134 من حديث: (مَتَى السَّاعَةُ؟..)

 
10/369- وعن أَنسٍ : أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
وفي روايةٍ لهما: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ.
11/370- وعن ابنِ مسعودٍ قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى رسولِ اللَّه ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه، كَيْفَ تَقُولُ في رَجُلٍ أَحبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ متفقٌ عَلَيهِ.
12/371- وعن أَبي هُريرة ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: النَّاسُ معَادِن كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فَقهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثِّ على حبِّ الله ورسوله، وحبِّ الأخيار ومُجالستهم وصُحبتهم وزيارتهم، والبُعد عن صحبة الأشرار، والحذر مما يدينون به، وما يدعون إليه.
وفي هذا الحديث يقول ﷺ لما سأله الأعرابيُّ: المرء يُحبُّ القومَ ولما يلحق بهم؟ قال: المرء مع مَن أحبَّ، قال: متى الساعة؟ قال: ماذا أعددتَ لها؟ قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاةٍ، ولا صومٍ، ولكني أحبُّ الله ورسوله، فقال: أنتَ مع مَن أحببتَ، فهذا الحديث والذي قبله كلاهما يدلان على أن الإنسان مع مَن أحبَّ، فمَن أحبَّ الله ورسوله والمؤمنين فهو معهم، ومَن أحبَّ الكفرة والظالمين فهو معهم.
فينبغي للمؤمن أن يُحبَّ الله ورسوله، ويحب أهلَ الإيمان والتَّقوى والصلاح، ويجتهد في صُحبتهم واتِّخاذهم إخوانًا وأخدانًا، ويحذر من صحبة الأشرار.
فالمرء مع مَن أحبَّ: إن أحبَّ الله ورسوله والمؤمنين صار معهم، وإن أحبَّ خلاف ذلك صار معهم، والله جل وعلا أوجب على عباده حبَّ الله ورسوله، وحبَّ الإيمان، يقول النبيُّ ﷺ: لا يُؤمِن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، وقال لعمر لما قال: يا رسول الله، أنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ شيءٍ إلا من نفسي، قال: لا يا عمر، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك، فقال عمر : لأنتَ أحبّ إليَّ من كلِّ شيءٍ حتى من نفسي، فقال: الآن يا عمر، فالواجب حبُّ الله ورسوله حبًّا صادقًا.
ويقول النبيُّ ﷺ: ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يُحبَّ المرء لا يُحبُّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذفَ في النار.
فالواجب على المؤمن أن يُحبَّ الله ورسوله، ويحب المؤمنين، ويحب أهل التقوى، ويتخذهم أصحابًا، ويبتعد عن صحبة الأشرار الذين يجرونه إلى ما حرَّم الله عليه.

كذلك حديث: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، خيارهم في الجاهلية هم أهل الشَّهامة والجود والكرم، وهم خيارهم في الإسلام: أهل الجود والكرم والنَّجدة ومساعدة الفقراء والمحاويج، هم خيارهم في الإسلام إذا فقهوا في دين الله، فهذا يدل على الحث على الفقه في دين الله وصُحبة الأخيار، يقول النبيُّ ﷺ: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقه في الدين، فينبغي للمؤمن أن يحرص على صُحبة الأخيار وأهل الإيمان والتقوى، وأن يبتعد عن صُحبة الأشرار، فـ الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
نسأل الله أن يُوفّقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه، وأن يرزقنا جميعًا صحبة الأخيار، والبعد عن صحبة الأشرار.

الأسئلة:

س: طلب الدعاء من الرجل الصالح هل يكون فيه إحراج؟
ج: لا بأس أن يسأل أخاه الطيب أن يدعو له، فالنبيُّ ﷺ قال: يقدُم عليكم أُويس القرني، كان بارًّا بأمه، فمَن لقيه منكم فليطلب منه الدعاء، ويُروى عن النبيِّ ﷺ أنه قال لعمر لما أراد العمرة: لا تنسانا يا أخي من دعائك، لكن لا يلحّ، ولا يكون مِلْحَاحًا، يكون الدعاء خفيفًا من دون إلحاحٍ ولا مشقَّةٍ.
س: شخص سافر فجمع المغرب والعشاء، ووصل المدينة مثلًا قبل العشاء؟
ج: إن صلَّى معهم فهي نافلة، وإلا فتُجزئ الصلاة التي صلَّاها في السفر.
س: تُجزئه المغرب والعشاء؟
ج: ما دام قد جمعهما في السفر تُجزئه، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعهما ثم قدم قبل العصر؛ تُجزئه الظهر والعصر، وإن صلَّى مع الناس لما قدم فصلاته نافلة له.
س: في حديث أبي هريرة، ما المقصود بـ الأرواح جنودٌ مُجنَّدةٌ؟
ج: يقصد أنها أصناف، فما تعارف منها ائتلف، ما تعارف منها بالتقوى والإيمان أو ............... ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فالواجب على أهل الإيمان أن يكونوا إخوةً متحابين في الله، متعاونين على البر والتَّقوى، متعاونين على كل خيرٍ، ضد الباطل وأهله.
س: هل يكون شرط .................؟
ج: لا، ما هو بشرط، إذا أدَّاها في السفر كفى.
س: بالنسبة لقول النبي ﷺ: لا يُؤمِن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، كيف نقارن بين محبة الإنسان لولده ومحبة النبي ﷺ؟
ج: يعني: الإيمان الكامل، فإذا كان يُحب ولده أكثر صار إيمانه ناقصًا، أما حبّ الله ورسوله فلا بدّ منه، ليس هناك إيمان إلا بحب الله ورسوله؛ فكون الرسول أحبّ إليه من ولده ومن نفسه هذا هو كمال الإيمان، فإذا أحبَّ ولده أكثر أو أحبَّ زوجته أكثر صار نقصًا في إيمانه، وضعفًا في إيمانه.