03 من باب الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى

باب الفروض المُقدرة في كتاب الله تعالى

الفرض لغةً يُطلق على معانٍ أصلها: الحزّ والقطع.

واصطلاحًا: نصيب مُقدر شرعًا لوارثٍ مخصوصٍ، لا يزيد إلا بالردِّ، ولا ينقص إلا بالعول.

والإرث نوعان: فرض وتعصيب.

والورثة باعتبار النَّوعين منقسمون إلى أربعة أقسام:

  • قسم يرث بالفرض فقط، وهم سبعة: الأم، وولداها، والزوجان، والجدَّتان.
  • وقسم يرث بالتَّعصيب فقط، وهم اثنا عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأخ الشَّقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشَّقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا، وابن العم الشَّقيق وابن العم لأب وإن نزلا، والمُعتِق، والمُعتِقة.
  • وقسم يرث بالفرض تارةً، وبالتعصيب تارةً، ويجمع بينهما تارةً، وهم اثنان: الأب والجدّ.
  • وقسم يرث بالفرض تارةً، وبالتَّعصيب تارةً، ولا يجمع بينهما أبدًا، وهم أربعة: البنت فأكثر، وبنت الابن فأكثر وإن نزل أبوها، والأخت الشقيقة فأكثر، والأخت لأب فأكثر.

والفروض المُقدرة في كتاب الله تعالى ستة: نصف، وربع، وثمن، وثلثان، وثلث، وسدس، والسابع ثبت بالاجتهاد؛ وهو ثلث الباقي في العُمريتين.

الشيخ: هذا الباب في بيان أنواع الإرث، وهو نوعان، الإرث نوعان: فرض، وتعصيب.

هذا الباب ذكره العلماءُ في بيان الفروض والعصب، والفرض إرث بتقدير، والعصب إرث بلا تقدير، يزيد وينقص.

والفرض: نصيب مُقدر شرعًا، لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول، محدود، جاء في القرآن العظيم والسنة المطهرة، وهي ستة فروض: نصف، وربع، وثمن، وثلثان، وثلث، وسدس. كلها مبينة في الأبواب الآتية: النصف له جماعة، والربع كذلك، والثمن كذلك، والثلثان كذلك، والثلث، والسدس، كلها بيَّنها الله جلَّ وعلا في كتابه العظيم، يأتي بيانها.

أما التَّعصيب: فهو إرثٌ بغير تقديرٍ، قد يأخذ المال كله، قد يأخذ ما أبقته الفروض، قد يُحجب بعض العصبة، مثل: الأب قد يرث المال كله إن لم يكن معه أحد الفروع كالابن والأخ، ونحو ذلك.

قد يرث بالفرض: إذا مات ميت عن أبٍ وابنٍ، ليس للأب إلا فرض: سدس، والجدّ كذلك.

قد يجمع بينهما: إذا مات ميت عن بنتٍ وأبٍ، تُعطى البنت النصف، والأب السدس، ثم يأخذ الباقي تعصيبًا.

هذا الباب فيه بيان أسس الميراث: الفرض والتَّعصيب، ومن رحمة الله جلَّ وعلا أن أوضح أمر المواريث إيضاحًا كاملًا، وهي هذا الفن من أقل الفنون، الخلاف نادر، مسائل قليلة مسائل الخلاف، كل مسائله إجماعية متَّفق عليها، ما عدا مسائل قليلة محدودة.

باب مَن يرث النصف

أهل النصف خمسة أصناف: الزوج، والبنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.

فالزوج يستحق النصف بشرطٍ عدميٍّ؛ وهو عدم الفرع الوارث، والفرع الوارث الأولاد وأولاد البنين وإن نزلوا.

الثاني: البنت، وتستحقه بشرطين عدميين، وهما: عدم المُعصِّب، وهو أخوها. وعدم المُشارك، وهو أختها.

الثالث: بنت الابن وإن نزل أبوها، وتستحقه بثلاثة شروط عدمية: عدم المعصب، وهو أخوها، أو ابن عمِّها الذي في درجتها. وعدم المُشارك، وهو أختها، أو بنت عمِّها التي في درجتها. وعدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها.

الرابع: الأخت الشَّقيقة، وتستحقه بأربعة شروط عدمية: عدم المُعصِّب، وعدم المُشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث، والمراد به: الأب وأبو الأب وإن علا بمحض الذُّكور.

الخامس: الأخت لأب، وتستحقه بخمسة شروط عدمية: عدم المُعصب، وعدم المُشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث، وعدم الأشقاء والشَّقائق.

الشيخ: هؤلاء هم أهل النصف في الشرع: خمسة، كل واحدٍ يستحق النصفَ -نصف مال الميت إذا مات- بشروطه:

أولهم الزوج: قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء:12]، فإذا مات ميت عن زوجٍ، ماتت امرأةٌ عن زوجها، وليس لها ذرية، فله النصف: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، والولد يشمل الذكر والأنثى في اللغة العربية وبنصِّ القرآن، ليس لها ابنٌ ولا بنت، ولا ابن ابن ولا بنت ابن، إذا كان ما وراءها أحدٌ يُعطى زوجُها النصف، والباقي لبقية الورثة، فإن كانت لها ذرية أخذ الربع كما يأتي، ماتت الزوجة عن زوجها وابنها، يكون للزوج الربع، والباقي للابن مثلًا.

والثانية: البنت -بنت الميت- تأخذ النصفَ أيضًا بشرطين: عدم المعصب، وهو أخوها. وعدم المشارك، وهي أختها. فإن مات ميتٌ عن بنتٍ فقط تُعطى النصف، والباقي للعصبة إن كانت واحدةً، أما إن كانت معها أختها تأخذ ثلثين، إن كان معها ابن –أخوها- ورثت عصبًا، للذكر مثل حظّ الأُنثيين، كما في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].

وهكذا بنت الابن: إن كانت وحدها تُعطى النصف، إذا كان ما معها معصب، ولا مشارك، ولا وُجد فرع وارث أعلى منها: لا بنت، ولا ابن؛ تُعطى النصف بهذه الشروط الثلاثة، أما إن كانت معها أخت أو بنت عمٍّ في درجتها تأخذ الثلثين، لو مات ميت عن بنتي ابنٍ، أو بنتي ابنين، يعني: لهما الثلثان، أو ثلاث بنات بنيه الثلاث، لهم الثلثان، وهكذا.

فإن كانت هناك بنت أعلى منها ما تأخذ النصف، تأخذ السدس معها، كما يأتي إن شاء الله، وإن كان هناك ابنٌ أعلى منها حجبها، فلا ترث؛ لقوله ﷺ: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكرٍ يعني: أقرب رجلٍ ذكرٍ.

وهكذا الشَّقيقة -وهي النوع الرابع- تأخذ النصف، إن مات ميتٌ عن الأخت الشَّقيقة لأب وأم، تُعطى النصف بالشروط الأربعة: عدم المعصب –أخوها- وعدم المشارك -وهي أختها- وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل الوارث. فإن كان معها أخٌ عصَّبها، ما ترث النصف، معها أخت تأخذ وإياها الثلثين، كما في قوله جلَّ وعلا في آخر سورة النساء: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء:176]، فإن كان وُجد أبٌ أو ابنٌ حجبها، وُجد بنت حجبتها عن النصف، بنت ابن حجبتها عن النصف، لو كان معها عصبة، الشَّقائق والأخوات لأبٍ عصبة كما يأتي إن شاء الله.

وهكذا الأخت لأبٍ لها النصف بشروطها الخمسة: عدم المعصب، وعدم المشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل الوارث، وعدم الأشقاء والشَّقائق.

كل هذه المحال إجماع، ليس فيها نزاع.

س: ..............؟

ج: تُعطى السدس كما يأتي، للشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين، مثل: بنت الابن مع البنت، يأتي إن شاء الله في باب السدس.

س: المرأة إذا جُومعت في رمضان وهي مُجبرة مغصوبة عليها الكفَّارة؟

ج: لا، ما  عليها كفَّارة، على المجبِر، ما عليها شيء، الإثم والكفَّارة على زوجها الذي أجبرها، وهي ما عليها لا قضاء ولا كفَّارة؛ لأنها مُجبرة، لو أنَّ أحدًا أمسك صائمًا وسقاه ماءً غصبًا ما يُفطر.

س: ...............؟

ج: نعم، إذا كان صحيحًا أنها مُجبرة، أما إن كان اسم إجبار، وإلا ما هي مجبرة، عليها الكفَّارة، وعليها القضاء.

مسائل:

  • إذا هلك هالكٌ عن زوجٍ وبنتٍ وأمٍّ وأبٍ.

المسألة من اثني عشر:

الزوج له الربع، والبنت لها النصف، والأم لها السدس، والأب له الباقي؛ له السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا.

بقي شيء وإلا عالت؟

والمسألة عالت إلى ثلاثة عشر.

.................

  • إذا هلك هالكٌ عن بنتٍ وأمٍّ وأبٍ.

المسألة من ستة: الأم لها السدس، والبنت لها النصف، والأب له السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، يبقى واحد يجمع بين الفرض والتَّعصيب.

.................

  • إذا هلك هالك عن بنتين وأم وبنت ابن وابن ابن.

المسألة من ستة: للبنتين الثلثان= أربعة، والأم لها السدس= واحد، وبقي واحد بين ابن الابن وبنت الابن: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، يكون بائنًا، فرؤوس ثلاثة، فتُسمَّى: جزء السهم، تُضرب في أصلها ستة، فتصح من ثمانية عشر.

الأم  1×3=3

والبنتان 4×3=12 بينهما.

1×3=3 للابن اثنان، ولبنت الابن واحد؛ عصبةً بالغير -بأخيها.

  • إذا هلك هالكٌ عن زوجٍ وأخٍ شقيقٍ.

المسألة من اثنين: الزوج له النصف واحد فرضًا، والنصف الثاني للأخ الشَّقيق تعصيبًا.

  • زوج وبنت وأخ شقيق.

المسألة من أربعة: الزوج له الربع= واحد، ومنعه من النصف البنتُ الفرع الوارث؛ لقوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ [النساء:12]، والولد في الشرع يُطلق على الذكر والأنثى، فيُسمَّى كلٌّ منهما: ولدًا.

والبنت لها النصف اثنان، والدليل قوله سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11].

  • بدل البنت: بنت ابنٍ، ما هي بنت.

لها النصف، تأخذ النصف، تقوم مقام البنت عند عدمها، تدخل في الآية: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً.

  • بدل البنت وبنت الابن: أخت شقيقة.

كذلك من أصحاب النصف.

  • زوج وأخت شقيقة.

الزوج يكون له النصف، والأخت الشقيقة لها النصف، بينهما أنصافًا فرضًا.

  • فإن كان بدل الشَّقيقة: أخت لأب.

كذلك لها النصف فرضًا بينها وبين الزوج.

.................

  • أخت شقيقة وأخ شقيق.

المال بينهما: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، من ثلاثة، وما تُعطى الشَّقيقة النصف؛ لوجود المعصب.

  • بدل الشَّقيقة: أخت لأب مع الشَّقيق.

المال للأخ الشَّقيق؛ يحجبها.

  • أخت لأب وأخ لأب.

المال بينهما أثلاثًا: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، للأخ لأب اثنان، ولها واحد.

  • بدل الأخ لأب: ابن أخ لأب وأخت لأب.

الأخت لأب لها النصف، وابن الأخ لأب له الباقي تعصيبًا.

  • وإن كان ابن أخٍ شقيقٍ.

كذلك -أحسن الله إليك- لا يحجبها، لها النصف؛ لأنها أعلى منه، والباقي لابن الأخ، شقيقًا أو لأبٍ.

............

إذا كان محجوبًا بشخصٍ فالصحيح يحجبها من الإرث كله كالأب، كأم وأب وإخوة، الأم لها السدس، أما إذا كان محجوبًا بوصفٍ: كالرق أو القتل أو اختلاف الدين؛ ما يحجبها.

الطالب: ..... محمد ابن أبي محمد الأنصاري، مولى زيد بن ثابت، مدني مجهول، من السادسة، تفرد عنه ابن إسحاق وأبو داود.

الشيخ: وأيش قال في "التقريب" في محمد ابن أبي محمد ثانٍ؟

الطالب: محمد ابن أبي محمد المدني، شيخ لعبد الرزاق مجهول، من السابعة، تمييز.

الشيخ: الخلاصة؟

الطالب: محمد ابن أبي محمد، مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير، وعنه ابن إسحاق، وثَّقه ابن حبان وأبو داود.

الشيخ: ما ذكر الثاني؟ أكثر عنه ابن إسحاق .....

قاعدة: الحافظ يقول: "مقبول" ما دام وثَّقه ابن حبان.

قاعدة: الحافظ في "التقريب" في مقدمته قال: "مقبول"، وهنا قال: "مجهول"، وإكثار ابن إسحاق يدل على أنه يعرفه ابن إسحاق معرفةً عظيمةً؛ ولهذا أكثر عنه، على كل حالٍ، الأقرب فيه أن يُقال أنه مقبول إذا جاءت له شواهد.

باب مَن يرث الربع

أهل الربع صنفان: الزوج، والزوجة فأكثر.

فالزوج يستحقُّ الربع بشرطٍ وجودي، وهو وجود الفرع الوارث.

والزوجة فأكثر تستحقه بشرط عدمي، وهو عدم الفرع الوارث.

الشيخ: .........

باب مَن يرث الثّمن

أهل الثمن صنف واحد وهو الزوجة فأكثر، فتستحق الثمن بشرط وجودي، وهو وجود الفرع الوارث.

الشيخ: هذا كله واضح، الربع له صنفان: الزوج والزوجة، الزوج يأخذ الربع عند وجود الفرع الوارث من الميتة، والزوجة تأخذ الربع من مال الزوج إذا كان لا ولدَ له بنص القرآن.

وهكذا الثمن تأخذه الزوجة إذا مات زوجُها عن ذريةٍ ولو واحدًا.

باب مَن يرث الثُّلثين

أهل الثلثين أربعة أصناف: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشَّقائق، والأخوات لأبٍ.

فالبنات يأخذن الثلثين بشرطين: شرط وجودي: وهو أن يكن اثنتين فأكثر. وشرط عدمي: وهو عدم المُعصب.

وبنات الابن يأخذنهما بثلاثة شروط: شرط وجودي: وهو أن يكن اثنتين فأكثر. وشرطين عدميين، وهما: عدم المُعصب، وعدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منهن.

والشَّقائق يأخذنهما بأربعة شروط: شرط وجودي: هو أن يكن اثنتين فأكثر. وثلاثة شروط عدمية: عدم المُعصب، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث.

والأخوات لأب يأخذنهما بخمسة شروط: شرط وجودي: وهو أن يكن اثنتين فأكثر، وأربعة عدمية: عدم المُعصب، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث، وعدم الأشقاء والشَّقائق.

الشيخ: هؤلاء هم أهل الثلثين: أربعة أصناف الله أعطاهم الثلثين من الميراث: البنات، وبنات الابن وإن نزل أبوهن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب. هؤلاء هم أهل الثلثين بنصِّ القرآن، كما في قوله جلَّ وعلا: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء:11]، والأخوات في آخر السورة: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء:176].

وبنات الابن بمنزلة البنات عند عدمهنَّ، والأخوات لأبٍ بمنزلة الشَّقائق عند عدمهنَّ.

فهؤلاء هم أهل الثلثين.

إذا مات ميتٌ عن بناتٍ يُعطين الثلثين إذا كان ما لهن مُعصِّب، ما معهن ابن، أما إن كان معهن ابنٌ فيرثن بالتَّعصيب للذكر مثل حظّ الأُنثيين: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].

وهكذا بنات الابن وإن نزل أبوهنَّ، بنات الابن، وبنات ابن الابن، وبنات ابن ابن الابن، وهكذا، يُعطين الثلثين إذا كان ما هناك فرع وارث غيرهنَّ أعلى منهن.

أما إن كان هناك فرع وارث أعلى منهن: إن كان ذكرًا منعهن، إن كان وُجد ابنٌ منعهن، وإن كان بنتًا منعتهن من الثلثين، يُعطين السدس، فإن كانت بنات مُنعن من الإرث بالكلية، إلا أن يكون معهن مُعصِّب؛ أخذ الباقي بعد البنات.

وهكذا الشَّقائق، الأخوات الشَّقائق من أبيه وأمه، إذا مات إنسانٌ عن شقيقتين أو أكثر يُعطين الثلثين إذا كان ليس لهن مُعصِّب، ما معهن شقيق، إناث محض، وليس هناك أب، ولا جدّ، أصل وارث، ولا فرع وارث: لا ابن، ولا بنت؛ فإنهن يُعطين الثلثين، إلا أن يكن معهن شقيق؛ فإنهن يُعطين تعصيبًا للذكر مثل حظّ الأُنثيين.

والأخوات لأب مثلهن يُعطين الثلثين إذا عُدم الشَّقائق، وعُدم الفرع الوارث، والأصل من الذكور الوارث، والمعصب؛ يُعطين الثلثين كالأخوات الشَّقائق بخمسة شروط: أن يكن ثنتين فأكثر. عدم المعصب، وهو أخوهن. عدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث، وعدم الأشقاء والشَّقائق.

وهذه الشروط كلها مأخوذة من الكتاب العزيز ومن السنة المطهرة: ألحقوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكرٍ.

  • اقسم: إذا هلك هالك عن بنتين وأخ لأب.

المسألة من ثلاثة: البنتان تأخذان الثلثين، والباقي واحد للأخ لأب تعصيبًا.

  • وإن كان الموجود بنتي ابنٍ.

كذلك لهما الثلثان، والباقي للأخ لأب تعصيبًا.

  • وإن كان الموجود شقائق؛ ثنتين أشقاء مع أخٍ لأب.

كذلك يأخذن الثلثين، والباقي للأخ لأب.

  • فإن كنَّ أخوات لأب.

يمنعهن من الثلثين المعصِّب.

  • وإن كان مع البنتين زوج.

الزوج يأخذ الربع، والبنتان الثلثين، والباقي يُرد عليهما، وإن كان فيه عاصبٌ يُعطاه.

  • وإن كان بدل الزوج: زوجة.

تأخذ الثمن، والبنتان الثلثين، والباقي لأولى رجلٍ ذكرٍ، العاصب.

  • فإن كانت زوجة وأخت شقيقة وأخ لأب.

الزوجة لها الربع، والشَّقيقة لها النصف، والباقي للأخ لأب، فتكون المسألة من أربعة.

  • إذا هلك هالك عن زوجٍ وبنتٍ وبنت ابنٍ وأخٍ شقيق.

المسألة من اثني عشر: للزوج الربع؛ لوجود الفرع الوارث، وللبنت النصف، وبنت الابن لها السدس تكملة الثلثين، والباقي للأخ الشَّقيق تعصيبًا.

  • فإن كان الموجود بنتين، ما هو بنت وبنت ابن، بنتان مع الزوج.

كذلك من اثني عشر: للزوج الربع، وللبنتين الثلثان.

  • وإن كان مكانهما بنتي ابنٍ.

كذلك ثلثان، والباقي للأخ.

  • الذي معهم ما هو زوجًا، زوجة وبنتان وأخ شقيق.

المسألة من أربعٍ وعشرين: للزوجة الثّمن.

  • فإن كانتا زوجتين.

كذلك الثّمن بينهما.

ثلاث؟

ولو ثلاثًا.

أربع؟

كذلك أحسن الله إليك.

ما لهنَّ زيادة، الثمن فقط مع الفرع الوارث، ومع عدمه لهن الربع، يشتركن.

والباقي للبنت، لها النصف.

  • أو بنتان أو بنت.

إن كانت بنتًا من ثمانية، وإن كانتا بنتين فمن أربعٍ وعشرين.

  • خمسة أخوات لأب وزوجة وابن أخ شقيق.

المسألة من اثني عشر: للزوجة الربع، والخمس أخوات لهن الثلثان= ثمانية، والباقي لابن الأخ الشقيق تعصيبًا.

باب مَن يرث الثلث

أهل الثلث صنفان: الأم والإخوة لأم.

فالأم تستحق الثلث بثلاثة شروط عدمية: عدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة، والجمع اثنان فأكثر، سواء كانا ذكرين أو أُنثيين أو خُنثيين أو مُختلفين، شقيقين لأب أو لأم، وارثين أو محجوبين بشخصٍ.

الثالث: أن لا تكون المسألةُ إحدى العُمريتين، وهما: زوج وأم وأب، أو زوجة فأكثر وأم وأب، فإنها تأخذ فيهما ثلث الباقي، وهو في الأولى سدس، وفي الثانية ربع.

الثاني: الإخوة لأم، ويستحقونه بثلاثة شروط: شرط وجودي؛ وهو أن يكونوا اثنين فأكثر، وشرطين عدميين، وهما: عدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث.

الشيخ: المقصود أنَّ أهل الثلث صنفان من الورثة، المستحقون للثلث صنفان:

أحدهما: الأم، الله جعل لها الثلث كما قال تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، فتأخذ الثلثَ بهذه الشروط الثلاثة: ألا يكون له ولد، لا ذكر ولا أنثى؛ الميت لم يخلف ولدًا، لا ذكرًا ولا أنثى، وليس له إخوة -اثنان فأكثر- فإن كان له إخوة تُعطى السدس، وإن كان له ولد تُعطى السدس كما يأتي.

وشرط ثالث: ألا تكون إحدى العُمريتين، فإن إحدى العُمريتين قضى فيها عمر -وتابعه الجمهور- على أنها تُعطى ثلث الباقي، فإذا كان زوج وأم وأب، فالزوج له النصف، والأم لها ثلث الباقي= واحد، والباقي للأب.

والثانية: زوجة وأم وأب، تُعطى الزوجة الربع، والأم لها ثلث الباقي، والباقي للأب؛ لأنها لو أُعطيت الثلث زادت على الأب، والقاعدة الشرعية: أن الأب يأخذ مثلها أو أكثر بالفرض والتَّعصيب؛ ولهذا عمر والصحابة أعطوها ثلث الباقي، وتابعه الأئمَّة في هذه المسألة، وكان ابن عباسٍ رضي الله عنهما يرى أن تُعطى ثلث المال مطلقًا، ولو مع زوجةٍ وأبٍ وأمٍّ، أو زوجٍ وأمٍّ وأبٍ، في العُمريتين.

وقول الجمهور والذي قاله عمر واضح ظاهر في هذا.

والإخوة لأم هم أهل الثلث الثاني، يأخذون الثلث أيضًا إذا كانوا اثنين فأكثر، إخوة الميت من أمه، وشروطهم ثلاثة:

أن يكونا اثنين، أما إن كان واحدًا ما له إلا السدس، لكن إن كانا اثنين فأكثر، ولو كانوا عشرةً لهم الثلث، يشتركون فيه، سواء ذكورًا أو إناثًا أو مخلوطين: ذكور وإناث، كلهم سواء، يشتركون فيه؛ لقوله جلَّ وعلا: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، هؤلاء هم الإخوة لأم بإجماع المسلمين، هم الإخوة لأم.

والكلالة: مَن لا ولدَ له ولا والدَ ذكر، لا أب، ولا جدّ، هذه كلالة، فالإخوة لأم يُعطون فيها الثلث.

وهناك صنف ثالث يُعطى الثلث في مسائل الجدّ والإخوة على القول بتوريثه، تكون مع الجدّ، يُعطى الجدّ الثلث إذا  كان معه أكثر من اثنين، وليس معهم ذو فرضٍ، ولكن مسألة الجدّ والإخوة لها بحث يأتي إن شاء الله، أما هذا فهذا هو المجمع عليه: الإخوة لأم والأم هم أصحاب الثلث.

ويختص ولد الأم بأحكامٍ:

منها: كون الذكر والأنثى سواء انفرادًا واجتماعًا.

ومنها: أنَّ ذكرهم يُدلي بأنثى ويرث.

ومنها: أنَّهم يحجبون مَن أدلوا به نقصانًا.

ومنها: أنهم يرثون مع مَن أدلوا به، وهذا الأخير تُشاركهم فيه أم الأب وأم أبي الأب.

الشيخ: هذا من خصائص الإخوة لأم؛ أنهم يستوي ذكرهم وإناثهم، انفرادًا واجتماعًا، بخلاف الأولاد والإخوة الآخرين؛ للذكر مثل حظّ الأُنثيين، أما الإخوة لأم خاصة ذكرهم وإناثهم، سواء انفردوا أو اجتمعوا؛ يحجبون مَن أدلوا به نقصانًا، أدلوا بالأم ويحجبونها من الثلث إلى السدس، ويرثون مع مَن أدلوا به، يرثون بالأم، ويرثون معها، والقاعدة: مَن أدلى بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة، فالابن يحجب ابن الابن، والأب يحجب الجدّ، والأخ يحجب ابن الأخ، قاعدة، إلا الأم مع ابنها، والجدة مع ابنها، والإخوة لأم مع أمهم يرثون.