04 من كتاب موطأ مالك، زكاة العروض

بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

20- حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ: "أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارًا، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ كِتَابًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ".

قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُدَارُ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَاتِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ مَالَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرضًا: بَزًّا، أَوْ رَقِيقًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْم صَدَّقَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْعَرْضَ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَرْضِ زَكَاةٌ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ. فَإِذَا بَاعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ.

الشيخ: هذا قول ضعيف من مالك رحمه الله، الصواب أنَّ فيه الزكاة كل سنة، إذا أعدَّه للبيع يُزكيه كل عام، إذا كان عنده أموال للتِّجارة: أراضٍ، أو سيارات، أو بيوت، أو أمتعة، وهو يريد التِّجارة يُزكيها، فإذا حال عليها الحولُ زكَّاها أيضًا إذا لم يبعها؛ لأنها مُستمرة في التِّجارة، ينتظر بها الربح الزائد، نعم.

س: إذا تردد في النية؟

ج: ما تجب الزكاة حتى يجزم، إذا كان عنده شكٌّ هل يبيع أو ما يبيع؟ ما في شيء.

س: إذا قال: إذا جابت سعرًا جيدًا بعت، وإلا فلا أبيع؟

ج: هذا ما هو، يعني: إذا جاء سعر يُناسبه هذه عادة الناس، هذا شأن الناس، لكن يقول: ما أدري أبيعه أو ما أبيعه؟ عندي تردد، هذا ما فيه شيء.

س: .............؟

ج: هذا ما هو مُتردد، هذا يقول: إن جاءني سعرٌ ناسبني بعته، كل الناس هكذا.

قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ حِنْطَةً، أَوْ تَمْرًا، أَوْ غَيْرَهُمَا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ يَبِيعُهَا؛ أَنَّ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةَ حِينَ يَبِيعُهَا، إِذَا بَلَغَ ثَمَنُهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْحَصَادِ يَحْصُدُهُ الرَّجُلُ مِنْ أَرْضِهِ، وَلَا مِثْلَ الْجِدَادِ.

س: قوله: حين يبيعها .....؟

ج: إذا تمَّت السنةُ كما صرَّح بذلك.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَ رَجُلٍ يُدِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ، وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ، فَإِذَا بَلَغَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ.

وقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ تَجرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَمْ يَتْجَرْ سَوَاءٌ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلَّا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ عَامٍ، تَجرُوا فِيهِ أَوْ لَمْ يَتْجُرُوا.

الشيخ: نعم، هذا هو الواجب إذا كان نقودًا كل سنة، أما إذا كان عروضًا وأرادها للتِّجارة كذلك كل سنةٍ كلما حال الحولُ يُزكِّيها، نعم.

س: الذي يقوم سعر الأفراد أو سعر الجملة؟

ج: سعر السوق، الدَّارج في السوق، سعر الأفراد الدَّارج في السُّوق.

س: الذين قالوا بعدم الزكاة في عروض التِّجارة؟

ج: لا وجهَ له، لا وجهَ له؛ لأنَّ التجارة ما هي تبقى في الدراهم، الدراهم تُصرف في التجارة، ما تبقى دراهم، هكذا لو قيل: ما في العروض زكاة، بطلت الزكاة وراحت.

ثم في الحديث أمر ﷺ أن تُخرج الصَّدقة مما يُعدُّ للبيع، وكما في حديث أبي ذرٍّ: وفي البزِّ ذلك، ثم ولو لم يرد شيءٌ في هذا؛ لأنَّ المقصود من التِّجارة ترويج الذهب والفضَّة وطلب الفائدة، فوجود الذهب والفضَّة في العروض أمرٌ معلومٌ، نفس الذهب والفضة موجودٌ في العروض لأجل طلب الفائدة.

س: هل يضمّ الذَّهب والفضَّة إلى عروض التِّجارة في نِصاب الزكاة؟

ج: نعم، العروض تضمّ إلى الذهب.

س: محلات المهن والحِرَف، مثل: الحدادين والنَّجارين؟

ج: ما عليهم زكاة إلا إذا كان عندهم أموال، أما آلاتهم التي يتصرفون فيها: الحديد الذي يتصرفون به، المسحاة، الفاروع، العتلة، كل الأدوات والكراسي ما فيها زكاة، الزكاة فيما يُعدُّ للبيع.

س: لكن مثل هذه المهن الآن أصبحت كبيرةً، بعض الناس يكون عنده عشرون وثلاثون محلًّا، كلها ورش نجارة وحدادة؟

ج: ولو، ولو، الذي للعمل ما فيه زكاة، الزكاة في النتاج، أما الأدوات والآلات ما فيها زكاة، إنما الزكاة في الشيء الذي يُباع.

س: ...............؟

ج: الآلات ما فيها شيء، الآلات التي تبقى، الزكاة فيما يُباع.

س: العسل؟

ج: مثله: إذا أراده للبيع وبلغ النِّصاب يُزَكَّى، وبعض أهل العلم يرى فيه الزكاة، ولكن ما عليه دليل، إلا إذا أراد به البيع يكون من عروض التِّجارة.

س: يعني: إيراد الحِرف والمهن هذه ما عليها زكاة إلا إذا حال الحولُ على ما يقبضون؟

ج: نعم، على الأموال التي عندهم.

س: ...............؟

ج: ما فرق، غلط، ما كان مُعدًّا للتِّجارة، سواء كان مديرًا، أو ما هو بمديرٍ، ما كان مُعدًّا للتجارة، ولو أنك قاعد تطلب العلم، إذا كانت عندك سلعة للبيع -ناويها للبيع- إذا بلغت الحولَ زكَّاها، لا فرق بين المدير وغير المدير.

س: نصاب العسل؟

ج: ما فيه نصاب، إذا بلغ نصابَ الذهب والفضة هذا الصواب فيه، إذا كان للبيع، نعم.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكَنْزِ

21- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ.

الشيخ: وهذا مثلما قالت في حديث أم سلمة رضي الله عنها: يقول ﷺ: ما بلغ يُزَكَّى فزُكِّي فليس بكنزٍ، فالذي يكنز الذهب والفضَّة ولا يُخرج زكاتها هذا هو الذي يُعذَّب بها، أما مَن أخرج زكاتها فلا يُعذَّب بها.

22- وحَدَّثَنِي عَنْ مَالكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ، يَطْلُبُهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ، يَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ".

الشيخ: كما جاء به الحديث، نعم، الله أكبر، نعم.