من حديث أن رسول الله كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة

باب المشي والركوب إلى العيد، والصلاة قبل الخطبة بغير أذانٍ ولا إقامةٍ

957- حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا أنس بن عياض، عن عبيدالله، عن نافع، عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله ﷺ كان يُصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة.

958- حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام: أن ابن جريج أخبرهم، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبدالله قال: سمعته يقول: إن النبي ﷺ خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة.

959- قال: وأخبرني عطاء: أن ابن عباسٍ أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بُويع له: إنه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر، إنما الخطبة بعد الصلاة.

960- وأخبرني عطاء، عن ابن عباسٍ، وعن جابر بن عبدالله، قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى.

961- وعن جابر بن عبدالله قال: سمعته يقول: إن النبي ﷺ قام فبدأ بالصلاة، ثم خطب الناس بَعْدُ، فلما فرغ نبي الله ﷺ نزل، فأتى النساء، فذكرهنَّ، وهو يتوكأ على يد بلالٍ، وبلالٌ باسطٌ ثوبَه يُلقي فيه النساء صدقةً.

قلتُ لعطاء: أترى حقًّا على الإمام الآن أن يأتي النساء فيُذكرهنَّ حين يفرغ؟ قال: إن ذلك لحقٌّ عليهم، وما لهم ألا يفعلوا؟!

الشيخ: وهذا يدل على أن صلاة العيد يُبدأ بها قبل الخطبة بخلاف الجمعة، ففي الجمعة يخطب أولًا، ثم يُصلي، أما العيد فإنه يُصلي أولًا، ثم تكون الخطبة بعد ذلك.

وفي ذلك أنها ليس لها أذانٌ ولا إقامةٌ، ليس لصلاة العيد أذانٌ ولا إقامةٌ، أما الجمعة فلها أذانٌ ولها إقامةٌ كبقية الصلوات الخمس، وأما صلاة العيد فليس لها أذانٌ ولا إقامةٌ كما أخبر بذلك أصحاب النبي ﷺ: جابر، وابن عباس، وغيرهما.

ولا يُقال فيها أيضًا: "الصلاة جامعة" كما يُقال في صلاة الكسوف، ولا "الصلاة رحمكم الله" كالأذان، يعني: يُنادى كالأذان، كل هذا لا أصلَ له، وهو بدعةٌ.

وإنما يأتي الإمام، فإذا جاء الإمام قاموا وصلوا، ثم خطب بعد ذلك في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى، ولا يُنادى لها بالأذان المعروف، ولا بأذانٍ آخر، لا "الصلاة جامعة"، ولا غير ذلك، أو "الصلاة يرحمكم الله"، كل هذا لا أصلَ له.

إنما يقال: "الصلاة جامعة" في صلاة الكسوف: "الصلاة جامعة، الصلاة جامعة".

وفيه من الفوائد: أن الإمام –يعني: الخطيب- يأتي النساء إذا لم يصل إليهن الصوت، يأتيهن بعد الصلاة وبعد الخطبة يُذكرهنَّ بموعظةٍ خاصةٍ، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، إذا فرغ من خطبة الرجال أتى النساء فذكَّرهن ووعظهنَّ.

وكان مما وعظهنَّ به أن قال: يا معشر النساء، تصدقن، وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكنَّ أكثر أهل النار، فقالت امرأةٌ: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنكن تُكثرن اللعن، وتكفرن العشير.

تُكثرن اللعن يعني: السبَّ، وتكفرن العشير الزوج، لو أحسن إلى إحداكن الدهر –أي: جميع الزمان- ثم رأت منه شيئًا –يعني: رأت منه زلَّةً في بعض الأحيان- قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط يعني: يجحدن المعروف السابق كله، وهذا وصفٌ غالبٌ، وإلا فهناك من الخيّرات والطيبات .....

وفيه من الفوائد: أن المرأة لها الصدقة من دون إذن الزوج، ومن دون إذن الأولياء إذا كانت رشيدةً؛ ولهذا أمرهن بالصدقة، ولم يقل لهن: شاورن أزواجكن، أو شاورن آباءكن، بل أمرهن بالصدقة وقبلها منهنَّ.

فكونهن يتصدقن ويدفعن إلى بلالٍ من الحُلي -الخواتم وغير ذلك- صدقةً يدل على أن المرأة حرَّة في مالها: تتصرف، تتصدق، تُعطي الذهب، تُعطي زوجها، تُعطي غيره، قال الله تعالى في حق الزوجة: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا [النساء:4]، يُخاطب الأزواج، فإذا أعطت زوجها شيئًا من مالها أو من مُرتبها عن طيب نفسٍ فلا حرج، لكن لا يجبرها على ذلك، فلا يتوعدها بالطلاق إن لم تُعطه، ما يجوز هذا، أما إذا طابت نفسُها بشيءٍ من مالها أو من راتبها، من غير إجبارٍ، ولا إكراهٍ، ولا إيذاءٍ، ولا وعيدٍ بالطلاق، وإنما عن طيب نفسٍ.

وأما الوعيد بالطلاق، أو بالتهديد، أو بالضرب، أو بسوء العِشرة إذا ما أعطته فهذا ما يجوز، هذا معناه: الظلم والإكراه، والله يقول: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا، أما بالوعيد بالطلاق وبغيره، أو بمُضايقاته عليها، أو بإيذائه لها إذا لم تُعطه فهذا لا يجوز.

وأما حديث: ليس للمرأة عطيةٌ إلا بإذن زوجها فهو حديثٌ شاذٌّ، ضعيفٌ، مخالفٌ للأحاديث الصحيحة، إلا أن يُحمل على أن هذا من ماله، فإذا حُمل على ماله فلا بأس ..... من ماله إلا بإذنه، أما في مالها فهي حرةٌ، لها أن تتصرف في مالها إذا كانت رشيدةً، مُكلَّفةً، جيدة التصرف.

س: .............؟

ج: ما له أصلٌ .....، أما التكبير فمشروعٌ، كونه يُكبر في الطرق، وكونه يُكبر في المسجد، لكن بغير التكبير الجماعي، ما هو بجماعي، هذا يُكبر، وهذا يُكبر، وهذا يُكبر، هذه سنة.

كان ابن عمر إذا خرج من بيته يُكبر حتى يصل المصلَّى، وكان يُكبر النبي ﷺ يوم العيد ويُكبر الناس، لكن ما يفعله بعض الناس من التكبير الجماعي الذي يقولونه بصوتٍ واحدٍ، هذا لا أصلَ له، هذا بدعةٌ.

أما أن يُكبر هذا في الطريق، وهذا يُكبر في المسجد، ..... يُكبرون، هذه سنة. نعم.

س: ............؟

ج: يُكبر المؤذن؟

س: إي، نعم.

ج: لا، ما يجوز، هذا بدعةٌ.

س: .............؟

ج: إذا وصلت الموعظةُ بوجود المكبرات الآن تكفي، وإذا أراد أن يخصهنَّ بشيءٍ يخصهنَّ وهو في الخطبة: يا نساء، افعلن كذا. يكفي، ما في حاجةٍ إلى أن يذهب إليهن الآن مع وجود المكبرات.

باب الخطبة بعد العيد

962- حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباسٍ قال: شهدتُ العيد مع رسول الله ﷺ، وأبي بكر، وعمر، وعثمان ، فكلهم كانوا يُصلون قبل الخطبة.

963- حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا عبيدالله، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: كان رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يُصلون العيدين قبل الخطبة.

الشيخ: وأيش الفائدة من ذكر أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، والحجّة قائمةٌ بفعل النبي ﷺ؟! ما الفائدة من ذلك؟!

الطالب: أنه لم يُنسخ؟

الشيخ: يعني: ليُعلم أن الأمر مستمرٌّ، وأنه لم يُنسخ؛ ولهذا عمل به الصحابة. نعم.

س: تكبير المؤذن بدون مُكبرٍ؟

ج: إذا لم يكن مع الأذان، تكبيرٌ خاصٌّ مثل الناس، أما إذا كان يرفع صوته مثل الأذان، أو مع الأذان، ولو بغير مُكبرٍ، أما كونه يُكبر مثل الناس التكبير الخاص مثل الناس .....، لكن لا يخصّ الأذان ..... الأذان آخره "لا إله إلا الله"، انتهى، لا يزيد فيه شيئًا حتى الصلاة على النبي ﷺ، لا يزيد الصلاة على النبي ﷺ، يأتي بها بصوتٍ آخر مُنخفضٍ عاديٍّ، لا يأتِ بها مع الأذان بصوتٍ مُرتفعٍ .....، الأذان ينتهي بـ"لا إله إلا الله" مرةً واحدةً، حتى لو قال: "لا إله إلا الله" مرتين صار هذا الفعل بدعةً، لو كررها مرتين: "لا إله إلا الله" صار بدعةً، يقولها مرةً واحدةً: "لا إله إلا الله" وانتهى الأذان والإقامة، فلا يزيد "لا إله إلا الله" مرةً ثانيةً، ولا يُكبر بعد الأذان، ولا يُصلِّ على النبي ﷺ بعد الأذان بصوتٍ مُرتفعٍ مع الأذان، لا، يُصلِّي مثل الناس، يُصلِّي على النبي ﷺ بعد الأذان، ثم يقول: "اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة .." مثل الناس، لا يجعلها مع الأذان. نعم.

س: .............؟

ج: يُنَبَّه، الذي يفعله يُنَبَّه أنه بدعةٌ.

964- حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ صلَّى يوم الفطر ركعتين لم يُصلِّ قبلها ولا بعدها، ثم أتى النساء ومعه بلالٌ، فأمرهنَّ بالصدقة، فجعلن يُلقين، تُلقي المرأة خُرْصَها وسِخَابها.

965- حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا زبيد، قال: سمعتُ الشعبي، عن البراء بن عازب قال: قال النبي ﷺ: إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نُصلي، ثم نرجع فننحر، فمَن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتنا، ومَن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحمٌ قدَّمه لأهله، ليس من النُّسُك في شيءٍ، فقال رجلٌ من الأنصار يُقال له "أبو بُردة ابن نيار": يا رسول الله، ذبحتُ، وعندي جذعةٌ خيرٌ من مُسِنَّةٍ؟ فقال: اجعله مكانه، ولن تُوفي –أو: تجزي- عن أحدٍ بعدك.

الشيخ: وهذا يدل على أن صلاة العيد ليس لها راتبةٌ قبلها ولا بعدها، إذا جاء الإمام شرع في الصلاة، ليس لها راتبةٌ قبلها ولا بعدها، وهكذا المأموم إذا جاء يجلس، ليس لها سنةٌ قبلها ولا بعدها، إلا إذا كان في المسجد -صلوها في المسجد- فهنا تحية المسجد، فالأظهر أن تحية المسجد تُفعل؛ لعموم الأدلة.

أما إذا صلوها في المصلَّى العادي المعروف فإنه يجلس؛ لأنه ليس له تحيةٌ، ليس له حكم المسجد.

ثم النحر يكون بعد الصلاة، لا يكون قبلها، ما يذبح قبل الصلاة، في محل القُرى والأمصار هذه شاة لحمٍ، أما في البوادي وفي منى فليس هناك صلاةٌ، يذبح من طلوع الشمس، وقال بعض أهل العلم: قدر الصلاة؛ احتياطًا. هذا هو محل الذبح؛ لأن البوادي وأهل منى ليس عندهم صلاةٌ، وإنما الصلاة في القرى والأمصار، فإذا صلوا ورجعوا إلى بيوتهم يذبحون وينحرون، ولا ينحرون قبل الصلاة.

س: ..............؟

ج: المشهور عند العلماء أنها مثل العيد: خطبتان، هذا الذي عليه الأئمة الأربعة والجمهور: خطبتان، وجاء في حديثٍ فيه ضعفٌ: أنه خطب خطبتين في العيد، ولكن الذي عليه عمل العلماء أنها مثل الجمعة؛ لأنها عيدٌ، عيد السنة، والجمعة عيد الأسبوع، فألحقوها بها.

ولم يثبت النفي، إنما جاء بخطبةٍ واحدةٍ، ولم يثبت النفي، لم يخطب سواها، فمحتملٌ.

أما هذه الرواية: "أنه خطب خطبتين" ففيها إبراهيم بن محمد شيخ الشافعي رحمه الله. نعم.

س: .............؟

ج: التَّلقي؛ تلقي العمل، التلقي عن السلف .....

س: هل ثبت عن أحدٍ من السلف أنه خطب خطبتين في العيد؟

ج: الذي يظهر أنه من طريقة السلف، من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، ما أذكر أن أحدًا من السلف خطب خطبةً واحدةً، إنما الكلام: هل النبي ﷺ فعله؟ هذا هو محل الكلام: هل ثبت عن النبي ﷺ فعله أم لا؟

ما نعلم حديثًا صحيحًا عن النبي ﷺ إلا ما رواه إبراهيم الأسلمي، نعم، شيخ الشافعي رحمه الله.

س: .............؟

ج: إذا تلقَّتها الأمةُ بالقبول كفى، تلقي الأمة بالقبول كافٍ، تلقي الأمة عمَّن قبلهم من الصحابة، فالصحابة أعلم الناس بهذا رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: .............؟

ج: سنةٌ مُستحبَّةٌ، حضور العيد سنةٌ، لكن في المساجد لا، في المصلَّى فقط؛ لأنه قال: يعتزلن المصلَّى يعني: لا يُضايقن الناس، في المصلَّى من وراء الناس، أو من الجوانب، فيسمعن الفائدة، أما في المسجد لا، لكن عند المنائر، أو خارج المسجد، أو حواليه، يسمعن الفائدة، طيب.

كان الناس فيما مضى، ما أدري عنه الآن، كان الناس فيما مضى يخرجون يوم الجمعة، ويكونون حول المنائر، ويسمعون الخطبة يوم الجمعة، كنت أعرف هذا وأنا صغيرٌ، كانت النساء يحضرن يوم الجمعة عند المنائر خارج المسجد يسمعن الفائدة، فإذا حضرن عند المنائر إذا كان العيدُ في المساجد ليسمعن فهذا طيبٌ، مثل: حضورهنَّ في المصلَّى. نعم.

..............