29 باب التقوى

 
6- باب التقوى
قَالَ الله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102] وَقالَ تَعَالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وهذه الآية مبينة للمراد مِنَ الأُولى. وَقالَ الله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا [الأحزاب:70] وَالآيات في الأمر بالتقوى كثيرةٌ معلومةٌ، وَقالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] وَقالَ تَعَالَى: إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [لأنفال:29] الآيات في البابِ كثيرة معلومة.
1/69- وأَمَّا الأَحَاديثُ فَالأَوَّلُ: عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رسولَ اللَّهِ مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ فقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذا نَسْأَلُكَ، قَالَ: فيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابنِ نَبيِّ اللَّهِ ابنِ خَلِيلِ اللَّهِ. قَالُوا: لَيْسَ عن هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: فعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَب تسْأَلُونِي؟ خِيَارُهُمْ في الْجاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسلامِ إذَا فَقُهُوا متفقٌ عَلَيهِ.
2/70- الثَّانِي: عَنْ أبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبيِّ ﷺ قَالَ: إنَّ الدُّنْيا حُلْوَةٌ خضِرَةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا. فينْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ. فَاتَّقوا الدُّنْيَا واتَّقُوا النِّسَاءِ. فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنةِ بَنِي إسْرَائيلَ كَانَتْ في النسَاء رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على  رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والحديثان الشريفان كلها تتعلق بالتقوى، والتقوى هي دين الله، هي الإسلام والهدى وهي عبادة الله بما شرع لعباده هذه هي التقوى، سمى الله دينه تقوى؛ لأنه يتقى به غضب الله وعقابه، ومن استقام على الدين وقاه الله العذاب والغضب؛ فلهذا سمى الله دينه التقوى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الحجر:45] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فالتقوى المأمورة بها هي طاعة الله ورسوله، والاستقامة على دين الله بحسب الطاقة.
وبين ثوابها سبحانه بقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، يا أيها الذين آمنوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [لأنفال: 29].
فالتقوى هي طاعة الله ورسوله، هي توحيد الله واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه هذه هي التقوى، هي دين الله الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه، هي الإسلام والهدى هي البر هي طاعة الله ورسوله أي عبارة من هذه العبارات تستقيم عليها التقوى، هي عبادة الله التي خلق الناس لها وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، هذه العبادة التي خلق الناس لها هي الإسلام وهي الهدى وهي التقوى وهي توحيد الله وطاعته واتباع شريعته إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الحجر:45] إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17] إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [القلم:34]، هم أهل التقوى، وفي سورة الحجر: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادخلوها بسلام آمنين- يعني الجنة- وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ۝ لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين [الحجر:45-48] فالواجب على جميع الثقلين الجن والإنس أن يتقوا الله وذلك بتوحيده وطاعته واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه والحذر مما نهى عنه هذه هي العبادة وهذه هي التقوى وهذا هو الإسلام والإيمان وهذا هو الهدى الذي قال الله فيه: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم:23].
وقيل للنبي ﷺ: من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، كما قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] أكرم الناس أتقاهم لله سواء كان رجلاً أو امرأة من عرب أو من عجم من جن أو إنس، أكرم الناس أتقاهم لله، وأقومهم بحقه وهم الأنبياء ثم أتباعهم الأفضل فالأفضل. قالوا: لسنا عن هذا نسألك قال: يوسف ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم هو من أكرم الناس عليه الصلاة والسلام ومن سلسلة الأنبياء، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا. خيارهم في الجاهلية هم الأجواد هم أهل الجود والكرم والنجدة والإحسان إلى الناس، هؤلاء إذا فقهوا في الدين واستقاموا على الدين هم خير الناس، أهل النجدة والجود والكرم والمساعدة للفقراء والإحسان إلى الناس ودفع الظلم والقضاء عليهم، هؤلاء هم خيار الناس إذا فقهوا في دين الله واستقاموا على دين الله.
الحديث الثاني
كذلك حديث أبي سعيد يقول ﷺ: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. حلوة خضرة يعني تميل إليها النفوس؛ لأنها تقضى بها الحاجات الناس تميل إلى الدنيا مثل الحلاوة تميل لها النفوس، والخضرة تميل لها النفوس، هكذا الدنيا تميل إلى متاعها النفوس وتشرئب إليها وتنافس فيها إلا من رحم الله؛ ولهذا قال: فاتقوا الدنيا يعني احذروا شرها، لا يحملنكم حبها والميل إليها على تعاطي الحرام أو صرفها في الحرام أو اكتسابها من الحرام.
وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا يعني اتقوا شرها وفتنتها واتقوا النساء أيضاً شر النساء عظيم فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء جاء في بعض الأحاديث أنه مات منهم في يوم سبعون ألفًا عقوبة بسبب النساء، لما دخل النساء في الجيش ووقعت الفاحشة فعوقبوا! فاختلاط النساء بالرجال مع الزينة ومع دواعي الفتنة من أعظم أسباب الهلاك، فالواجب أن يصان هؤلاء عن هؤلاء، وهؤلاء عن هؤلاء؛ حتى لا تقع الفتنة.
فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ولهذا يقول ﷺ: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن  قالت امرأة: يا رسول الله، ما نقصان الدين؟ قال: تمكث الليالي والأيام لا تصلي ولا تصوم لأجل الحيض، وما نقصان العقل؟ قال: شهادة المرأة نصف شهادة الرجل المرأتان برجل، وذاك من نقصان العقل، وهذا شيء كتبه الله عليهن وهو أعلم بهن سبحانه وتعالى وأعلم بحالهن ومن سبر حالهن عرف هذا المعنى.
فالواجب على العاقل أن يحذر فتنة النساء لا من جهة الخلوة ولا من جهة إطلاق النظر ولا من جهة تعاطي أسباب الفاحشة، يجب الحذر حتى لا يقع في حبالهن؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء يعني احذروا شر الدنيا وفتنتها، واحذروا شر النساء والفتنة بهن، ومن أسباب ذلك: إطلاق البصر، والخلوة بالأجنبية، والاختلاط بالنساء من غير المحارم، كل هذا من أسباب الفتنة، ومن أسباب الحفظ البعد عن ذلك غض البصر وعدم الخلوة، وعدم الاختلاط بالنساء غير المحارم. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض البلدان الإسلامية هناك بعض الدول يعتبرون نفسهم يحكمون شرع الله ثم يتخذون بعض الثغرات يقولون في عهد النبي ﷺ كانت تجاهد مع الرجال ومن هذا الباب يجندون الطالبات الجامعيات والثانويات ويخرجونهن مع الرجال إلى أماكن سفر بعيدة ويجندونهن يحاربن مع الرجال؟
ج: ما هم يجاهدون كانوا يداوون الجرحى ويسقون المرضى قبل الحجاب، ثم لما نزل الحجاب منعن، كانوا قبل الحجاب المرأة أولاً تمشي مع الرجل وتكشف وجهها وتكشف يديها وتكلمه، ثم أنزل الله الحجاب ومنعهن من ذلك، وما كانوا يجاهدون المرأة ما عليها قتال ما تجاهد، كانوا معهم إذا جاء جرحى أو مرضى يساعدن في سقي المرضى ومداواة الجرحى، بعض الناس المختصات يعني، ثم نسخ هذا ومنع الرجال من النساء وحجب النساء عن الرجال.
س: يدعون إليها باسم الشريعة وباسم الإسلام بهذه الحجة
ج: الجهل