بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن حكم زكاة الحلي من الذهب والفضة وما ورد في ذلك من الأدلة، ولتعميم الفائدة أجبت بما يلي والله الموفق والهادي إلى الصواب:
لا ريب أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقد دل الكتاب والسنة على وجوب رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ عملاً بقوله تعالى: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].
وإذا رددنا هذه المسألة إلى الكتاب والسنة وجدناهما يدلان دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة، وإن كان هذا للاستعمال أو العارية؛ سواء كانت قلائد أو أسورة أو خواتيم أو غيرها من أنواع الذهب والفضة، ومثل ذلك ما تحلى به السيوف والخناجر من الذهب والفضة إذا كان الموجود من ذلك نصاباً، أو كان عند مالكه من الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب، وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه المسألة، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35].
ومن السنة المطهرة ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله ﷺ أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[1].
فهذان النصان العظيمان من الكتاب والسنة يعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في ذلك أنواع الحلي من الذهب والفضة، ومن استثنى شيئاً فعليه الدليل المخصص لهذا العموم لو لم يرد إلا العموم في هذه المسألة، فكيف وقد ورد في هذه المسألة بعينها أحاديث صحيحة دالة على وجوب الزكاة في الحلي، منها ما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن امرأة دخلت على النبي ﷺ وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي ﷺ: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله[2]، قال الحافظ ابن القطان: إسناده صحيح.
وخرج أبو داود بإسناد جيد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ما بلغ أن تؤدَّى زكاته فزكي فليس بكنز[3].
ففي هذا الحديث فائدتان جليلتان:
إحداهما: اشتراط النصاب وأن ما لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه، ولا يدخل في الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
والفائدة الثانية: أن كل مال وجبت فيه الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
وفيه أيضاً فائدة ثالثة، وهي المقصود من ذكره وهي الدالة على وجوب الزكاة في الحلي؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سألت عن ذلك كما هو صريح الحديث.
ومن ذلك ما ثبت في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ رأى عليها فتخات من فضة فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، فقال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار[4].
ففي هذه النصوص الدلالة الظاهرة على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة، وإن أعدت للاستعمال أو العارية؛ لأن الرسول ﷺ أنكر على عائشة والمرأة المذكورة في حديث عبدالله بن عمرو ترك زكاة حليهما وهما مستعملتان له، ولم يستثن ﷺ من الحلي شيئاً لا المستعار ولا غيره، فوجب الأخذ بصريح النص وعمومه، ولا يجوز أن تخصص النصوص إلا بنص ثابت يقتضي التخصيص.
وأما ما يروى عن النبي ﷺ أنه قال: ليس في الحلي زكاة[5] فهو حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ولا يقوى على معارضة أو تخصيص هذه النصوص المتقدم ذكرها، بل قال الحافظ البيهقي: (إنه حديث باطل لا أصل له) نقل عنه ذلك الحافظ الزيلعي في نصب الراية، والحافظ ابن حجر في التلخيص.
ولتكميل الفائدة نوضح للقارئ نصاب الذهب والفضة حتى يكون على بصيرة فنقول: أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة للذهب الموجودة حالياً هو أحد عشر جنيهاً سعودياً وثلاثة أسباع جنيه؛ لأن زنة الجنيه الواحد بتحرير أهل الخبرة من الصاغة مثقالان إلا ربع، وأما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة وخمسون ريالاً سعودياً فضة، فمن ملك المبلغ المذكور من الذهب والفضة، أو ملك من النقود الورقية، أو عروض التجارة ما يساوي المبلغ المذكور من الذهب والفضة فعليه الزكاة إذا حال عليه الحول، وما كان دون ذلك فليس فيه زكاة.
والحجة في ذلك قوله ﷺ: ليس فيما دون خمسة أواق صدقة[6] والأوقية أربعون درهماً والدرهم نصف مثقال وخمس مثقال بتحرير أهل العلم، والدرهم السعودي الفضي مثقالان ونصف، فإذا نظرت في زنة الستة والخمسين الدرهم السعودي وجدتها تبلغ خمس أواق، وهي مائة وأربعون مثقالاً.
وأما دليل نصاب الذهب فهو ما رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن، واللفظ لأبي داود، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول[7] انتهى.
والدينار عملة ذهبية وزنته مثقال واحد بتحرير أهل العلم، فيكون النصاب من الذهب عشرون مثقالاً كما تقدم، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[8].
فقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن حكم زكاة الحلي من الذهب والفضة وما ورد في ذلك من الأدلة، ولتعميم الفائدة أجبت بما يلي والله الموفق والهادي إلى الصواب:
لا ريب أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقد دل الكتاب والسنة على وجوب رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ عملاً بقوله تعالى: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].
وإذا رددنا هذه المسألة إلى الكتاب والسنة وجدناهما يدلان دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة، وإن كان هذا للاستعمال أو العارية؛ سواء كانت قلائد أو أسورة أو خواتيم أو غيرها من أنواع الذهب والفضة، ومثل ذلك ما تحلى به السيوف والخناجر من الذهب والفضة إذا كان الموجود من ذلك نصاباً، أو كان عند مالكه من الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب، وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه المسألة، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35].
ومن السنة المطهرة ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله ﷺ أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[1].
فهذان النصان العظيمان من الكتاب والسنة يعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في ذلك أنواع الحلي من الذهب والفضة، ومن استثنى شيئاً فعليه الدليل المخصص لهذا العموم لو لم يرد إلا العموم في هذه المسألة، فكيف وقد ورد في هذه المسألة بعينها أحاديث صحيحة دالة على وجوب الزكاة في الحلي، منها ما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن امرأة دخلت على النبي ﷺ وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي ﷺ: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله[2]، قال الحافظ ابن القطان: إسناده صحيح.
وخرج أبو داود بإسناد جيد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ما بلغ أن تؤدَّى زكاته فزكي فليس بكنز[3].
ففي هذا الحديث فائدتان جليلتان:
إحداهما: اشتراط النصاب وأن ما لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه، ولا يدخل في الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
والفائدة الثانية: أن كل مال وجبت فيه الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
وفيه أيضاً فائدة ثالثة، وهي المقصود من ذكره وهي الدالة على وجوب الزكاة في الحلي؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سألت عن ذلك كما هو صريح الحديث.
ومن ذلك ما ثبت في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ رأى عليها فتخات من فضة فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، فقال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار[4].
ففي هذه النصوص الدلالة الظاهرة على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة، وإن أعدت للاستعمال أو العارية؛ لأن الرسول ﷺ أنكر على عائشة والمرأة المذكورة في حديث عبدالله بن عمرو ترك زكاة حليهما وهما مستعملتان له، ولم يستثن ﷺ من الحلي شيئاً لا المستعار ولا غيره، فوجب الأخذ بصريح النص وعمومه، ولا يجوز أن تخصص النصوص إلا بنص ثابت يقتضي التخصيص.
وأما ما يروى عن النبي ﷺ أنه قال: ليس في الحلي زكاة[5] فهو حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ولا يقوى على معارضة أو تخصيص هذه النصوص المتقدم ذكرها، بل قال الحافظ البيهقي: (إنه حديث باطل لا أصل له) نقل عنه ذلك الحافظ الزيلعي في نصب الراية، والحافظ ابن حجر في التلخيص.
ولتكميل الفائدة نوضح للقارئ نصاب الذهب والفضة حتى يكون على بصيرة فنقول: أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة للذهب الموجودة حالياً هو أحد عشر جنيهاً سعودياً وثلاثة أسباع جنيه؛ لأن زنة الجنيه الواحد بتحرير أهل الخبرة من الصاغة مثقالان إلا ربع، وأما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة وخمسون ريالاً سعودياً فضة، فمن ملك المبلغ المذكور من الذهب والفضة، أو ملك من النقود الورقية، أو عروض التجارة ما يساوي المبلغ المذكور من الذهب والفضة فعليه الزكاة إذا حال عليه الحول، وما كان دون ذلك فليس فيه زكاة.
والحجة في ذلك قوله ﷺ: ليس فيما دون خمسة أواق صدقة[6] والأوقية أربعون درهماً والدرهم نصف مثقال وخمس مثقال بتحرير أهل العلم، والدرهم السعودي الفضي مثقالان ونصف، فإذا نظرت في زنة الستة والخمسين الدرهم السعودي وجدتها تبلغ خمس أواق، وهي مائة وأربعون مثقالاً.
وأما دليل نصاب الذهب فهو ما رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن، واللفظ لأبي داود، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول[7] انتهى.
والدينار عملة ذهبية وزنته مثقال واحد بتحرير أهل العلم، فيكون النصاب من الذهب عشرون مثقالاً كما تقدم، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[8].
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المدرس في كلية الشريعة بالرياض
المدرس في كلية الشريعة بالرياض
- رواه مسلم في (الزكاة) باب إثم مانع الزكاة برقم 987.
- رواه أبو داود في (الزكاة) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم 1563، والنسائي في (الزكاة) باب زكاة الحلي برقم 2479.
- رواه أبو داود في (الزكاة) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم 1564.
- رواه أبو داود في (الزكاة) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم 1565.
- رواه الدار قطني في باب (زكاة الحلي) برقم 1926، وقال: أبو حمزة هذا ميمون ضعيف الحديث.
- رواه البخاري في (الزكاة) باب ما أُدي زكاته فليس بكنز برقم (1405)، ومسلم في (أول الزكاة) برقم 979.
- رواه أبو داود في الزكاة (باب زكاة السائمة) برقم 1572.
- كلمة لسماحته نشرت في مجلة (راية الإسلام) العددان 11، 12 رمضان وشوال عام 1380هـ. (مجموع فتاوى ومقالات ابن باز 14/ 84).