524 من حديث: (من نِيح عَليه فإنه يعذب بما نِيح عليه يوم القِيامة)

 
4/1660- وعَن المُغِيرةِ بنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ نِيحَ عَليْهِ فَإنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ علَيْهِ يَوْمَ الْقِيامةِ متفقٌ عليه.
5/1661- وعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ نُسَيْبَةَ رضي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: "أخَذَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ البَيْعة ألَّا نَنُوح" متفقٌ عليه.
6/1662- وَعَنِ النُّعْمانِ بنِ بشيرٍ رضي اللَّه عنْهُمَا قَالَ: أُغْمِيَ علَى عبْدِاللَّه بنِ رَواحَةَ ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي وتَقُولُ: واجبلاهُ! وا كذَا! وا كَذَا! تُعدِّدُ علَيْهِ، فقَال حِينَ أفَاقَ: مَا قُلْتِ شيْئًا إلَّا قِيل لِي: أنْتَ كَذَلِكَ؟ رواهُ البُخَارِي.
7/1663- وَعَن ابن عُمر رضي اللَّه عنْهُمَا قَال: اشْتَكَى سعْدُ بنُ عُبادَةَ شَكْوَى، فَأَتَاهُ رسُولُ اللَّه ﷺ يعُودُهُ معَ عبْدِالرَّحْمنِ بنِ عوْفٍ وسَعْدِ بنِ أَبي وقَّاص وعبْدِاللَّه بن مسْعُودٍ ، فَلَمَّا دخَلَ عليْهِ وجدهُ في غَشْيةٍ، فَقالَ: أَقَضَى؟ قَالُوا: لا يا رسُولَ اللَّه، فَبَكَى رسُولُ اللَّه ﷺ، فَلمَّا رَأى الْقَوْمُ بُكاءَ النَّبيِّ ﷺ بَكَوْا، قَالَ: ألا تَسْمعُون؟ إنَّ اللَّهُ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، ولَكِنْ يُعذِّبُ بِهذَا وَأشَارَ إلَى لِسانِهِ أوْ يَرْحَمُ متفقٌ عليه.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة تُبين شدة تحريم النياحة، وأن الميت يُعذَّب بذلك، فالواجب الحذر منها، والنياحة هي: الصياح -رفع الصوت- والندب للميت والدعاء بدعوى الجاهلية: وا عضداه، وا ناصراه، وا انقطاع ظهراه، وما أشبه ذلك، هذه لا تجوز، هذه نياحة، والميت يتأذَّى بها ويُعذَّب بها، ولهذا تقدم في حديث عمر أنه سمع النبيَّ ﷺ يقول: الميت يُعَذَّب بما نِيحَ عليه، وهكذا روى المغيرةُ أنه سمع النبيَّ ﷺ يقول: إنَّ الميت يُعذَّب بالنياحة عليه.
فالواجب على أهل الميت وأقاربه وأصدقائه الحذر من ذلك، وقد أخذ النبيُّ ﷺ على النساء يوم البيعة: ألا يَنُحْنَ، في البيعة بايعهن وعاهدن على ألا يَنُحْنَ على موتاهنَّ.
ولما أُغشي على عبدالله بن رواحة ضجَّ أهلُه، ظنوا أنه مات، فجعل بعضُهم يَنُحْنَ، فلما أفاق قال: "ما قلتم شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟ أنت كذلك؟".
فهذا يدل على أنَّ الواجب على أقارب الميت وأصحابه الحذر من النياحة التي كان يعتادها أهلُ الجاهلية ويتعاونون فيها، أما البكاء فلا بأس به، بكاء العين، حزن القلب، التَّأثُّر، كل هذا لا بأس به، كما في الحديث الرابع: أن النبي ﷺ زار سعدَ بن عبادة وقد أصابه مرضٌ، فزاره ﷺ يعوده، ومعه سعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وابن مسعود ، فلما دخل عليه البيت وجده في غشيةٍ، يعني: في إغماء، فقال: أقضى؟ يعني: أتُوُفِّيَ؟ قالوا: لا، فدمعت عيناه ﷺ وبكى، فلما رأوه يبكي بكوا، فقال ﷺ: ألا تسمعون؟ إنَّ الله لا يُعَذِّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، وإنما يُعَذِّب بهذا أو يرحم يعني: اللسان، النياحة برفع الصوت.
وهكذا لما مات ابنه إبراهيم قال عليه الصلاة والسلام: القلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بفُراقك يا إبراهيم لمحزونون، فدمع العين وحزن القلب لا بأس به، لكن لا يرفع الصوت، لا ينوح، فالنياحة هي المحرمة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: الثناء على الميت بعد العزاء في المجالس؟
ج: إذا ذكره بصفاته الحميدة جبرًا للناس، جبرًا لأهله .............، وأنه صوَّام قوَّام، وأنه داعي إلى الله، يُرجى له الخير إن شاء الله، اطمئنُّوا، من باب الطُّمأنينة للأقارب والتبشير لهم فهذا لا بأس به.
س: ما فيه شيء؟
ج: ما فيه شيء، لكن لا يُكثر، لا يُسْهِب.
س: هل في حديث المغيرة بن شعبة ردٌّ على مَن قال أنَّ العذاب المُراد به الألم؟ هنا قال: يوم القيامة، وقد فسَّر البعضُ الحديثَ الذي قبله بأنه الألم في البرزخ؟
ج: الحديث مطلق، في حديث عمر: إنَّ الميت يُعَذَّب بنياحة أهله عليه، وفي حديث المغيرة، اقرأ حديث المغيرة.
الطالب: مَن نِيحَ عليه فإنَّه يُعَذَّب بما نِيحَ عليه.
ج: كذا عندك؟
الطالب: نعم.
ج: هذه زيادة بيان، وأن هذا أشد، يعني: يُعذَّب في البرزخ ويوم القيامة.
س: بعض الناس يقتلون أنفسَهم بسبب فلان أو فلان أو فلان، هل على فلانٍ هذا حسابٌ يوم القيامة؟
ج: يقول النبيُّ ﷺ: مَن قتل نفسَه بشيءٍ عُذِّبَ به يوم القيامة، فلا يجوز أن يقتل نفسَه من أجل فلان أو فلان، أو الدفاع عن فلان، لا، يُدافع عنه لكن لا يقتل نفسَه.
س: هل على فلانٍ حساب؟
ج: الحساب إلى الله، هو الذي يُحاسبه، إن شاء عفا وغفر ، فالأمر إليه ، يُعذِّب مَن يشاء، ويرحم مَن يشاء، فيما دون الشرك، يعني: في المعاصي.
س: البيعة على ترك المحرمات هل تصح لغير الرسول ﷺ؟
ج: نعم، كونهم لا يعصون الله هذا طيب.
س: يعني: لو تبايع اثنان على ترك المعاصي؟
ج: لا، هذا مع ولي الأمر، البيعة مع ولي الأمر.
س: أقصد: إذا تبايعا فيما بينهما على ترك المعاصي؟
ج: لا، ما تحتاج مبايعة، عليهم بالوصية والتناصح والتوبة.