525 من حديث: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران..)

 
8/1664- وعَنْ أبي مالِكٍ الأشْعَريِّ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تتُبْ قَبْل مَوْتِهَا تُقَامُ يوْمَ الْقِيامةِ وعَلَيْها سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، ودِرْعٌ مِنْ جرَبٍ رواهُ مسلم.
9/1665- وعنْ أسيدِ بنِ أبي أسيدٍ التَّابِعِيِّ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ المُبايعات قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أخَذَ علَيْنَا رَسُولُ اللَّه ﷺ فِي المَعْرُوفِ الَّذِي أخذَ علَيْنَا أنْ لا نَعْصِيَهُ فِيهِ: "أَنْ لا نَخْمِشَ وَجْهًا، ولا نَدْعُوَ وَيْلًا، وَلا نَشُقَّ جَيْبًا، وأنْ لا نَنْثُر شَعْرًا" رَواهُ أبو داوُدَ بإسْنادٍ حسنٍ.
10/1666- وعَنْ أَبي مُوسَى : أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا مِنْ ميِّتٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ باكِيهمْ فَيَقُولُ: وَا جبلاهُ! وا سَيِّداهُ! أوَ نَحْو ذَلِك إلَّا وُكِّل بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ: أهَكَذَا كُنتَ؟ رَوَاهُ التِّرْمِذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.
11/1667- وعَنْ أبي هُريْرةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اثْنتَانِ في النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، والنِّياحَة عَلى المَيِّتِ رواهُ مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث من بقية الأحاديث الدالة على تحريم النياحة على الميت، وشقّ الثياب، ولطم الخدود، وشقّ الجيوب.
فالمقصود من هذا أنَّ الواجب على أهل الميت الصبر والاحتساب وعدم الجزع؛ لأنَّ الله يقول: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويقول جل وعلا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]، ويقول ﷺ: ما من عبدٍ يُصاب بمصيبةٍ فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجُرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها؛ إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها، ويقول جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].
فالواجب على أهل الميت وأقاربه أن يتَّقوا الله، وأن يحذروا الجزع، والنياحة، وشق الثياب، ولطم الخدود، ونتف الشعر، كل هذا منكر، وقد تقدَّم قوله ﷺ: ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية، وقوله ﷺ: أنا بريءٌ من الصالقة، والحالقة، والشاقة، فقد تبرأ منهم.
الصالقة: التي ترفع صوتها بالمصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: تشق ثوبها.
ويقول ﷺ في حديث أبي مالك الأشعري: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربالٌ من قطران، ودرع من جرب، وأصل الحديث: أربعٌ في أمتي من أمور الجاهلية، لا يتركونهنَّ: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة يعني: على الموتى، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربالٌ من قطرانٍ، ودرعٌ من جربٍ، يكون هذا أشد في اشتعال النار والعذاب.
ويقول عليه الصلاة والسلام: «اثنتان في الناس هما كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت» فهذا من الكفر العملي، من الكفر الأصغر، فالطعن في أنساب الناس، والنياحة على الموتى، هذا من الكفر الأصغر، من المعاصي.
وأخذ النبي ﷺ على النساء في البيعة: ألا يَنُحْنَ.
وفي الحديث الآخر: أنَّ المرأة إذا قالت عند موت صاحبها: وا جبلاه! وا انقطاع ظهراه! وا ..! وا ..! يُكلَّف ملكان فينهزانه ويقولان: أنت كذلك؟ أنت كذلك؟ وهذا نوعٌ من التعزير.
فالواجب على كل حال عند المصائب: التأدب بآداب الله، والصبر والاحتساب، والحذر من الكلام السيئ، والفعل السيئ.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: حديث أبي موسى يُحْمَل على مَن كان يعلم من أهله أنهم يفعلون النياحة ولم ينههم؟
ج: ظاهر الحديث العموم في هذا، لكن ينبغي للإنسان أن يُوصيهم ويُحذِّرهم.
س: إذا عددت النائحةُ خصالًا جميلةً للميت وكان يفعلها، فهل ..؟
ج: على سبيل النوح لا، أما إن كان على سبيل البساطة من دون نوحٍ ولا شيءٍ فلا يُخالف، تقول: "الله يغفر له كان كذا، وكان كذا" ما يُخالف، أما على سبيل النياح والصياح فلا.
س: هل الملكان يلهزانه إذا كان يفعلهما؟
ج: هذا غير هذا، على سبيل النياحة يعني، وأيش قال المحشِّي بعد: رواه الترمذي؟
طالب: رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
الشيخ: فقط؟
الطالب: فقط.
الشيخ: وغيره تكلَّم؟
الطالب: في الهامش: رواه الترمذي، ويشهد له حديث النعمان بن بشير.
الشيخ: تُراجع سنده وتُحضره إن شاء الله.