52 من حديث: (كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله)

بَاب الأَخْبِيَةِ فِي المَسْجِدِ
2034 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ: أَلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ؟ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.

الشيخ: الاعتكاف لا يختص برمضان، في رمضان وفي غير رمضان، ومن هذا حديث عمر أنه قال: يا رسول الله نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال: «أوف بنذرك» ولم يقل له: هل هذا في رمضان أو في غيره.
س:................
الشيخ: نعم، دل على أن الاعتكاف في شوال لا بأس به.
 
بَاب هَلْ يَخْرُجُ المُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ المَسْجِدِ
2035 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ صَفِيَّةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا.

الشيخ: هذا مُخرَّج في الصحيحين رواه البخاري هنا ورواه مسلم، وفي اللفظ الآخر: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
وفي هذا من الفوائد: زيارة المعتكف، لا بأس أن يُزار لإيناسه والسؤال عن صحته، ولا بأس أن تزوره زوجته وإن كان ممنوعًا من قربانها، كما قال تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187] لكن لا تمنع الزيارة والتحدث.
فيه شرعية الانقلاب مع الزائر وإكرامه والسير معه حتى يخرج، فالنبي قام معها حتى وصل إلى باب المسجد يقلبها، وهذا فيه تواضعه ﷺ، وحسن سيرته مع أهله، وحسن معاشرته لأهله عليه الصلاة والسلام، فإنه قدَّر مجيئها وقام معها حتى وصل باب المسجد، فلما رآه الصحابيان أسرعا، قال: عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، خاف أن يقذف الشيطان في قلوبهما شرًّا ويقولان ما هذه المرأة، فأوضح لهما الواقع، فهو يدل على أن الإنسان إذا كان في موقع قد يظن به الريبة يبين الحقيقة حتى يبرّئ عرضه.
س:................
الشيخ: .............
س: خروج المعتكف من المسجد لزيارة والده إذا كان مريضًا أو أمه؟
الشيخ: الأمر واسع، خروجه للحاجة، هذا من الحاجات، كان النبي لا يخرج إلا لحاجة.
س:................
الشيخ: .............
س: لو أمنى هل يبطُل اعتكافه؟
الشيخ: ما يبطُل إن شاء الله، الإنزال بالمباشرة يبطل الصوم، وأما هنا فالظاهر أنه لا يبطل اعتكافه؛ لأنه المُحَرَّم عليه الجماع: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ كناية عن الجماع...........
س: هل يخرج لجنازة أو لتعزية من المعتكف؟
الشيخ: الأقرب ألا يخرج إلا لحاجة مهمة مثل: قضاء الحاجة، ومثل الوضوء، ومثل غسل الجنابة إذا احتلم.
س: لكن لو اشترط هذا؟
الشيخ: الله أعلم.
س: جريان الشيطان في دم ابن آدم على الحقيقة؟
الشيخ: على الحقيقة، نعم.
 
بَاب الِاعْتِكَافِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ
2036 - حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَذْكُرُ لَيْلَةَ القَدْرِ؟ قَالَ: نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ العَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَالَ: فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلْيَرْجِعْ، فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى المَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، قَالَ: فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ، فَمَطَرَتْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الطِّينِ وَالمَاءِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي  أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ.

الشيخ: يعني صادف ذلك العام وقوعها في ليلة واحد وعشرين، فإنها الصحيح أنها تتنقل، قد صادف ذلك العام أنها وقعت في ليلة إحدى وعشرين، الليلة التي وقع فيها المطر.
س:................
الشيخ: .............
2037 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي.
الشيخ: هذا يدل على أنه من ابتُلي بسلس أو استحاضة يصلي على حسب حاله، فإذا كان الدم دائمًا تتوضأ لكل صلاة وتصلي ولو خرج الدم، وهكذا صاحب السلس يصلي ولو خرج منه البول، ولكن يتوضأ لكل صلاة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].
س:................
الشيخ: الأحوط أن لا يؤم الناس، يؤم غيره، هذا الأحوط له، خروجًا من الخلاف.
 
بَاب زِيَارَةِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ
2038 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ صَفِيَّةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي المَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ: لاَ تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ، وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَجَازَا، وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: تَعَالَيَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، قَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا.

الشيخ: هذا فيه نصح النبي ﷺ للأمة، وبيان ما يجب من التوقي؛ لأن الإنسان قد يُبتلى بالوسوسة والتهمة، وأراد أن يبيّن عليه الصلاة والسلام أن هذا الواقع ليس فيه شيء من المستنكر، إنما هي زوجته، وهكذا المؤمن من باب أوْلى أن يبتعد عن مواضع التُّهم ويحذر مواقف التُّهم.
س:................
الشيخ: .............
 
بَاب زِيَارَةِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ
2038 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ صَفِيَّةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي المَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ، وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَجَازَا، وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: تَعَالَيَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، قَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا.

الشيخ: وفي هذا أنه ينبغي للإنسان أن يدفع عن نفسه الشبهة إذا كان في مقام يُخشى أن يظن به السوء، أن يبيّن الحقيقة لمن مر عليه أو وقف عليه حتى لا يُتهم بما لا ينبغي، وهو ﷺ معروف بأن الله نزهه وأكرمه عن الوقوع في كبائر الذنوب؛ لكن لما رآهما استعجلا وهي معه عند باب المسجد قال: إنها صفية بنت حيي؛ لئلا يقذف الشيطان في قلوبهما شرًّا فيظنا به خلاف الحق، اللهم صل عليه.
 
بَاب هَلْ يَدْرَأُ المُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ
2039 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، أَخْبَرَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ: تَعَالَ هِيَ صَفِيَّةُ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ-، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا؟ قَالَ: وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلٌ؟

الشيخ: وفيه من الفوائد حسن خلقه ﷺ وتواضعه، قام معها يقلبها، قام من معتكفه يمشي معها إلى باب المسجد يؤانسها ويتحدث معها ويقلبها إلى بيته، هذا من تواضعه وحسن خلقه وحسن المعاشرة مع الزوجات عليه الصلاة والسلام.
وفيه كما تقدم أن الإنسان يدفع عن نفس الشبهة إذا رأى شيئًا يخشى أن يُتهم بما لا ينبغي يدفع عن نفسه، وفيه خطر الشيطان وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ فالواجب الحذر منه، والتعوذ بالله منه، غاية الحذر؛ لأنه عدو مبين يلقي الوساوس والشرور.
وفيه من الفوائد أن المعتكف يُزار، يزوره أهله، يزوره بعض أصحابه، لا بأس.
س: أيهما أفضل للمعتكف أن يشتغل بالعبادة أم بالعلم؟
الشيخ: القراءة ودراسة الكتب من العبادة يشتغل بما يسر الله له، بما يكون فيه أنشط وأخشع لقلبه، تارة بالصلاة، تارة بالذكر، تارة بقراءة القرآن، تارة في قراءة كتب العلم والحديث، ينظر بما هو أصلح وأفيد له وأخشع لقلبه، كلها عبادات، وإذا كان هناك حلقات يحضرها.
 
بَاب مَنْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ
2040 - حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ح قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ح قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ، حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، العَشْرَ الأَوْسَطَ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ، فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتِ السَّمَاءُ، فَمُطِرْنَا، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ  مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَكَانَ المَسْجِدُ عَرِيشًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ المَاءِ وَالطِّينِ.

الشيخ: صادف تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين وقع فيها ليلة القدر، وهذا من الدلائل على أنها تتنقل ليس في سبع وعشرين دائمًا، قد تكون في سبع وعشرين وقد تكون في واحد وعشرين وقد تكون في ثلاث وعشرين وفي خمس وعشرين؛ هذا الصواب أنها تتنقل في العشر الأخيرة من رمضان وليست في واحدة دائمًا.
 
بَاب الِاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ
2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ، فإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ: مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا، فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ العَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ.

الشيخ: كأنه خاف أن يكون هذا من الغيرة وعدم الإخلاص، خاف عليهن من ذلك، ولهذا أمر بنزعها ولهذا في الرواية الأخرى: آلبر يردن؟ فأمر بنزعها، وترك الاعتكاف، واعتكف في شوال، فدل على أن الاعتكاف لا يختص برمضان، إذا اعتكف في شوال أو في غير شوال فلا بأس؛ لكن في رمضان له مزية وله فضل؛ لفضل الشهر.
س:................
الشيخ: .............
 
بَاب مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ
2042 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أَوْفِ نَذْرَكَ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً.

الشيخ: هذا يفيد أن الاعتكاف عبادة....... أمره النبي أن يوفي به؛ لأنه عبادة لا يزيدها الإسلام إلا ثباتًا؛ فإذا نذر صدقة أو حجًا أو اعتكافًا يؤمر بالوفاء به، أسلم على ما أسلف من الخير.
س:................
الشيخ: ظاهره الوجوب، ظاهر قوله الوجوب: أوف الأصل في الأوامر الوجوب.
 
بَاب إِذَا نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ
2043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ -قَالَ: أُرَاهُ قَالَ لَيْلَةً-، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ.

س: ما يشترط الصوم؟
الشيخ: ما يشترط، هذا من أدلة أنه لا يشترط الصوم؛ لأن الليل ما هو محل صوم، ولهذا قال ابن عباس: ليس على المعتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه، لكن الأفضل مع الصوم إذا تيسر  في النهار.
س: الذي اشترط الصوم على المعتكف بماذا يجيب عن هذا الحديث؟
الشيخ: ما عليه دليل، قد يحتج برواية عائشة الموقوفة عليها: لا اعتكاف إلا بصوم لكن قول عائشة معارض لقول ابن عباس، والأصل عدم الاشتراط.
س:................
الشيخ: .............
 
بَاب الِاعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ
2044 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ: يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.

الشيخ: المستحب للمؤمن أنه كلما تقدّم به الأجل أن يزداد في العمل الصالح وأن يستكثر؛ ولهذا قال جل وعلا: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا  ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1 - 3].
وقال عمر وابن عباس أنها علامة أجله، الله أمر بأن يكثر من التسبيح والاستغفار عند قرب الأجل عند تقدم العمر.
 
بَاب مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ
2045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ، فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ، فَبُنِيَ لَهَا قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ، فَبَصُرَ بِالأَبْنِيَةِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: بِنَاءُ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا؟ مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ، فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.

الشيخ: ........... المقصود من هذا الحث على الإخلاص، والتقرُّب إلى الله، والحرص على البعد عن الرياء والعمل لأجل شيء آخر.
س: المراد من قوله: من أراد أن يعتكف، أي دخل؟
الشيخ: قبل الدخول، أراد ولكن ما دخل، الاعتكاف مستحب نافلة؛ إن عزم عليه فلا بأس، وإلا ما هو لازم، إن أراد أن يعتكف فلا حرج.
س: لكن ترك النبي ﷺ الاعتكاف  تعليم لهن بالفعل؟
الشيخ: هو الظاهر حتى يقنعن...
س: مع أن الاعتكاف في رمضان فيه فضيلة وأخَّره إلى شوال؟
الشيخ: للمصلحة، لمصلحة التعليم، وكذا فيه نوع من العقوبة أيضًا.
س: إذا مرضت الوالدة أو الوالد أو مات أحدهما فخرج المعتكف لتشييع الجنازة أو لزيارتهما: فهل ينقطع الاعتكاف في ذلك، ولم يشترط؟
الشيخ: الأقرب -والله أعلم- أنه ينقطع لأن الاعتكاف هو لزوم المسجد بطاعة الله جل وعلا وألا يخرج إلا لحاجة الإنسان، وحاجة الإنسان مثل البول والغائط والشيء الذي لا بدّ منه، وهو نافلة إذا قطعه لا بأس؛ لأجل المشي مع الوالدة أو الوالد، الأمر فيه واسع، والحمد لله، مثل ما يقطع الصوم النافلة إذا دعت الحاجة، أو الصلاة النافلة إذا دعت الحاجة.
 
بَاب المُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ البَيْتَ لِلْغُسْلِ
2046 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ ﷺ، وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ.


الشيخ: هذا يدل على فوائد، منها: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، مسها له ومسه لها.
ومنها: أن ترجيله له لا حرج فيه، وهي طاهرة، إنما النجاسة في الحيض، في الدم، أما يدها طاهرة؛ فإذا غسلت رأسه أو غسلت بدنه أو أكلت معه فلا حرج في ذلك.

ومنها: أن خروج العضو من محل الاعتكاف ما يسمى خروجًا، لو مدّ يده خارج المعتكف أو مدّ رأسه لا يسمى خارجًا من الاعتكاف.