تفسير قوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾

السؤال:
ما رأي سماحتكم فيمن قال في معنى اسم الله (الظاهر) أي: الظاهر في كل شيء. هل يدخل هذا في القول بالحلول أم لا؟

الجواب:

هذا باطل؛ لأنه خلاف ما فسر به النبي ﷺ الآية الكريمة؛ فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء؛ فاقض عني الدين وأغنني من الفقر[1] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. فالظاهر معناها: العالي فوق جميع الخلق، ولكن آياته ودلائل وجوده وملكه وعلمه موجودة في كل شيء، وأنه رب العالمين، وخالقهم ورازقهم.
فأنت أيها الإنسان الذي أعطاك الله السمع والبصر والعقل، وأعطاك هذا البدن، والأدوات التي تبطش بها وتمشي بها، من جملة الآيات الدالة على أنه رب العالمين، وهكذا السماء والأرض والليل والنهار والمعادن والحيوانات، وكل شيء، كلها آيات له تدل على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته، وأنه المستحق للعبادة، كما قال الشاعر:

فوا عجبا؛ كيف يعصى الإله  أم كيف يجحده الجاحد
وفي كـل شيء له آيـة   تـدل علـى أنه واحد!

والله يقول جل وعلا: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، ثم قال بعدها: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [البقرة:164]. فأوضح سبحانه في هذه الآية أنواعًا من مخلوقاته الدالة على أنه سبحانه هو الإله الحق، الذي لا تجوز العبادة لغيره فكل شيء له فيه آية ودليل على أنه رب العالمين، وأنه موجود، وأنه الخلاق، وأنه الرزاق، وأنه المستحق لأن يعبد .
وأما معنى الظاهر فهو: العالي فوق جميع الخلق، كما تقدم في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ.[2]
  1. أخرجه مسلم في كتاب (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار)، باب (ما يقول عند النوم)، برقم: 4888. 
  2. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (6/ 221).
فتاوى ذات صلة