16 من حديث ( إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عَبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة..)

 
10/34- وعَنْ أَنسٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقولُ: إنَّ اللَّه قَالَ:"إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ يُريدُ عينيْه، رواه البخاريُّ.
11/35- وعنْ عطاءِ بْن أَبي رَباحٍ قالَ: قالَ لِي ابْنُ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهُمَا ألاَ أريكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلت: بلَى، قَالَ: هذِهِ المْرأَةُ السوْداءُ أَتَتِ النبيَّ ﷺ فقالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وإِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّه تَعَالَى لِي قَالَ: إِن شئْتِ صَبَرْتِ ولكِ الْجنَّةُ، وإِنْ شِئْتِ دعَوْتُ اللَّه تَعالَى أَنْ يُعافِيَكِ فقَالتْ: أَصْبرُ، فَقالت: إِنِّي أَتَكشَّفُ، فَادْعُ اللَّه أَنْ لا أَتكشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. متَّفقٌ عليْهِ.
12/36- وعنْ أَبي عبْدِالرَّحْمنِ عبْدِاللَّه بنِ مسْعُودٍ قَال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى رسولِ اللَّه ﷺ يحْكيِ نَبيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ، صلواتُ اللَّهِ وسَلاَمُهُ عَليْهم، ضَرَبُهُ قَوْمُهُ فَأَدْموْهُ وهُو يمْسحُ الدَّم عنْ وجْهِهِ، يقُولُ: اللَّهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمي فإِنَّهُمْ لا يعْلمُونَ متفقٌ عَلَيْه.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة مما يتعلق بالصبر وتقدمت آيات كثيرة في شأن الصبر وفضله وعظم شأنه ووجوبه، وتقدم أحاديث كثيرة أيضاً في ذلك، وتقدم أن الصبر ثلاثة أقسام، صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على المصائب، كلها واجبة على المؤمن يجب عليه أن يصبر حتى يؤدي فرائض الله، وعليه أن يصبر حتى يكف عن محارم الله، وعليه أن يصبر عند المصائب من مرض أو فقر أو غير ذلك ولا يجزع، وتقدمت جملة من الأحاديث ومنها هذا الحديث يقول ﷺ: إن الله جل وعلا يقول: ما لعبدي المؤمن إذا أخذت حبيبته فصبر عوضته فيهما الجنة يقول جل وعلا أن الله وعد عبده المؤمن إذا أخذ حبيبته يعني عينيه فصبر عوضه فيهما الجنة، وتقدم حديث: إذا أخذت صفيه من الدنيا فاحتسبه ليس له جزاء إلا الجنة، هذا فيه الحث على الصبر وأن الصابرين موعودين بالجنة والكرامة.

وهكذا حديث المرأة التي كانت تتكشف وتصرع فقالت: يا رسول الله ادع الله لي، فقال: إن شئت صبرتِ ولك الجنة، قالت: أصبر، فهذا يدل على أن الصبر له شأن عظيم وأنه من أسباب دخول الجنة، قالت: ادع الله لي ألا أتكشف، فدعا الله له ألا تتكشف، يعني عند الصرع، والصرع هو ما يصيب الإنسان من صرع الجن فيسقط في بعض الأحيان يصرعه من تلبس به من الجن، وقد يبتلى الناس بهذا، قد يصرع في اليوم مرة أو مرتين أو في الأسبوع فيختلف ما يقع للناس من هذا، وقد يكون الصرع بأسباب أخرى  غير مس الجن، وهو ما يقع من الأمراض في الرأس، قد يقع مرض في الرأس وفتوق في الرأس يصرع من أجلها فإذا عولج بالكي وغيره بريء بإذن الله.

والحديث الثالث: حديث ابن مسعود في قصة بعض الأنبياء، الأنبياء هم أصبر الناس، وأشرف الناس عليهم الصلاة والسلام، هم أصبر الناس على البلاء، وهم أتقى الناس لله  عليهم الصلاة والسلام، وقد أوذوا في الله وصبروا وبلغوا الرسالة، ومن ذلك نبي من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون! يعني جهال ما عرفوا نبوتي؛ فلهذا فعلوا ما فعلوا يدعو لهم أن الله يغفر لهم ويهديهم حتى يعرفوا الحق، هذا من صبرهم، فالجاهل قد يفعل ما لا ينبغي فيدعى له بالهداية حتى ينتبه وحتى يعرف الحق، ولما قيل للنبي ﷺ: إن دوسًا قد عتت وقد بقيت على كفرها قال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم، فهداهم الله وأتى بهم وأسلموا، فالصبر له شأن عظيم والدعاء للعدو الجاهل لعل الله يهديه، والعدو الذي يحصل منه مضرة عليك الدعاء له بالهداية أمر مطلوب، أما العدو الذي قد آذى فلا بأس أن يدعى عليه كما دعا النبي ﷺ على أبي جهل وعلى عثمان بن ربيعة وغيرهما من رؤساء مكة لما اشتدت أذاهم له دعا عليهم ولعنهم؛ لشدة أذاهم وكفرهم فلا بأس أن يدعى على الظالمين؛ لظلمهم وكفرهم أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] أما من لم يتعد يدعى له بالهداية يقول: اللهم اهد فلانًا، اللهم اهد آل فلان، اللهم دلهم على الخير، كما فعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: النبي ﷺ هو الذي لما أدموه قال: اللهم اغفر لقومي؟
ج: يحكي عن نبي من الأنبياء ما هو بنفسه.
س: ما وقع عليه هذا؟
ج: وقع عليه في أحد، لكن هو يحكي عن نبي من الأنبياء، وإلا هو لما أصاب يوم أحد قال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟! فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128].
س: أحسن الله إليك يا شيخ، حديث أنس يريد عينيه من كلام أنس هذا؟
ج:  تفسير بحبيبتيه.
س: من كلام أنس؟
ج: من كلام الراوي نعم.
س: الظالم إذا كان مسلمًا هل يدعى عليه لو حصل من تقصير أو يدعى له؟
ج: يدعى له بالهدية، الأحسن الدعاء له بالهداية، والمظلوم إذا دعا فلا حرج عليه إذا دعا أن الله يكفيه شره.