رفع اليدين في الدعاء أثناء الخطبة، والوتر، وبعد السنن

السؤال:
أرى بعض الناس يرفع يديه في دعاء خطبة الجمعة وبعضهم لا يفعل ذلك، كما أن من الناس من يرفع يديه في الدعاء بعد السنة الراتبة، وبعضهم يرفع يديه في دعاء القنوت في الوتر، وبعضهم لا يفعل شيئًا من ذلك، أرجو من سماحتكم -جزاكم الله خيرًا- إفادتنا عن السنة في رفع اليدين في الدعاء.

الجواب:
رفع اليدين في الدعاء من السنة وهو من أسباب الإجابة؛ لقول النبي ﷺ: إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا[1] أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم، ولقوله ﷺ فيما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]، وقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك[2].
وقد صح عنه ﷺ في أحاديث كثيرة أنه رفع يديه في الدعاء في خطبة الاستسقاء، وعند الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق في حجة الوداع، وفي مواضع كثيرة، ولكن كل عبادة وجدت في عهد الرسول ﷺ ولم يرفع فيها يديه فإنه لا يشرع لنا أن نرفع أيدينا فيها؛ تأسيًا به ﷺ، كخطبة الجمعة، وخطبة العيد، والدعاء بين السجدتين، والدعاء في آخر الصلاة، والدعاء أدبار الصلوات الخمس المفروضة؛ لأن ذلك لم يثبت عنه ﷺ، والمشروع لنا التأسي به ﷺ في الفعل والترك؛ كما قال الله : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، والله ولي التوفيق[3].
 
  1. أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3556، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1488. 
  2. أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، برقم 1015.
  3. نشر في المجلة العربية عدد شهر شوال عام 1412 هـ، ص 19. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 30/250).
فتاوى ذات صلة