قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] وفرض الحج مرة واحدة في العمر، وكذلك العمرة، ويجبان على المسلم العاقل البالغ الحر المستطيع، ويصحان من الصبي ولكن لا يسقط عنه بذلك فرضهما إذا بلغ واستطاع، والمرأة التي ليس لديها محرم يرافقها في الحج والعمرة يسقطان عنها لصحة الأحاديث عن رسول الله ﷺ بالنهي عن سفر المرأة دون محرم، والحج مؤتمر إسلامي يلتقي فيه المسلمون حيث يأتون إليه من كل فج عميق ومن سائر أرجاء الدنيا من جنسيات وألوان ولغات، يلبسون لباسا واحدا، يقفون على صعيد واحد، والجميع يؤدون عبادة واحدة لا فرق بين كبير وصغير ولا غني وفقير ولا أسود وأبيض، سواسية، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وفي الصحيح عنه ﷺ أنه قال: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدتهه أمه.
وللإسلام ركائز أخرى وإن لم تكن من الأركان لكنها تعين على وجوده حيا مطبقا في واقع المسلمين، منها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقد وصف سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها خير أمة أخرجت للناس، لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] قال بعض السلف: من أراد أن يكون من خير هذه الأمة فليؤد شرطها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجانب آخر مهم في الإسلام يجب أن يهتم به المسلمون وهو: الجهاد في سبيل الله لما يترتب عليه من عز المسلمين وإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين من عدوان الكافرين، ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله
وفي المسند وجامع الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة خطبها بعدما بايعه المسلمون (لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل) ففي الجهاد إحقاق للحق وإزهاق للباطل وإقامة لشرع الله وحماية للمسلمين وأوطانهم من مكايد أعدائهم.
ودين الإسلام هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهو دعوة الأنبياء والرسل من قبل، فكل نبي يدعو قومة إليه ليكونوا مسلمين، كما قال سبحانه في كتابه العظيم عن أبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:130-132]
بعث الله نبيه محمدا ﷺ بهذا الدين العظيم، وأهل الكتاب من يهود ونصارى في جهل وضلال بعد أن حرفوا وبدلوا في التوراة والإنجيل ولعبت الأهواء بهم
ولقد بعث الله نبيه محمدا ﷺ بهذا الدين العظيم، وأهل الكتاب من يهود ونصارى في جهل وضلال بعد أن حرفوا وبدلوا في التوراة والإنجيل ولعبت الأهواء بهم، فأصبح اليهود والنصارى في صف كفار قريش في النيل من محمد ﷺ ودعوته وخاصة اليهود مع أنهم يعرفونه تمام المعرفة من خلال كتبهم وأنهم مطالبون بإتباعه والإيمان بدعوته كما قال سبحانه: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: والذي نفس محمد بيدهه لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.لذلك عندما استقر نبينا محمد ﷺ في المدينة أرسل إلى ملوك الأرض في زمانه يدعوهم إلى دين الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ولقد بين ربعي بن عامر رضي الله عنه بكلمات قلائل عندما سأله رستم قائد الفرس ما أنتم فأجابه بقوله: (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام).
هذا الدين الخاتم جاء ليضع الأمور في نصابها ويوجه الناس الوجهة الصحيحة: من توحيد الله، والتصديق بأنبيائه ورسله والإيمان بهم، والدعوة إلى ما دعوا إليه من توحيد الله وإسلام الوجه له
وهذا الدين الخاتم جاء ليضع الأمور في نصابها ويوجه الناس الوجهة الصحيحة: من توحيد الله، والتصديق بأنبيائه ورسله والإيمان بهم، والدعوة إلى ما دعوا إليه من توحيد الله وإسلام الوجه له.جاء واليهود والنصارى على طرفي نقيض، فاليهود عرف عنهم التفريط في حق أنبيائهم فقتلوا بعضهم ووصفوا آخرين بما لا يليق مع عامة الناس فكيف بخير خلق الله المعصومين، والنصارى غلت في عيسى وزعموا أن الله تعالى ثالث ثلاثة.
وجاء الإسلام ليحق الحق ويبطل الباطل فكان وسطا عدلا لا إفراط ولا تفريط كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] وقال عز وجل ناهيا ومحذرا أهل الكتاب عن الغلو، ومحذرا لهذه الأمة من سلوك مسلكهم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [النساء:171] وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد اللهه ورسوله وصح عنه ﷺ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فيي الدين.
محاسن دين الإسلام كثيرة جدا لا تحصى وكيف لا وهو دين الله الذي يعلم كل شيء، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وهو الحكيم العليم في كل ما يقدره ويقضيه وفي كل ما يشرعه لعباده
ومحاسن دين الإسلام كثيرة جدا لا تحصى وكيف لا وهو دين الله الذي يعلم كل شيء، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وهو الحكيم العليم في كل ما يقدره ويقضيه وفي كل ما يشرعه لعباده، فلا خير إلا دعى إليه رسولنا عليه الصلاة والسلام ودل أمته عليه، ولا شر إلا حذرهم منه، كما في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم.وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ورواه الحافظ الخرائطي بإسناد جيد: بلفظ: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وفي الختام: وما نلاحظه اليوم من دخول الناس أفواجا من الكفرة والمشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، إنما هو دلالة على فشل الديانات والفلسفات الأخرى في إيجاد الطمأنينة والراحة والسعادة للناس، والواجب على المسلمين وخاصة الدعاة أن ينشطوا بين هذه الأمم لدعوتهم إلى دين الله، ولا ننسى قبل القيام بذلك أن نتمثل الإسلام فينا علما وسلوكا، فالبشرية بحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]
أسأل الله أن يجعلنا دعاة خير، وأن يبصرنا بديننا، وأن يوفقنا إلى الدعوة إليه على بصيرة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم[1].
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (2/ 203).