الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد نشرت صحيفة الرياض بعددها الصادر برقم 4974 خبرا بعنوان: (مشروع قانون الأحوال الشخصية في الإمارات)، وقد تضمن الخبر أن المشروع مستمد من الشريعة الإسلامية، كما ورد فيه: (فبالنسبة لعقود الزواج يشترط مشروع القانون ألا يقل عمر الفتى عن ثمانية عشر عاما، وعمر الفتاة عن ستة عشر عاما، ويفرض غرامة على كل من يخالف هذا الشرط، لا تقل عن ألف درهم ولا تزيد عن خمسة آلاف، ما لم تأخذ المحكمة بغير ذلك إذا رأت مبررا مثل "ستر العرض"، كما لا يجوز بالنسبة لمن تجاوز الستين عاما عقد زواج إلا بإذن المحكمة، خاصة عندما يكون فارق السن بين الطرفين يتجاوز نصف عمر الأكبر منهما).
ولما كان ذلك يخالف ما شرعه الله جل وعلا أحببت التنبيه لبيان الحق، فالسن في الزواج لم يقيد بحد معين، لا في الكبر ولا في الصغر، والكتاب والسنة يدلان على ذلك؛ لأن فيهما الحث على الزواج والترغيب فيه من دون تقييد بسن معينة، قال الله تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ الآية [النساء:127]، فأجاز نكاح اليتيمة، وهي التي لم تبلغ سن البلوغ، وأعلاه خمسة عشر عاما على الأرجح، وقد تبلغ بأقل من ذلك بغير السن، وقال ﷺ: تستأذن اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها.
وقد تزوج النبي ﷺ عائشة رضي الله عنها ولها ست أو سبع سنين، ودخل بها وهي ابنة تسع، وفعله تشريع لهذه الأمة، كما أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتزوجون في الصغر وفي الكبر دون تحديد سن معينة، فليس لأحد أن يشرع غير ما شرعه الله ورسوله، ولا أن يغير ما شرعه الله ورسوله؛ لأن فيه الكفاية، ومن رأى خلاف ذلك فقد ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، وقد قال عز وجل ذاما لهذا الصنف من الناس: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية [الشورى:21]، وقال ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه. وفي رواية مسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وعلقه البخاري في الصحيح جازما به.
وإنني أذكر القائمين على هذا الأمر بقول الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] فما يصيب الأمة أو الأفراد من فتن أو صد عن سبيل الله أو أوبئة أو حروب أو غير ذلك من أنواع البلاء، فأسبابه ما كسبه العباد من أنواع المخالفات لشرع الله كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
وقد بين الله جل وعلا ما حصل لبعض الأمم السابقة من العذاب والهلاك بسبب مخالفتهم لأمره؛ ليتبينه العاقل ويأخذ من ذلك عظة وعبرة. ولا يكفي دعوى الأخذ من الشريعة الإسلامية إذا وجد ما يخالفها، فقد عاب الله جل وعلا ذلك على اليهود حيث قال سبحانه: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85].
كما أذكر العلماء بتقوى الله جل وعلا، وأداء ما وجب عليهم من النصح لولاة الأمر ببيان الحق والدعوة لاتباعه والتحذير من مخالفته، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33]
وفقنا الله جميعا لقول الحق وقبوله والعمل به، وجمع شمل المسلمين على الهدى وتحكيم شرعه المطهر في كل شيء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[1].
ولما كان ذلك يخالف ما شرعه الله جل وعلا أحببت التنبيه لبيان الحق، فالسن في الزواج لم يقيد بحد معين، لا في الكبر ولا في الصغر، والكتاب والسنة يدلان على ذلك؛ لأن فيهما الحث على الزواج والترغيب فيه من دون تقييد بسن معينة، قال الله تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ الآية [النساء:127]، فأجاز نكاح اليتيمة، وهي التي لم تبلغ سن البلوغ، وأعلاه خمسة عشر عاما على الأرجح، وقد تبلغ بأقل من ذلك بغير السن، وقال ﷺ: تستأذن اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها.
وقد تزوج النبي ﷺ عائشة رضي الله عنها ولها ست أو سبع سنين، ودخل بها وهي ابنة تسع، وفعله تشريع لهذه الأمة، كما أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتزوجون في الصغر وفي الكبر دون تحديد سن معينة، فليس لأحد أن يشرع غير ما شرعه الله ورسوله، ولا أن يغير ما شرعه الله ورسوله؛ لأن فيه الكفاية، ومن رأى خلاف ذلك فقد ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، وقد قال عز وجل ذاما لهذا الصنف من الناس: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية [الشورى:21]، وقال ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه. وفي رواية مسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وعلقه البخاري في الصحيح جازما به.
وإنني أذكر القائمين على هذا الأمر بقول الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] فما يصيب الأمة أو الأفراد من فتن أو صد عن سبيل الله أو أوبئة أو حروب أو غير ذلك من أنواع البلاء، فأسبابه ما كسبه العباد من أنواع المخالفات لشرع الله كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
وقد بين الله جل وعلا ما حصل لبعض الأمم السابقة من العذاب والهلاك بسبب مخالفتهم لأمره؛ ليتبينه العاقل ويأخذ من ذلك عظة وعبرة. ولا يكفي دعوى الأخذ من الشريعة الإسلامية إذا وجد ما يخالفها، فقد عاب الله جل وعلا ذلك على اليهود حيث قال سبحانه: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85].
كما أذكر العلماء بتقوى الله جل وعلا، وأداء ما وجب عليهم من النصح لولاة الأمر ببيان الحق والدعوة لاتباعه والتحذير من مخالفته، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33]
وفقنا الله جميعا لقول الحق وقبوله والعمل به، وجمع شمل المسلمين على الهدى وتحكيم شرعه المطهر في كل شيء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[1].
- (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 126)