الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، أما بعد:
فإن الله أحل لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لحاجة العباد إليها وعظيم نفعها وسلامتها من الضرر، وحرم عليهم جميع الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لعظم ضررها وعدم نفعها أو قلته في جنب المضرة الغالبة، قال تعالى في سورة المائدة: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] وقال تعالى في السورة المذكورة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة:90-92].
وقال تعالى في سورة الأعراف في وصف نبينا وسيدنا وإمامنا محمد بن عبدالله ﷺ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيََّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157].
أوضح الله في هذه الآيات أنه أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، وبين أن من جملة الخبائث الخمر؛ لعظم مضرتها، وسلبها العقول، وجلبها الشحناء والعداوة بين المتعاطين لها وغيرهم، وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، فهي أم الخبائث ووسيلة الرذائل، وهي من أقبح الكبائر وأعظم الجرائم، وقد وعد الله من مات عليها أن يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، نستجير بالله من ذلك.
ومن جملة الخبائث الكسبية: الميسر، وهو القمار، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة، التي منها سلب الثروات وأكل المال بغير حق وجلب الشحناء والعداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكثير من الناس اليوم يتعاطى الميسر ولا يبالي بما قاله الله ورسوله في تحريمه والنهي عنه، ولا بما يترتب عليه من المفاسد والأضرار، وذلك لما جبلت عليه القلوب من الجشع والطمع والحرص على استحصال المال بكل وسيلة، ولو كان في ذلك غضب الله وعقابه، بل ولو كان في ذلك ذهاب ماله وتلف نفسه في العاقبة إلا من شاء الله من العباد، وما ذاك إلا لسكر القلوب بحب المال والحرص عليه، ونسيان ما يترتب على وسائله المحرمة كالقمار وبيع الغرر من العواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة، وقد صح عن النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الغرر.
ومن المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر: ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائز خفية في بعض السلع التي يراد بيعها؛ طمعا في استنزاف ثروات المسلمين، وترغيبا لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد، والاستكثار من تلك السلع؛ رجاء الظفر بتلك الجوائز، ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر ومن بيع الغرر؛ لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول لا يدري هل يظفر به أم لا؟ وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسوله منه، وهكذا بيع البطاقات ذوات الأرقام ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب، ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة وأكل الأموال بالباطل.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا هذه المعاملات المحرمة، وحذروا منها إخوانكم، واحرصوا على حفظ أموالكم وعدم صرفها إلا فيما تتحققون منفعته وسلامته مما يخالف شرع الله، وإياكم أن تساعدوا أعداءكم وأرباب الجشع من التجار والشركات بما يسلب أموالكم ويغضب الله عليكم.
ويجب على الحكومة وفقها الله لكل خير أن تمنع هذه المعاملات، وأن تمنع ورود هذه السلع المشتملة على الجوائز التي توقع الناس في القمار، وتسلب الأموال وتضر المجتمع، نسأل الله أن يوفق الحكومة والمسلمين لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يهدينا وتجارنا وشركاتنا وسائر المسلمين لما يرضي الله ويقرب لديه وينفع المسلمين، إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[1].
فإن الله أحل لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لحاجة العباد إليها وعظيم نفعها وسلامتها من الضرر، وحرم عليهم جميع الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لعظم ضررها وعدم نفعها أو قلته في جنب المضرة الغالبة، قال تعالى في سورة المائدة: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] وقال تعالى في السورة المذكورة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة:90-92].
وقال تعالى في سورة الأعراف في وصف نبينا وسيدنا وإمامنا محمد بن عبدالله ﷺ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيََّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157].
أوضح الله في هذه الآيات أنه أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، وبين أن من جملة الخبائث الخمر؛ لعظم مضرتها، وسلبها العقول، وجلبها الشحناء والعداوة بين المتعاطين لها وغيرهم، وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، فهي أم الخبائث ووسيلة الرذائل، وهي من أقبح الكبائر وأعظم الجرائم، وقد وعد الله من مات عليها أن يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، نستجير بالله من ذلك.
ومن جملة الخبائث الكسبية: الميسر، وهو القمار، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة، التي منها سلب الثروات وأكل المال بغير حق وجلب الشحناء والعداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكثير من الناس اليوم يتعاطى الميسر ولا يبالي بما قاله الله ورسوله في تحريمه والنهي عنه، ولا بما يترتب عليه من المفاسد والأضرار، وذلك لما جبلت عليه القلوب من الجشع والطمع والحرص على استحصال المال بكل وسيلة، ولو كان في ذلك غضب الله وعقابه، بل ولو كان في ذلك ذهاب ماله وتلف نفسه في العاقبة إلا من شاء الله من العباد، وما ذاك إلا لسكر القلوب بحب المال والحرص عليه، ونسيان ما يترتب على وسائله المحرمة كالقمار وبيع الغرر من العواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة، وقد صح عن النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الغرر.
ومن المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر: ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائز خفية في بعض السلع التي يراد بيعها؛ طمعا في استنزاف ثروات المسلمين، وترغيبا لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد، والاستكثار من تلك السلع؛ رجاء الظفر بتلك الجوائز، ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر ومن بيع الغرر؛ لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول لا يدري هل يظفر به أم لا؟ وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسوله منه، وهكذا بيع البطاقات ذوات الأرقام ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب، ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة وأكل الأموال بالباطل.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا هذه المعاملات المحرمة، وحذروا منها إخوانكم، واحرصوا على حفظ أموالكم وعدم صرفها إلا فيما تتحققون منفعته وسلامته مما يخالف شرع الله، وإياكم أن تساعدوا أعداءكم وأرباب الجشع من التجار والشركات بما يسلب أموالكم ويغضب الله عليكم.
ويجب على الحكومة وفقها الله لكل خير أن تمنع هذه المعاملات، وأن تمنع ورود هذه السلع المشتملة على الجوائز التي توقع الناس في القمار، وتسلب الأموال وتضر المجتمع، نسأل الله أن يوفق الحكومة والمسلمين لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يهدينا وتجارنا وشركاتنا وسائر المسلمين لما يرضي الله ويقرب لديه وينفع المسلمين، إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[1].
- نشرة صدرت في تاريخ 8/1/1408هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 200)