الرد على دعوى القائلين بجواز كشف المرأة الوجه والكفين

السؤال:

هناك مسلمون يجوزون كشف الوجه والكفين، بدليل حديث رسول الله ﷺ دخلت أسماء على رسول الله ﷺ في ثوب شفاف، فأعرض عنها وقال: إن حاضت المرأة فلا يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار بيده على الوجه والكفين، أو كما جاء، نرجو أن توضحوا مدى صحة هذا الحديث، وهل يجوز الأخذ به كدليل على كشف الوجه واليدين، جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

هذا السائل ذكرني، كنت عازمًا على التنبيه عليه، ولكن نسيته، فجزاه الله خيرًا هذا السائل، هذا الحديث تعلق به بعض المائلين إلى جواز إظهار المرأة كفيها ووجهها، وهذا الحديث بينه أهل العلم: أنه ليس بصحيح، لا يجوز الاعتماد عليه، وأصله أنه رواه أبو داود، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد بن دريك، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل النبي ﷺ وعندي أسماء بنت أبي بكر -يعني أختها زوجة الزبير- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي ﷺ وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض فإنه لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه.

قالوا: فهذا يدل على جواز كشف المرأة وجهها وكفيها؛ لأن في الحديث: أن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، يعني الكفان والوجه.

والجواب عن هذا مثلما تقدم: أن الحديث لا يصح عن النبي ﷺ لعلل ثلاث فيه: ثلاث علل عند أهل العلم، مع أنه لو صح؛ لكان قبل الحجاب، لا بعد الحجاب؛ لأن الحجاب نزلت به آية بعد ... كانت المرأة في الجاهلية، وفي أول الإسلام تبدي وجهها، وكفيها، وتجالس الرجال، وتتكلم مع الرجال، إظهار الكفين والوجه كان في أول الإسلام، ثم نسخ هذا، ومنع الله ذلك، وهذا الحديث لو صح؛ لكان هذا قبل الحجاب، لكنه غير صحيح، بل هو ضعيف لعلل ثلاثة عند أهل العلم:

العلة الأولى: أن الراوي سعيد بن بشير ضعيف عند أهل العلم، لا يحتج بروايته؛ لسوء حفظه، وعدم ضبطه.

العلة الثانية: أن قتادة مدلس، وقد عنعن، ولم يصرح بسماعه من خالد بن دريك.

والعلة الثالثة: أن خالد الراوي، عن عائشة لم يدرك عائشة، بل هو منقطع، لم يدركها، ولم يسمع منها؛ فصار الحديث ضعيفًا من هذه العلل الثلاث، ولا يستقيم الاحتجاج به، ولا يصح الاحتجاج به في هذا المقام العظيم، ولو صح؛ لكان هذا قبل الحجاب، لا بعد الحجاب، والله المستعان نعم.

وقد بينا هذا في كتاب الحجاب التي توزع، كتبنا في هذا رسالة في الحجاب من مدة طويلة، فهي توزع بين الناس، وتوزع من طريق ... أيضًا، وهي رسالة بحمد الله موجزة، لكنها مفيدة.

وهكذا رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية في الحجاب مفيدة، وكذلك رسالة لأخينا وابننا العلامة الشيخ محمد بن عثيمين في الحجاب جيدة، وهكذا رسالة العلامة المودودي في الحجاب جيدة.

وقد ورد في كتاب الحجاب لأخينا العلامة الشيخ محمد ناصر الألباني شيء يدل على ميله إلى جواز كشف المرأة وجهها وكفيها، وإن كان يرى أن الستر أولى وأحوط، لكنه غلط -وفقه الله- في هذا،  وكما يقال زلةُ العالمِ زلةُ العالَم، زلة العالِم مصيبة، فهذه زلة من أخينا الشيخ ناصر الدين الألباني وهو من خيرة العلماء، ومن خيرة الأخيار، نعرفه كثيرًا، ولكنه له زلات كغيره، كل واحد من العلماء له أخطاء، وله غلطات، هذه من غلطاته -عافاه الله وهداه-.

وله من الغلطات أيضًا قوله في صفة الصلاة: إن اليدين بعد الركوع يسدلها المصلي، ولا يرفعها، هذه غلطة أيضًا، والسنة في المصلي أنه يرفع يديه، ويجعلهما على صدره في القيام قبل الركوع وبعده، هذه السنة، ولكنه غلط، وظن أنها بدعة بعد الركوع، وهي غلطة قبيحة -عافاه الله وهداه-. 

فتاوى ذات صلة