11 من باب الرد وبيان من يستحقه

باب ميراث ذوي الأرحام

وهم كل قريبٍ ليس ذا فرضٍ ولا تعصيبٍ، وإرثهم مشروط بعدم أهل الفروض إلا الزوجين، وبعدم العصبة.

ويرث ذوو الأرحام بالتَّنزيل، الذكر والأنثى سواء، وهم أحد عشر صنفًا:

الأول: أولاد البنات وأولاد بنات البنين وإن نزلوا.

الثاني: أولاد الأخوات مطلقًا.

الثالث: بنات الإخوة لغير أمٍّ وبنات بنيهم.

الرابع: أولاد الإخوة لأم.

الخامس: العم لأم، سواء كان عمَّ الميت أو عمَّ أبيه أو عمَّ جده.

السادس: العمَّات مطلقًا، سواء كن عمَّات للميت أو لأبويه أو لأجداده أو جدَّاته.

السابع: بنات الأعمام مطلقًا وبنات بنيهم.

الثامن: الأخوال والخالات مطلقًا.

التاسع: الأجداد السَّاقطون من جهة الأم أو الأب: كأبي الأم، وأبي أم الأب، ونحوهما.

العاشر: الجدَّات السَّواقط من جهة الأم أو الأب: كأم أبي الأم، وأم أبي الجد، ونحوهما.

الشيخ: أم أبي الجدّ على القول بأنها لا ترث، والصحيح أنها ترث؛ لأنها مُدلية بوارثٍ كما تقدم، لكن عند مَن قال ....... أم أبي الجدّ الصحيح أنها ترث كأم الأب، أم أبي الجد يعني.

 

الحادي عشر: كل مَن أدلى بأحد هذه الأصناف العشرة: كعمة العمة، وخالة الخالة، وأبي أبي الأم، وأخي العم لأم، وعمه، وعمته، ونحو ذلك، فينزل كل واحدٍ من هذه الأصناف بمنزلة مَن أدلى به من الورثة، فأولاد البنات وإن نزلوا بمنزلة البنات، وأولاد بنات البنين وإن نزلوا بمنزلة بنات البنين، وأولاد الأخوات بمنزلة الأخوات، وبنات الإخوة وبنات بنيهم بمنزلة آبائهن، وأولاد الإخوة لأم -ذكورًا كانوا أو إناثًا- بمنزلة الإخوة لأم، والعم لأم والعمَّات مطلقًا بمنزلة الأب، والأخوال والخالات مطلقًا بمنزلة الأم، وأخوال الأب وخالاته مطلقًا بمنزلة أم الأب، وأخوال الأم وخالاتها مطلقًا بمنزلة أم الأم، وأبو الأم كل مَن أدلى به بمنزلة الأم، وأبو أم الأب وكل مَن أدلى به بمنزلة أم الأب، وهكذا، فيُجعل نصيب كل وارثٍ لمَن أدلى به، فإن لم يُوجد من ذوي الأرحام إلا شخص واحد أخذ جميعَ المال.

الشيخ: المقصود من هذا بيان إرث ذوي الأرحام، وذوو الأرحام هم الأقارب الذين ليس لهم نصيب في الفرض ولا في التَّعصيب، يُقال لهم: ذوو الأرحام، كل قريبٍ ليس له فرض، وليس ذا تعصيبٍ يُقال له: من ذوي الأرحام: كالخالة والخال والعم لأم وأولاد البنات وأولاد بنات البنين وبنات الإخوة وأولاد الأخوات، وما أشبه ذلك.

قد اختلف العلماء في ذلك: فذهب جماعةٌ من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وجماعة من أهل العلم إلى أنهم يرثون عند فقد ذوي الفروض وذوي العصب؛ لقول الله : وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]؛ ولقوله ﷺ: الخال وارث مَن لا وارثَ له؛ ولأنه أولى من بيت المال، هم أقارب أولى من بيت المال فيرثون بالتنزيل، كل واحدٍ ينزل منزلة مَن أدلى به: ولد البنت بمنزلة البنت، وولد بنت الابن بمنزلة بنت الابن، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وبنت الأخت بمنزلة الأخت، والخالة بمنزلة الأم، وخال الأب بمنزلة أم الأب، وهكذا يرثون، ينزل منزلة مَن أدلى به. وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد وجماعة من أهل العلم: توريثهم.

وقال بعضُ الصحابة وبعضُ السلف: إنَّ جميع ما وراء الميت يكون لبيت المال، ولا يورث ذوي الأرحام، إذا كان ما هناك ذو فرضٍ، ولا هناك ذو عصبٍ؛ فإنه يكون لبيت المال.

والأرجح أنه يكون لذوي الأرحام؛ لأنهم أولى من بيت المال، بيت المال عام، وهؤلاء أقرب إلى الميت، وهم أولى به، فيرثون على الصفة المذكورة بالتنزيل؛ إن كان الموجودُ واحدًا أخذ المال كالعصب، فإذا مات ميتٌ عن جدته -أم أبي أمه- أو عن خاله أو عن خالته أُعطي المال؛ لأنه هو الوارث كالعاصب.

أو مات ميت عن عمته، أو عن بنت عمته، أو عن ولد أخيه لأم، أو بنت أخيه لأب، أو بنت أخيه الشَّقيق، أو ما أشبه ذلك كالعاصب؛ يأخذ المال، وإن كانوا جماعةً أدلوا بواحدٍ نصيبه لهم، يُقسم بينهم إذا استوت درجتهم، كما يأتي، كالعصبة.

فإذا مات ميت عن ثلاث بنات أخٍ، أو ثلاث بنات أختٍ، فالمال بينهم أثلاثًا، أو مات ميت عن ثلاثة أخوالٍ، المال بينهم، ثلاثة أخوال لأب، أو ثلاثة أخوال أشقاء، أو ثلاثة أخوال لأم، يعني: منزلتهم واحدة بينهم، وإن اختلفوا يأتي تفصيل ذلك؛ إذا اختلفوا: الشقيق ولأب ولأم، فالميراث للشَّقيق والذي لأم؛ لأنها لو ماتت عنهم لم يرثها إلا الشقيق والذي لأم، والخال لأب يسقط بالشقيق، يأتي تفصيل هذا إن شاء الله.

والخلاصة في هذا: أن ذوي الأرحام على الصحيح يرثون، ولا يُدفع لبيت المال على التفصيل المذكور وعلى الخلاف المذكور.

وفَّق الله الجميع.

س: ما ذكرتم في الصنف العاشر: الجدَّات السَّواقط من جهة الأم أو الأب: كأم أبي الأم، وأبي أبي الجدّ؟

ج: على القول بإسقاطها، أنها جدَّة ساقطة، والصحيح أنَّ كل جدةٍ أدلت بوارثٍ هي وارثة كما تقدم في السدس، وكل جدةٍ أدلت بغير وارثٍ فهي ساقطة من ذوي الأرحام.

س: على هذا تكون صاحبة فرضٍ، ما تكون من ذوي الأرحام؟

ج: معدودة هنا على القول المشهور في المذهب يعني.

س: ما ورد توريث الخالة مرفوعًا؟

ج: ورد الخال: الخال وارث مَن لا وارثَ له والخالة مثله.

س: الذين لا يرثون كيف يُجيبون عن حديث: الخال وارث مَن لا وارث له؟

ج: ما أدري، والله ما أذكر الآن، لكن قد ينظرون في سنده، وقد يقولون: ضعيف أو شاذّ أو كذا، والحديث صحيح، سنده لا بأسَ به.

فإن لم يوجد من ذوي الأرحام إلا شخصٌ واحدٌ أخذ جميع المال، وإن أدلى جماعةٌ بوارثٍ واستوت منزلتهم منه بلا سبقٍ –كأولاده- فنصيبه لهم، الذكر والأنثى سواء.

الشيخ: يقول المؤلف: إذا لم يُوجد من ذوي الأرحام إلا واحد فهو كالعاصب، يأخذ المال كله كالعاصب، مثل: لو مات إنسانٌ عن خاله، أو عن ابن خاله، أو عن ابن أخيه لأمه، أو بنت أخيه تأخذ المال كالعاصب، هذا هو الصواب عند الجمهور.

وهكذا لو كانوا جماعةً أدلوا بواحدٍ يأخذ المال كله كالعصبة: مات عن خمسة بني بنت، أو خمسة بني أخت، أو خمسة بنت أخ لأم، فالمال بينهم كالعصبة، ماله لهم، لا له أصحاب فروضٍ، ولا أصحاب تعصيبٍ، فيكون لهم. وهكذا لو مات عن ثلاثة أخوال، أو عشرة أخوال كلهم أشقاء، أو كلهم لأب، أو كلهم لأم، بينهم.

 

فلو خلف شخصٌ ثلاثة بني بنت، فالمال بينهم أثلاثًا، وفي ثلاثة بني أخت وأختهم المال بينهم أرباعًا.

الشيخ: لأنَّ ذكورهم وإناثهم سواء، ذوو الأرحام ما يفضل ذكرهم على أنثاهم؛ لأنهم ورثوا بالرحم فأشبهوا أولاد الأم، فإذا مات ميتٌ عن ثلاثة بني بنت، وبنت بنت، بينهم أرباعًا. أو مات عن ابني أختٍ، وبنتي أخت، كذلك بينهم أرباعًا، وإذا سبق أحدُهم فهو أولى، السابق يُعطى، مثل: ابن بنت، وابن بنت بنت، فالأول هو المستحق؛ لأنه هو الأقرب، كالعصبة كلهم أدلوا بوارثٍ واحدٍ: ابن بنت، وابن ابن بنت، فالأول هو الأقرب. ابن أخت، وابن ابن أخت، وهكذا.

 

وإن اختلفت منازلهم ممن أدلوا به جعلته كالميت، وقسمت نصيبه بينهم على حسب منازلهم منه، ففي ثلاث خالات مُتفرقات مسألتهم من خمسة: للشقيقة ثلاثة، وللخالة لأب واحد، وللخالة لأم واحد. وفي ثلاث عمَّات مُتفرقات مسألتهم من خمسة كالخالات: للشقيقة ثلاثة، وللعمة لأب واحد، وللعمة لأم واحد.

الشيخ: هكذا إذا اختلفت منازلهم جعلتهم معه كالميت الذي مات عنهم، إذا اختلفت منازلهم ممن أدلوا به جعلتهم معه كأنه مات عنهم، إذا مات ميتٌ عن ثلاث خالات: شقيقة أو لأب أو لأم، كأنه مات عنهم أخوهم، تكون من خمسة بالرد: للشقيقة ثلاثة، وللخالة لأب واحد، وللخالة لأم واحد. وهكذا العمَّات، كأن الأب مات عنهم؛ لأنهم أدلوا بالأب، كأنه مات عنهم، فالعمة الشَّقيقة لها ثلاثة فرضًا وردًّا، والعمَّة لأب فرضًا وردًّا واحد، والعمَّة لأم كذلك واحد، سواء بسواء، نعم.

س: قوة الجهات في ذوي الأرحام كالعصبات؟

ج: كالعصبات في هذا، نعم.

س: يعني الشَّقيقة لها النصف ولأب تكملة الثلثين ولأم السدس؟

ج: إيه، لكن بالرد صار واحدًا، السادس يُوزع عليهم، صار خمسةً.

 

وفي ثلاثة أخوالٍ مُتفرقين مسألتهم من ستة: لذي الأم السدس، والباقي للشقيق، والخال لأب يسقط بالشقيق.

الشيخ: نعم، إذا كانوا ذكورًا هكذا، كأنه مات عنهم، أخٌ شقيقٌ وأخ لأب وأخ لأم، فالمسألة بينهم: للشقيق ثلاثة، وللعم لأم واحد، والعم لأب يسقط؛ لأنه يُسقطه الشقيق، كأنه مات عنهم.

 

وفي ثلاثة أخوال مُتفرقين مسألتهم من ستة: لذي الأم السدس، والباقي للشقيق، والخال لأب يسقط بالشَّقيق، ولو كان مع الأخوال أو الخالات أبو أم أسقطهم.

الشيخ: لأنه يرثها كذلك، لو ماتت عن أبيها وإخوتها أخذ الأبُ الإرثَ كلَّه، فإذا مات إنسانٌ عن أمه وأخوال فهم بمنزلة لو ماتت عنهم الأم، كأنها ماتت عنهم، فاقتسموا إرثها، فإذا ماتت عنهم معناه: أنها ماتت عن أبيها وعن إخوتها، والأب يحجب الإخوة، فيكون المال لأبيها، فهكذا إذا مات عن أبي أمه وعن أخواله، نعم.

 

وإن أدلى جماعةٌ بجماعةٍ قسمت المالَ بين المُدلى بهم، فما صار لكل وارثٍ بفرضٍ أو تعصيبٍ أخذه المُدلى به، وإن سقط بعضهم ببعضٍ عملت به، ففي ثلاث بنات أخوات مُتفرقات مسألتهن من خمسةٍ: لبنت الأخت الشَّقيقة ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد، ولبنت الأخت لأم واحد. وفي بنت بنتٍ وبنت بنت ابن مسألتهن من أربعة: لبنت البنت ثلاثة، ولبنت بنت الابن واحد.

الشيخ: وهذا مقتضى الإرث ....... كما هو الأرجح، إذا أدلى جماعةٌ بجماعةٍ قسمت .....، فإذا مات ميتٌ عن ثلاث خالات: شقيقة ولأب ولأم، فالأصل من ستة، ترجع إلى خمسة بالرد: الشقيقة لها ثلاثة، والأخت لأب لها واحد فرضًا وردًّا، و ...... لأم لها واحد، كما يرثن أختهم. وهكذا العمَّات: عمة شقيقة، وعمة أم الأب، وعمة أم الأم، كأنه مات عن ثلاث أخوات: للشَّقيقة النصف، والأخت لأب -العمَّة لأب- لها السدس، وللعمة لأم السدس.

وهكذا مَن مات عن بنت بنتٍ، وبنت بنت ابنٍ، أصلها من ستة، ترجع إلى أربعة: لبنت البنت ثلاثة كالذي لأمها، كما لو كان لأمها حيَّة، ولبنت بنت الابن واحد، وهو حظّ أمها لو كانت حيةً، فترجع إلى ربعها.

 

وفي ثلاث بنات أخ شقيق، وبنت أخ لأب، وبنت أخ لأم، مسألتهن من ستة: لبنت الأخ لأم واحد، نصيب أبيها، والباقي لبنات الأخ الشَّقيق، ولا شيء لبنت الأخ لأب؛ لأن بنات الشَّقيق بمنزلته، وبنت الأخ لأب بمنزلته، والشقيق يُسقط الأخ لأب.

الشيخ: ..... فإذا مات عن ثلاث بنات إخوة: بنت شقيق، وبنت أخ لأب، وبنت أخ لأم ..... كما لو مات عن أخيه لأمه، وأخيه الشقيق، وأخيه لأب، فمن ستة: لأخيه لأم واحد .....، أما أولاد الأب فليس لهم شيء؛ لأنَّ الإخوة لأب ما يرثون مع الشَّقيق، يحجبهم الشَّقيق.

 

ونصيب بنات الأخ الشَّقيق لا ينقسم عليهن، بل ينكسر ويُباين، فتُضرب رؤوسهنَّ ثلاثة -وهي جزء السهم- في أصل المسألة ستة، فتبلغ ثمانية عشر: لبنت الأخ لأم من أصلها واحد يُضرب في جزء السهم ثلاثة، فيحصل لها ثلاثة، ولبنات الشَّقيق من أصلها خمسة تُضرب في جزء السهم ثلاثة، فيحصل لهن خمسة عشر، لكل واحدةٍ خمسة، ويسقط بعيد من وارث بأقرب منه إلى الوارث إذا اتَّحدت الجهة.

الشيخ: كما تقدم إذا ..... إذا اتحدت الجهةُ كما تقدم، فإذا هلك هالك عن بنت أخٍ شقيقٍ، وبنت بنت أخٍ شقيقٍ، ترث بنت الأخ الشَّقيق؛ لأنها أقرب درجةً، وهكذا لو هلك هالكٌ عن بنت بنتٍ، وعن بنت بنت بنت، بنت البنت مُقدمة؛ لأنها أقرب درجةً، فتأخذ المالَ، نعم.

ففي ابن بنت بنت، وبنت بنت ابن، المال لبنت بنت الابن؛ لأنها أقرب إلى الوارث، وفي ابن بنت أخ، وبنت ابن أخ لغير أم، المال لبنت ابن الأخ؛ لأنها أقرب إلى الوارث.

..........

فإن اختلفت الجهةُ نزل كل واحدٍ من ذوي الأرحام وإن بعد بمنزلة مَن أدلى به من الورثة، سواء سقط به مَن هو أقرب منه أم لا، ففي بنت بنت بنت وبنت أخ لأم، المال لبنت بنت البنت؛ لأنها بمنزلة جدَّتها، وبنت الأخ لأم بمنزلته، والبنت تُسقط الأخ لأم.

الشيخ: نعم، إذا اختلفت الجهات كل واحدٍ ينزل منزلة مَن أدلى به، وإن أسقط بعضهم بعضًا ورث به: بنت بنت بنت، وبنت أخ لأم، فبنت بنت البنت بمنزلة جدّتها، والبنت تُسقط الأخ لأم ..... الأخ لأم.

 

وفي ابن بنت بنت، وبنت بنت أخ لغير أم، مسألتهم من اثنين: لابن بنت بنت البنت واحد، نصيب جدة أمه، ولبنت ابن الأخ واحد نصيب أبيها؛ لأنها بمنزلته.

الشيخ: لأنهم لا يُسقط بعضهم بعضًا، من جهتين: بنت بنت بنت، وبنت أخ، من جهتين، بنت بنت بنت تُلحق بأمها، تصير أمها لها نصف، والبنت لأخ لها النصف الباقي، كما لو مات ميتٌ عن بنتٍ وأخٍ: للبنت النصف، والأخ لغير أم له الباقي تعصيبًا.

وجهات ذوي الأرحام ثلاث:

إحداها: أبوة، ويدخل فيها فروع الأب من الأجداد السَّاقطين، والجدَّات السَّواقط من جهته: كأبي أم الأب، وأم أبي أم الأب، وأم أب الجد، وكذا العمّ لأم، والعمَّات مطلقًا، وأخوال الأب وخالاته مطلقًا، وبنات الإخوة، وبنات بنيهم، وأولاد الأخوات، وبنات الأعمام، وبنات بنيهم.

الثانية: أمومة، ويدخل فيها فروع الأم من الأجداد السَّاقطين والجدَّات السَّواقط من جهتها: كأبيها وأمه وأبي أمها وأمه، وكذا أعمام الأم وعمَّاتها وعمَّات أبيها وأمها.

الشيخ: يعني: عمَّات أمها.

وأعمامهما، وأخوال الأم وخالاتها مطلقًا، وكذا أخوال أبيها وأمها وخالاتهما.

الثالثة: بنوة، ويدخل فيها أولاد البنات، وأولاد بنات البنين وإن نزلوا.

الشيخ: هذه جهات ذوي الأرحام عند جمعٍ من أهل العلم، وذوو الأرحام الحكم فيهم فيه إشكال كثير؛ لأنه ليس فيها أحاديث مفصلة، إنما جاء فيه قوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، والحديث: الخال وارث مَن لا وارثَ له؛ فلهذا اشتدَّ فيه الخلاف، ورأى بعضُ أهل العلم أنه لا شيءَ لهم، وأنه لبيت المال، ثم اختلفوا -مَن ورَّثهم- على أقوالٍ كما تقدم.

فعلى قول جماعة من أهل العلم أنَّ جهاتهم ثلاث: الأبوة، والأمومة، والبنوة.

فالأبوة يدخل فيها مَن سقط من جهة الأب: كعمَّات الأب، والعم لأم، وأولاد الأخوات، وبنات الإخوة، والأجداد السَّاقطين من جهة الأب، والجدَّات السَّاقطات من جهة ......، كل هؤلاء من جهة الأب.

والأمومة يدخل فيها من أقاربها من ذوي الأرحام: من أخوالٍ وخالاتٍ، وجدَّات ساقطات وأجداد ساقطين، وأولاد الخالات، وأشباههم ممن له اتِّصال بالأم، ويرجع إليها، فهؤلاء يكونون من جهة الأم، جميع الأخوال والخالات من جهة أمها، والعمَّات من جهة أبيها، كلهم تبع جهة الأم.

أما البنوة فيدخل فيها فقط: أولاد البنات، وأولاد بنات البنين.

س: حفظ عن غير عمر من الصَّحابة توريث ذوي الأرحام؟

ج: قاله جماعة، وبعض أهل العلم جعلهم لا يرثون، وإنما يرث أصحابُ الفروض وأصحاب التَّعصيب، فالمسألة خلافية، خلافها قوي، نعم.

 

فلو مات شخصٌ عن ابن بنت بنت، وبنت أخ لغير أم، وخال، فمسألتهم من ستة: لابن بنت البنت ثلاثة، نصيب جدته، وللخال واحد، نصيب أخته وهي الأم، والباقي اثنان لبنت الأخ، وهما نصيب أبيها.

الشيخ: هذا إذا جعلناهم كل جهةٍ لا تحجب الجهةَ الأخرى، بل كل ينزل بمنزلة مَن أدلى به، فالذي ..... أعد.

 

فلو مات شخصٌ عن ابن بنت بنت، وبنت أخ لغير أم، وخال، فمسألتهم من ستة: لابن بنت البنت ثلاثة، نصيب جدته.

الشيخ: نعم، يعني من جهة البنوة.

 

وللخال واحد، نصيب أخته، وهي الأم، والباقي اثنان لبنت الأخ، وهما نصيب أبيها.

الشيخ: لأنَّ كل واحدٍ أُلحق بما أدلى به، بنت البنت بمنزلة البنت، فيكون لها ثلاثة، والخال بمنزلة الأم، فيكون له نصيبه السدس؛ لأنها مع البنت ما تأخذ إلا السدس، وبنت الأخ يكون لها الباقي؛ لأن أباها يأخذ الباقي، بنت الأخ يعني: لغير الأم، نعم، وفي هذا أن البعيد ينزل منزلة مَن أدلى به؛ لأن الجهة مختلفة، بخلاف ما لو كانوا في جهةٍ واحدةٍ، فالقريب يُسقط البعيد كالعصبة، نعم.

 

وفي بنت بنت أخت شقيقة وخالة، مسألتهم من خمسة: لبنت بنت الأخت ثلاثة، وللخالة اثنان.

الشيخ: كما لو مات عن أم وأخت، للأم الثلث، والأخت لها النصف، ويبقى واحد بينهم بالرد، فترجع إلى خمسة: للأخت ثلاثة، فهي لمن أدلى بها، وللأم اثنان لمن أدلى بها.

 

وفي بنت أخ وعم لأم أو عمَّة مطلقًا المال للعم لأم أو العمة؛ لأنَّ كلا منهما بمنزلة الأب، وهو يُسقط الأخ.

الشيخ: وهذا فيه إشكال، ولكنه على قواعدهم .......؛ لأنَّ العمَّ بمنزلة الأب، والعمَّة بمنزلة الأب، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، والأب يحجب الأخ، فعلى هذا يكون المالُ للعم لأم أو العمة؛ لأنهما بمنزلة الأب، وهذا يُشكل كثيرًا، فإن بنت الأخ بنت وارث، والعم نفسه ليس بوارثٍ، من ذوي الأرحام، فكيف يسقط وكلاهما غير وارثٍ، وكلاهما في الدَّرجة الأولى، ولكن على القواعد التي ذكرت، وهي أنَّ كل إنسانٍ بمنزلة مَن أدلى به، والعم مُدْلٍ بالأب، والبنت مُدلية بالأخ، فعلى هذا يحجب العم لأم ببنت الأخ، نعم.

س: عم لأم وعمَّة، كيف إرثهم؟

ج: لو مات عن: أخت وأخ، أثلاثًا بينهم، إذا صاروا أشقاء أو لأب.

س: في هذه الصورة: عمّ لأم وعمة؟

ج: إذا كانوا أشقاء بينهم، أو إخوة لأب بينهم أثلاثًا، كما لو مات عنهم الأب.

س: .............؟

ج: البنت تسقط؛ لأنَّ هؤلاء أدلوا بالأب، فعلى القاعدة تسقط بنت الأخ.

 

وفي ابن بنت بنت بنت، وبنت أخ لأم، المال لابن بنت بنت البنت.

الشيخ: لأنَّ جدتها تحجب الأخ لأم، وبنت الأخ لأم تسقط؛ لأنَّ جدَّتها -وهي بنت- تحجب الإخوة لأم.

لأنه بمنزلة جدَّته العليا، وهي البنت، وبنت الأخ لأم بمنزلة أبيها، والبنت تُسقط الأخ لأم.

ومَن أدلى من ذوي الأرحام بقرابتين ورث بهما: ففي بنت أخ لأم، هو ابن عم، وبنت ابن عم، مسألتهما من ستة: لبنت الأخ لأم واحد، نصيب أبيها بالإخوة، والباقي خمسة بينها وبين بنت ابن العم، لا تنقسم عليهما، بل تنكسر وتُباين، فتُضرب رؤوسهما اثنان -وهما جزء السهم- في أصلها ستة، باثني عشر: لبنت الأخ لأم من أصلها السدس= واحد، مضروب في جزء السهم اثنين، باثنين، ولهما جميعًا من أصلها خمسة تُضرب في جزء السهم اثنين، بعشرة، لكل واحدةٍ خمسة.

وفي ابن بنت بنت، هو ابن ابن بنت أخرى، مع بنت بنت بنت أخرى، المال بينهما أثلاثًا: لابن بنت البنت اثنان، وهما نصيب جدَّتيه: أم أمه وأم أبيه، ولبنت بنت البنت الأخرى واحد، نصيب جدَّتها.

وإذا كان مع ذوي الأرحام أحد الزوجين أُعطي فرضه كاملًا بلا حجبٍ ولا عولٍ، والباقي لذوي الرحم، فإن كان الموجودُ من ذوي الأرحام واحد أخذه، فإن كان الموجود منهم جماعة وانقسم عليهم فكذلك.

مثال ذلك: زوجة وثلاثة بني بنت أو أخت، مسألتهم من أربعة: للزوجة الربع= واحد، والباقي لذوي الأرحام، لكل واحدٍ منهم واحد، وإن لم ينقسم الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين على ذوي الأرحام فاجعل لهم مسألةً أخرى واقسمها عليهم.

الشيخ: إذا كان مع ذوي الأرحام أحد الزوجين فإنه يُعطى فرضه كاملًا، والباقي لذوي الأرحام كالعصبة.

فإذا مات ميتٌ عن زوجةٍ وخالٍ، أو مات عن زوجٍ وخالٍ، فيُعطى الزوج النصف، والباقي للخال، وتُعطى الزوجة الربع، والباقي للخال.

وهكذا لو مات ميتٌ عن زوجةٍ وبنت بنت أو بنت أخت، تُعطى الزوجة الربع، والباقي لبنت البنت أو بنت الأخت كالعصبة.

أو مات عن جماعةٍ من ذوي الأرحام إرثهم واحد: كمَن مات عن زوجٍ وخمسة بني بنت، فالزوج له النصف، والباقي لخمسة بني البنت بينهم كالعصبة. أو عن زوجةٍ، مات رجل عن زوجةٍ وعن خمسة بني بنت، أو خمسة بني أخت، فالزوجة لها الربع، والباقي لبني البنت أو بني الأخت؛ لأنهم من ذوي الأرحام، بينهم على عدد رؤوسهم كالعصبة.

فإن احتاجت إلى تصحيحٍ فأعطها ما تستحقه، ثم انظر بينها وبين الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين، فلا يخلو: إما أن يُوافق أو يُباين، فإن وافق الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين مسألة ذوي الأرحام فاضرب وفق مسألتهم في مسألة الموجود من الزوجين، وإن باينها فاضرب جميع مسألتهم في كامل مسألة الموجود من الزَّوجين، فما حصل بعد الضرب فمنه تصح المسألتان.

فمثال المُوافقة: زوجة وبنت أخت شقيقة وبنت أخت لأب وبنتا أختين لأم، مسألة الزوجة من أربعة: للزوجة الربع= واحد، والباقي لذوي الأرحام. ومسألة ذوي الأرحام من ستة: لبنت الشَّقيقة ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد، ولبنتي الأختين لأم اثنان، وبين الباقي بعد فرض الزوجة.

ومسألة ذوي الأرحام مُوافقة بالثلث، فيُضرب وفق مسألتهم اثنان في مسألة الزَّوجة أربعة، فيحصل ثمانية: للزوجة واحد مضروب في وفق الثانية اثنين باثنين، ولبنت الأخت الشَّقيقة ثلاثة تُضرب في وفق الباقي بعد فرض الزوجة واحد، فيحصل لها ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد مضروب في وفق الباقي بعد فرض الزوجة واحد بواحدٍ، ولبنتي الأختين لأم اثنان مضروبان في وفق الباقي بعد فرض الزوجة واحد باثنين.

الشيخ: وهذا واضح، إذا كان ذوو الأرحام إرثهم مختلف قسمت المال بينهم، جعلت لهم مسألة مستقلة، وأعطيتهم أنصباءها، ثم نظرت بين مسألتهم وبين الباقي من مسألة الزوج أو الزوجة بالنسب الثلاث: إما أن ينقسم، وإما أن يُباين، وإما أن يُوافق، يعني: يضرب بنسبتين: البينونة والموافقة إذا لم ينقسم، وإن انقسم صحَّت مما صحَّت الأولى، فلو مات إنسانٌ عن زوجةٍ وعن ثلاث بني بنت، فالزوجة لها الربع، والباقي لثلاث بني البنت كما تقدم .......

أو مات ميت عن زوجةٍ وعن خالٍ وعن ابن أختٍ، فالخال بمنزلة الأم، وابن الأخت بمنزلة الأخت، بل بنت أخ، يصير بنت أخٍ، يصير من ثلاثة: للأم الثلث اثنان، والباقي لبنت الأخ، والباقي من مسألة الزوجة ثلاثة اقسمها عليهم: للأم اثنان، ولبنت الأخ واحد من ثلاثة.

والمقصود إذا كان الباقي بعد فرض الزوج والزوجة منقسم ما يحتاج إلى عملٍ، وإن كان لا ينقسم تنظر بينهما بالموافقة أو المباينة، فإن باين ضربت مسألة ذوي الأرحام في أصل مسألة الزوجية، وإن وافق ضربت الوفق في مسألة الزوجية كما في الصورة هذه: بنت أخت شقيقة، وبنت أخت لأب، وولدين أخوين للأم، تكون من ستة مسألتهم: لبنت الأخت نصف –الشقيقة- ولبنت الأخت لأب واحد -السدس- ولابني الأخوين لأم اثنان، كملت الستة، وإن نظرت بينها وبين الباقي بعد مسألة الزوج -وهي ثلاثة- صارت مُوافقةً بالثلث، تضربها وفق المسألة: اثنين في أصل المسألة: أربعة، بثمانية: للزوجة واحد في اثنين باثنين، وهم لكل واحدٍ، لولد الأخت ثلاثة في وفق السهام واحد بثلاثة، ولابن الأخت لأب واحد في وفق السهام واحد بواحد، ولولدي الأخوين لأم اثنان في واحد باثنين، لكل واحدٍ واحد.

ولك أن تقسم بينهم الباقي بدون النظر إلى الزَّوجية، تأخذ الباقي بعد مسألة الزوج أو الزوجة وتقسم بين ذوي الأرحام، من غير الحاجة إلى النظر بينه وبين مسألة الزوج والزوجة؛ لأنه تطويل، فلا حاجةَ إليه، الباقي بعد الزوج والزوجة تركة مستقلة، كأنها تركة مستقلة، تقسمها بين ذوي الأرحام من غير حاجةٍ إلى النظر بينهم وبين مسألة الزوجية، تقول: الميت خلف أربعة آلاف: عن زوجةٍ، وعن بنت أختٍ شقيقةٍ، وبنت أختٍ لأب، وبنت أختٍ لأم، تُعطي الزوجة الربع ألفًا، وثلاثة آلاف تقسمها بينهم، ولا حاجة إلى مسائل، ولا قسمة ....... البنت الشقيقة لها ألف وثمان؛ لأنَّ لها ثلاثة أسهم، وبنت الأخت لأب لها سهم من خمسة= ستمئة، وبنت الأخت لأم سهم ......، وانتهينا، ولا حاجة إلى قسم ولا عمل.

س: ..............؟

ج: المقصود إيصال الحق إلى أهله، قسم المسائل إنما هي وسيلة.

س: وكذلك الزوج؟

ج: الزوجة تُعطى الربع وتمشي، والزوج يُعطى النصف ويمشي، ولا يحتاج إلى مسائل ولا شيء، إنما هذا عند الحاجة إلى العمل، يحطون مسائل.

ومثال المُباينة: زوج وبنت أخت شقيقة وبنت أخت لأب وبنت أخت لأم؛ مسألة الزوج من اثنين: للزوج النصف= واحد، والباقي واحد لذوي الأرحام. ومسألة ذوي الأرحام من خمسة: لبنت الشَّقيقة ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد، ولبنت الأخت لأم واحد، وبين الباقي بعد فرض الزوج ومسألة ذوي الأرحام مُباينة، فتضرب مسألتهم -وهي خمسة- في مسألة الزوج اثنين، فيحصل عشرة: للزوج من مسألته واحد مضروب في مسألة ذوي الأرحام خمسة بخمسة، ولبنت الشَّقيقة ثلاثة تُضرب في الباقي بعد فرض الزوج وهو واحد، فيحصل لها ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد يُضرب في الباقي بعد فرض الزوج واحد بواحدٍ، ولبنت الأخت لأم كذلك.

الشيخ: وهذا واضح، ولكن مثلما تقدم عند وجود المسألة القاسم ما يحتاج إلى عملٍ، يُعطي الزوج النصف، ويُعطيهم الباقي على خمسة سهام، ما يحتاج إلى مسائل؛ لأنه شيء واضح، فيُعطي الزوج النصف من التركة، والباقي يُقسم بين هؤلاء على خمسة سهام: للبنت الشقيقة ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد، ولبنت الأخت لأم واحد؛ لأنهم بمنزلة أمهاتهن.

س: ..............؟

ج: من باب التَّعليم، حتى يتَّضح الأمر.

ولا يعول في هذا الباب من أصول المسائل إلا أصل ستة، فإنه يعول إلى سبعة فقط.

مثال ذلك: لو خلف شخص خالًا وبنتي أختين شقيقتين أو لأب وبنتي أختين لأم، فمسألتهم من ستة، وتعول إلى سبعة: للخال واحد، ولبنتي الأختين لغير أم أربعة، ولبنتي الأختين لأم اثنان.

الشيخ: لأنها تقسم بينهم على حسب مَن أدلوا به، ومَن أدلوا به تعول مسألته، لا يعول فيها إلا هذا، إلا سبعة فقط؛ لأنه لو مات ميتٌ عن أم وأختين شقيقتين وأختين لأم كان قسمها كذا من ستة: للأم السدس= واحد، وللشقيقتين ثلثان= أربعة، وللأختين لأم الثلث= اثنان، هذه سبعة، عالت إلى سبعة.

فهكذا مَن أدلى بهم الخال، أدلى بالأم فيأخذ السدس، والبنتان الشقيقتان أدلتا بالشَّقيقتين، لهما الثلثان، وبنتا الأختين لأم أدلتا بالأختين لأم، فلهم الثلث، فعالت إلى سبعةٍ.

 

وكذا لو هلك هالكٌ عن أبي أم وبنت أخت شقيقة وبنت أخت لأب وابني أخوين لأم، مسألتهم من ستة، وتعول إلى سبعة: لأب الأم واحد، ولبنت الشقيقة ثلاثة، ولبنت الأخت لأب واحد، ولابني الأخوين لأم اثنان، لكل واحدٍ واحد.

الشيخ: لأنهم بمنزلة مَن أدلوا به، فأبو الأم بمنزلة الأم، مثل: الخال، مثل: الأم، يُعطى السدس، والباقي كلهم بمنزلة مَن أدلوا به.

هذا آخر ما تيسر جمعه، والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدِّين.