190 من حديث: (يا ابن آدم إنّك أن تبذل الفضل خير لك وأن تمسكه شر لك..)

 
9/552- عن أَبي أُمَامَةَ صُدَيِّ بنِ عَجْلانَ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ أن تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيرٌ لَكَ، وأن تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلا تُلامُ عَلى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، واليَدُ العُليَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى رواه مسلم.
10/553- وعن أَنسٍ قَالَ: "مَا سُئِلَ رسُولُ اللَّه ﷺ عَلَى الإِسْلامِ شَيئًا إِلَّا أَعْطاه، وَلَقَد جَاءَه رَجُلٌ فَأَعْطَاه غَنَمًا بَينَ جَبَلَينِ، فَرَجَعَ إِلى قَومِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لا يَخْشَى الفَقْرَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَكُونَ الإِسْلامُ أَحَبَّ إِلَيه منَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا" رواه مسلم.
11/554- وعن عُمَرَ قَالَ: قَسَمَ رسولُ اللَّه ﷺ قَسْمًا، فَقُلتُ: يَا رسولَ اللَّه، لَغَيْرُ هَؤُلاءِ كَانُوا أَحَقَّ بهِ مِنْهُم! قال: إِنَّهُمْ خَيَّرُوني أَن يَسْأَلُوني بالْفُحْشِ, أَوْ يُبَخِّلُوني، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ رواه مسلم.
12/555- وعن جُبَيْرِ بنِ مُطعِم أَنه قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَقْفَلَهُ مِن حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ ﷺ فقال: أَعْطُوني رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُوني بَخِيلًا وَلا كَذَّابًا وَلا جَبَانًا رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تدل على فضل الجود والكرم والإحسان والإنفاق في سبيل الله، وأن هذا هو خُلُق النبي عليه الصلاة والسلام، فالجدير بالمؤمن الذي وسَّع الله عليه أن يُنفق ويُحسن ويرجو ما عند الله في القريب والفقير ومشاريع الخير.
يقول ﷺ: يا ابن آدم، إنَّك أن تبذل الفضلَ خيرٌ لك، وأن تُمسكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفافٍ، وابدأ بمَن تعول، واليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى، فيُوجه النبيُّ ﷺ إلى أن البذل –الجود والكرم- خيرٌ للمؤمن، والإمساك شرٌّ له، وتقدم قوله ﷺ: يقول الله جلَّ وعلا: يا ابن آدم، أنفق أُنْفِقْ عليك، هكذا يقول ربنا ، ويقول ﷺ: ما من يومٍ يُصبح فيه الناسُ إلا وينزل فيه ملكان، يقول أحدُهما: اللهم أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقول الثاني: اللهم أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا.
والله سبحانه يقول: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، ويقول سبحانه: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7]، ويقول جلَّ وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16].
وفي هذه الأحاديث ما يدل على هذا الفضل، وأن اليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وأن الإنفاق هو طريق المؤمن، وسبيل المؤمن، ولا يُلام على كفافٍ لما يسدّه ويسدّ حاجته، ويبدأ بمَن يعول من الأقارب والأهل قبل غيرهم.
والإنفاق في وجوه البرّ كله خير، وكله فضل من الله جلَّ وعلا، ومن أسباب الخلف، والنبي ﷺ جاءه فقيرٌ من الأعراب فأعطاه ما بين جبلين غنمًا، فذهب إلى قومه وقال: "يا قوم، أسلموا؛ فإنَّ محمدًا يُعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر"، فهذا فيه الحثّ على الجود والكرم، وتأليف القلوب، ودعوة الناس إلى الإسلام بالإنفاق والإحسان.
وقسم قسمًا فقالوا له: يا رسول الله، لغير هؤلاء أولى منهم؟ فقال: إنهم يأبون أن يُبَخِّلوني، ويأبى الله لي البخل، وفي اللفظ الآخر: إني لأعطي قومًا لما في قلوبهم من الهلع، وأدع آخرين لما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، منهم: عمرو بن تغلب، قال عمرو : لقد قال النبي كلمةً ما أحبُّ أنَّ لي بها الدنيا وما عليها.
فالمقصود أنَّ المؤمن يجتهد في الإنفاق والإحسان، ويتحرَّى وضع الأمور في مواضعها، فيتحرَّى النَّفقة في تأليف القلوب، وفي تعمير المساجد، وفي التَّشجيع على طلب العلم، وفي توزيع الكتب النَّافعة، وفي صلة الرحم، وغيرها من وجوه الخير، يرجو ما عند الله من المثوبة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: "فإن محمدًا يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر" فإذا دعا الإنسانُ شخصًا معينًا من هذا النوع ماذا يفعل؟
ج: يكفي التشييع، يكفي ما ذكر الله في القرآن، والتشييع بأن الله وعد بالخلف، لكن يكون مخلصًا لله، ما هو برياء، يُنْفِق ويُريد ما عند الله، ومَن أنفق يُريد ما عند الله فليس عليه خطرٌ من الفقر، فالله جلَّ وعلا قال: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، لكن يتحرَّى في إنفاقه وجوه الخير، ويبدأ بمَن يعول، فزوجته وأولاده وأهل بيته ومَن تحت يده مُقَدَّمون على غيرهم.
س: بالنسبة لسعي السِّمسار: هل من حقِّ السمسار أم من حقِّ المالك؟
ج: هذا على مَن شُرِطَ عليه: إن كان شُرِطَ على البائع فعلى البائع، وإن كان شُرِطَ على المشتري فعلى المشتري، فالسمسار دلَّالٌ.
س: هذا الأمر مفروغٌ منه، لكن محلّ السؤال هنا أن بعض السَّماسرة يبيعون للمالك السّلعة بثمنٍ جيدٍ ومكسبٍ ممتازٍ وفوق هذا فإنَّ هذا المالك الغني يشترط نصفَ السّعي له؟
ج: إذا ما أعطاه إلا النصف فالمسلمون على شروطهم، فإذا كان لهذا السعي جنيه ونصف على المئة، فقال: ما أُعطيه إلا ريالًا وربعًا، فلا بأس، فالمسلمون على شروطهم؛ لأنه قد تكون له أموال كثيرة فنصف السّعي ينفعه.
س: لا، المشتري يدفع السعي كاملًا، ولكن المالك ..؟
ج: المسلمون على شروطهم، فإذا شرطوا ذلك فلا بأس.
س: رجلٌ صلَّى مع الإمام، فلما كبَّر الإمامُ تكبيرة الإحرام جلس هذا الرجلُ يتحدث مع صاحبٍ له حتى انتهى الإمام من ..؟
ج: هذا ما ينبغي، ينبغي للإنسان أن يُبادر، فإذا كبَّر الإمامُ وجب عليه أن يُبادر ويُكبّر مع الإمام؛ لأنَّ الرسول قال: إذا كبَّر فكبّروا.
س: هل تبطل صلاته؟
ج: لا ما تبطل، لكن ترك الواجب عليه.
س: الصواب في تحية المسجد بعد صلاة العصر؟
ج: مثل غيرها، فالنبي ﷺ قال: إذا دخل المسجدَ فلا يجلس حتى يُصلّي ركعتين.
س: نعم، بعض الناس يقولون: ليس هذا بصواب؟
ج: بعض أهل العلم يمنعها في وقت النَّهي، لكن الصَّواب أنها جائزةٌ، مأمورٌ بها دائمًا، ولهذا لما دخل رجلٌ والإمام يخطب يوم الجمعة قال: "قم فصلِّ ركعتين"، والإمام يخطب.
س: إذا دخل الشخص وجلس مباشرةً، هل عليه إثم؟
ج: يُعَلَّم ويُقال له: قم صَلِّ ركعتين، مثلما أمر النبيُّ، فقد أمر النبيُّ مَن جلس فقال: قم فصلِّ ركعتين.
س: وإذا أبى؟
ج: إذا علَّمته السنة يكفي، ولا تُضاربه.
س: بالنسبة لهذا السؤال: هذا الشخص إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب وجلس هل أقول له: قم؟
ج: تقول له: قم، فالسنة لك يا أخي أن تُصلي ركعتين، بالكلام الطيب.
س: ...................؟
ج: إذا كان الإمام يخطب تشير له إشارةً.
س: إشارة باليد؟
ج: نعم، ولا تتكلم، أما الخطيب فله أن يتكلم.
س: ................؟
ج: سنة مُؤَكَّدة عند العلماء.