حكم الطلاق حال الغضب

السؤال: هذه رسالة وردتنا من المستمع المعذب الحائر -على حسب كلامه- سالم الخليص بن مطر من قرية تليل المعز حلب من سوريا، هذه يعرض فيها مشكلة سوء التفاهم مع زوجته، ونتج عن ذلك طلاق، يقول في معرض رسالته: أنا شاب متزوج منذ سبع سنوات بقريبة لي، وقبل تاريخ هذه الرسالة بسنة حدث بيني وبين زوجتي شجار عنيف جداً دام أكثر من ثلاثة شهور يقول: بعدها أنها أصبحت تطلق عليه الشتائم الكثيرة، والكلام السيء، وأنا أعاملها معاملة حسنة؛ لأنني شاب مؤمن أعمل بما يرضي الله ورسوله، وزاد الأمر حدة وهي كل يوم على مدار ثلاثة أشهر تزيد النار حطباً والطين بلة، فأجبرتني على أن أطلق عليها كلام: طلقتك، طلقتك، طلقتك، طلقتك، أي: أكثر من مرات عديدة، وعندما أطلقت هذا الكلام كنت في حالة غضب شديد، وغياب عقل، أطلقت هذا الكلام بغية أن تكف عن أقاويلها البذيئة المرعبة للبدن، وهي تزيد في ذلك وأنا أكرر عليها ألفاظ: مطلقة، مطلقة، مطلقة، وأخيراً لم يجد الأمر نفعاً، فأرسلت إلى والدها وأخذها إلى بيته وظلت عنده أكثر من سنة وأنا لا أوافق أهلي على إرجاعها بسبب أخلاقها الشرسة وأقاويلها المرعبة الكاذبة، وأخيراً أرادوا تزويجها من شخص فلم تقبل بالزواج من أي إنسان، وقالت لأهلها: إذا أردتم تزويجي سأشرب سماً وأموت، أو أحرق نفسي بالنار وأخلص من الحياة، أثناء هذا الهجر الطويل كانت تريد أن ترجع لي، ولكنني كنت لا أقبل بها زوجة أبداً، بسبب معاملتها القاسية .. إلى آخره، فأقنعوني أهلها بتزويجها إليّ خشية أن تقتل نفسها، فأجبرت على قبولها وصار لها عندي خمسة أيام وأنا لا أقرب منها خشية الإثم والحرام، ووجدت أن أخلاقها صارت بعد هذا الهجر حسنة، يقول: إنها تعطيني حقوقي كاملة، وتحترمني، وتكفر عما بدر منها من أقاويل، فما هو الحل بالله عليكم أخبروني سريعاً، والسؤال: هل وقع الطلاق ولم تعد تحل لي؟ ألا يوجد فتوى لهذه المشكلة، أفيدوني وفقكم الله؟

الجواب: إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حال شدة الغضب وغيبة الشعور، وأنك لم تملك نفسك ولم تضبط أعصابك بسبب كلامها السيء وسبها لك، وشتائمها ونحو ذلك، وأنك أطلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يعرف ذلك من الشهود العدول، فإنها لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت أن شدة الغضب وإذا كان معه تغير الشعور كان أعظم لا يقع به الطلاق، ومن ذلك ما روى أحمد وأبو داود وابن ماجة، وصححه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق، قال جماعة من أهل العلم: الإغلاق: الإكراه والغضب، يعنون الغضب الشديد، فالغضبان قد أغلق عليه أمره، وقد أغلق عليه قصده، فهو شبيه بالمعتوه والمجنون والسكران، بسبب شدة الغضب، فلا يقع طلاقه، وإذا كان مع ذلك تغير الشعور، وأنه لم يحفظ ما صدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق، والغضبان له ثلاث حالات:
حالة يتغير معها الشعور: فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع طلاقه عند الجميع، عند جميع أهل العلم.
الحال الثاني: أن يكون قد اشتد به الغضب ولكن لم يفقد شعوره بل عنده شيء من الإحساس وشيء من العقل، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق، هذا لا يقع طلاقه على الصحيح أيضاً.
والحال الثالث: أن يكون غضبه عادياً ليس بالشديد جداً، بل عادياً كسائر الغضب الذي يقع بين الناس، ليس بالشديد، ليس بالملجئ، فهذا يقع معه الطلاق عند الجميع.
والسائل حاله إما من الوسط، أو من الشديد الذي قد تغير معه الشعور حسب ما ذكر في سؤاله، فيكون طلاقه غير واقع وزوجته معه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله للجميع الهداية والصلاح وحسن العاقبة.
فتاوى ذات صلة