9- من حديث (لا يدخل الجنةَ قتات)

1519- وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1520- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"

1521- ولَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا.

1522- وعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ، ولَا بَخِيلٌ، ولَا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وفَرَّقَهُ حَدِيثَيْنِ، وفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

1523- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَسَمَّعَ حَدِيثَ قَوْمٍ وهُمْ لَهُ كَارِهُونَ؛ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي: الرَّصَاصَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث فيها التَّحذير من هذه الأخلاق السيئة، فالمؤمن يتحرى الأخلاق الفاضلة، فمما شرعه الله الدَّعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وكان أهلُ السنة يدعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، كما دعا إليها الشرعُ المطهر.

ومن مساوئ الأخلاق: النّمامة، وصاحبها هو القتَّات، النَّمَّام، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى النّمامة، يقول ﷺ: لا يدخل الجنةَ قتَّاتٌ يعني: نمَّام، وقال الله جلَّ وعلا: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ۝ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10- 11]، وفي الحديث يقول ﷺ أنه مرّ على قبرين، قال: يُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبيرٍ، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنَّميمة نسأل الله العافية.

والحديث الثاني فيه التَّحذير من الأخلاق السيئة؛ وهي الخداع، والبخل، وسُوء الملكة: لا يدخل الجنةَ خِبٌّ، ولا بخيلٌ، ولا سيئ الملكة، هذا وإن كان في سنده ضعف، ولكن معناه صحيح، تحريم سيئ الأخلاق، والخبّ هو الخداع كما في "النهاية"، الخب: الخداع، الذي يستغفل الناسَ في الفساد، والبخيل معروف، وسيئ الملكة: سيئ التَّصرف، ويحتمل المراد بسيئ الملكة في مماليكه وبهائمه؛ فيظلمها، ويحتمل سيئ الملكة: سيئ الخلق، فينبغي للمؤمن أن يتحرَّى طيب الأخلاق، طيب السيرة مع أولاده، ومع مماليكه، ومع بهائمه.

وكذلك يقول ﷺ: مَن كفَّ غضبَه كفَّ الله عنه عذابه، هذا فيه مُجاهدة للغضب؛ لأنَّ الغضب شرّه كبير، وتقدَّم قوله ﷺ: ليس الشديدُ بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، وقال رجلٌ: يا رسول الله، أوصني، قال: لا تغضب، فقال: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مِرارًا قال: لا تغضب، أوصاه بالوصية وكررها عليه؛ لأنه إذا غضب قد يضرب، قد يقتل، قد يسبّ، قد يشتم، فينبغي له المجاهدة في كفِّ غضبه.

وكذلك الحديث الرابع فيه الحذر لمن تسمَّع لحديث قومٍ وهم له كارهون؛ لأنه قد يكون فيه سرٌّ فيُفشيه عليهم، ويضرّهم سماعه: مَن تسمَّع حديث قومٍ وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنُك -يعني: الرصاص- يوم القيامة، فلا يجوز الاستماع لحديث قومٍ؛ التَّسمع عليهم في أحاديثهم في التليفون، أو في غير ذلك من وجوه السرّ، لا يتسمَّع لهم، ولا يتوخَّى سماع أحاديثهم؛ لأنه قد يكون ذلك يضرّهم، فلا يجوز للمسلم أن يتسمّع حديث قومٍ وهم له كارهون.

رزق الله الجميع العافية والسلامة.

 

الأسئلة:

س: هناك حالتان قد يحتاج فيها الإنسانُ إلى تسمع كلام الناس: الحالة الأولى: قد يخشى من بعض الناس ضررًا عليه، فيُريد أن يستكشف الأمر، هل يجوز؟

ج: ظاهر الحديث العموم، إلا إذا وُجدت أمارات تدل على الخطر فلا بأس.

س: الحالة الثانية: لو أنَّ هناك منكرًا، وهو مرتاب من الفاعل، أو من المنكر الموجود، وأراد أن يتأكَّد حتى يُنكر؟

ج: لا، يُعرض عنه، لا يجوز تتبع الناس.

س: ابن حجر والنووي وكثير من العلماء عندهم تأويل وأخطاء، فهل يُعدّون من الأشاعرة؟

ج: على حسب تأويلاتهم؛ إن كان التأويل، الإنسان إذا وجد من عالم تأويلًا لا يُتابعه في التأويل، كل عالم له هفوة، وله أخطاء، فطالب العلم يتبع الحقَّ بالدليل، ولا يتتبع هفوات العلماء.

س: هناك بعض الأشخاص يشترط أنَّك إذا ذكرت ابن حجر أو النووي أن تقول بعد اسمه: الأشعري؛ لئلا تُضلل الناس، فما صحَّة هذا الشيء؟

ج: لا، هذا ما له أصل.

س: امرأة قد أرضعت فلانًا وفلانةً برضعات أكثر من العدد المُعتبر شرعًا -أكثر من خمس رضعات- ومضت على هذا عدَّة سنوات، وبعد ذلك أنكرت تلك المرأة هذه الرضعات، فهل يُعتبر إنكارها بعد مضي هذه السنين؟

ج: لا بدّ من ثبوتٍ على شهادتها وإقرارها بالرضاع.

س: ثابت إقرارها بلا شكٍّ، يعرفونها أهلها وقرابتها؟

ج: إذا ثبت أن ناسًا شاهدوها بالرضاع، هذا شيء آخر، العُمدة عليهم، أما إن كان العُمدة عليها ورجعت ما يُعتبر إقرارها.

س: القول الصحيح في الصلاة الوسطى: صلاة الظهر، أو صلاة العصر؟

ج: العصر بنصِّ الرسول عليه الصلاة والسلام.

س: الفرق بين القتَّات والنَّمام؟

ج: المعنى واحد.

س: بالنسبة لدخول الجنة: لا يدخل الجنة قتَّات، المقصود دخول الوعيد؟

ج: هذا من باب الوعيد، قد يعفو الله عنه: ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

س: دخولًا أوليًّا؟

ج: لا، ما يحتاج إلى تأويلٍ، قد يعفو الله عنه.

س: الأنوار التي تُرى في السماء هل هي الشُّهب التي تُرمى بها الشياطين.

ج: الله أعلم.

س: قول الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"؟

ج: ذكر العلماء أنه قد يكون أراد أنَّ له طريقين: طريق حسن، وطريق صحيح، وقد يكون عنده شكٌّ، معناه: حسن، أو صحيح، عنده تردد.

س: بعض أهل العلم يقول: إذا قال الترمذي: "حديث حسن" وسكت، فالغالب فيه الضَّعف، فما صحَّة ذلك؟

ج: لا، هو اصطلاحه رحمه الله، فيه نظر، نبَّه عليه الحافظُ ابن حجر في شرح "النُّخبة".

س: نقرأ في كتب بعض الرجال ترجمة، يقول: "فلان يقول: لا إله إلا الله"، فأي مرتبةٍ من الجرح والتَّعديل، في أي مرتبةٍ هذه في الجرح والتَّعديل؟

ج: ما أعرف الكلام هذا، ما يكفي هذا، كل مسلم يقول: لا إله إلا الله، ما يكفي هذا.

س: قال يعني: إذا ..... الجرح ما يُقبل حديثه؟

ج: أقول: هذا الكلام ما يُعتمد عليه، يقول: لا إله إلا الله، ما يكفي في التَّجريح والتَّعديل، حتى المنافقين يقولون: لا إله إلا الله.

1524- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ. أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

1525- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ، واخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ، لَقِيَ اللَّهَ وهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1526- وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ.

1527- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الشُّؤْمُ: سُوءُ الْخُلُقِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة فيها التَّحذير من هذه الأخلاق السيئة:

الأول: كون الإنسان يشتغل بعيوب الناس، هذا خلق سيئ؛ ولهذا قال في الحديث: طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، يعني: الإنسان يُفكر في نفسه، ويجتهد في إصلاح عيوبه، وفي تحسين خلقه، ويكفيه ذلك عن الشغل بعيوب الناس.

فينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على صلاح نفسه، وكمال أخلاقه، وأن يشتغل بهذا عن عيوب الناس، فلا يُفكر في عيوب الناس: طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، ولا يُفكر بعيوب الناس إلا على سبيل الحذر منها.

ويقول ﷺ: مَن تعاظم في نفسه، واختال في مشيته؛ لقي الله وهو عليه غضبان، فهذا فيه الحذر من التَّكبر والخُيلاء، وتقدمت في ذلك أحاديث، وتقدم أنَّ الكبر بطر الحقِّ، وغمط الناس، وتقدم قوله ﷺ: لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال حبَّة خردلٍ من كبرٍ، فالواجب على المؤمن أن يحذر أسباب الكبر، وأن يبتعد عن الترفع بنفسه، والاحتقار لإخوانه.

وقد أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" أيضًا بسندٍ صحيحٍ، بقوله: مَن تعظم في نفسه، أو اختال في مشيته؛ لقي الله وهو عليه غضبان، فينبغي للمؤمن أن يحذر هذا الخلق السيئ، والتَّكبر، والخيلاء.

والحديث الآخر: يُروى عنه ﷺ أنه قال: الشُّؤم: سُوء الخلق يعني: أنَّ سُوء الخلق من الشُّؤم، فكون الإنسان سيئ الخلق، سيئ التصرف مع الناس؛ هذا من سوء الخلق، فينبغي للمسلم أن يكون خلقه حسنًا، البِرُّ حُسن الخلق كما تقدَّم في الحديث الصحيح، وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: إنَّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم بسط الوجه، وحُسن الخلق، وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ.

فسُوء الخلق من الشُّؤم الذي يُردي صاحبه، فينبغي الحذر من هذه الصِّفة التي هي سوء الخلق، وليكن طيب الخلق، بسط الوجه، طيب الكلام مع إخوانه، لا سيئ الخلق مع إخوانه.

كذلك العجلة ينبغي الحذر منها، فالتُّؤدة في الأمور، وعدم العجلة، وقد يغلط ويُخطئ في العجلة، فهي من الشيطان، فينبغي عدم العجلة في الأمور التي تحتاج إلى التؤدة، أما الأمور التي تحتاج إلى عجلةٍ؛ لئلا تفوت، فهذا شيء معروف، لكن الأمور التي لا خطرَ عليها ينبغي التُّؤدة فيها، والتَّريث، والتَّأني حتى يعرف وجه الصواب، حتى لا يقع في الخطأ والباطل، مثل: خروجه إلى المسجد، يمشي على هونٍ، ويُقارب بين خُطاه للأجر، ومثل: الناس في الإصلاح بينهم، وفي قضاء خصوماتهم، وفي حلِّ مشاكلهم، لا يعجل حتى يظهر له وجهُ الصواب.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: صحَّة حديث أنس: طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس؟

ج: لا بأس به، حسَّنه الحافظُ رحمه الله.

س: حديث أنس المُتَّفق عليه: "من السنة إذا تزوج البكرَ على الثّيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم"، المراد بقوله: "من السنة" السنة الواجبة؟

ج: سنة النبي ﷺ، إذا قال الصحابي: "من السنة" فمعناه: سنة النبي ﷺ.

س: ذكر العيب على سبيل التَّحذير كيف يكون، يعني: تُحذر من عيبه في الناس؟

ج: يعني إذا نظر في عيوب الناس يحذرها، هذا المقصود، ما هو مشغول بها؛ حتى يسبَّهم، أو يغتابهم، لا، بل يتأمّلها ليحذرها؛ عيوب الناس في الغضب، عيوب الناس في العجلة، عيوب الناس في الغيبة، يتأمل ما يترتب عليها من الشرِّ حتى يحذرها.

س: ويحذر منها؟

ج: ويحذر منها، طيب.

س: العجلة إلى الصلاة هل تنقص من أجر الصلاة؟

ج: العجلة مكروهة، والسنة عدم العجلة في المشي، كونه يُقارب بين خُطاه، ويتأمل أنه خرج لأمرٍ عظيمٍ، ولعبادةٍ عظيمةٍ، وأن خُطاه تُكتب بها حسنات، وتحطّ بها سيئات، يفوته بعض الأجر.

س: مسبوقٌ صلَّى مع إمامه، فالإمام سجد سجدتي السهو، فقام المسبوقُ لأداء الرَّكعات التي فاتته، ولم يسجد سجدتي السَّهو؟

ج: يعني: السجود بعد السلام؟

س: نعم، بعد السلام.

ج: يسجد إذا قضى ما عليه.

س: وإذا لم يسجد، وطال الوقت؟

ج: الأحوط أنه يسجد إذا ذكر، ولو طال الوقتُ، بعض الفقهاء قالوا: تسقط، ولكن الأفضل إذا ذكر أن يسجد سجدتي السهو بالنية.

س: حتى لو بعد يومٍ أو يومين؟

ج: هذا الأحوط.

س: صحَّة حديث عائشة: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك؟

ج: لا بأس به.

س: مُسافر صلَّى بالمُقيمين صلاة الظهر، فعندما قاموا للركعة الثالثة تقدَّم أحدُ المأمومين وأمَّهم؟

ج: منهم يعني؟

س: نعم.

ج: ما في بأس، الأمر واسع، والحمد لله.

س: ما يُقال: ترك هؤلاء أحسن؟

ج: الأولى ترك هؤلاء، لكل واحدٍ أن يقضي فقط، والحمد لله.

س: القسم بين الزوجات كان واجبًا على النبي ﷺ؟

ج: المعروف أنه غير واجبٍ: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ [الأحزاب:51]، لكن يقول ﷺ: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك.

س: الأحاديث الكثيرة التي فيها استئذان النبي ﷺ من زوجاته؟

ج: كل هذا من حُسن خلقه، من حُسن خلقه وتحريه العدل عليه الصلاة والسلام.

س: رجلٌ مسافرٌ صلَّى مع إمامٍ في محطة، وهذا الإمام أتمَّ، فهذا المُسافر صلَّى ركعتين، ثم سلَّم، والإمام أتمَّ الصلاة، فسأله: لماذا سلَّمْتَ؟ فقال: أنا مسافرٌ، وما تمَّ مع الإمام؟

ج: عليه أن يقضيها، الذي يُصلي خلف إمامٍ يُتم معه، إذا صلَّى مع الإمام يُتم معه، عليه أن يقضي الصلاة التي قصرها.

 

1528- وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُفَعَاءَ، ولَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1529- وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنَهُ، وسَنَدُهُ مُنْقَطِعٌ.

1530- وعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيَضْحَكَ بِهِ الْقَوْمُ، وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ. أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

1531- وعَنْ أَنَسٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْتَهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ. رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

1532- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

 

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تدل على التَّحذير من هذه الأخلاق الذَّميمة:

الأول: اللعن والشتم، وكون الإنسان يعتاد الشتم واللعن والسبَّ، فينبغي له الحذر من ذلك، وأن يحفظ لسانه، يقول النبيُّ ﷺ: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، ويقول ﷺ: إنَّ اللعانين لا يكونون شُهداء، ولا شُفعاء يوم القيامة، فينبغي للمؤمن أن يُعوّد نفسه الكلام الطيب، وأن يصون لسانه عن الشتم واللعن.

وفي الحديث الآخر الذي يُروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: مَن عيَّر أخاه بذنبٍ لم يمت حتى يعمله، هذا وإن كان في سنده ضعف، لكن معناه التَّحذير من تعييرك أخاك بذنبٍ، بل تدعوه إلى الخير، وتنصحه، وتأمره بالتوبة، أما التَّعيير فلا، ما هو محلًّا للتعيير: يا فعال كذا، يا فعال كذا، يا فعال كذا، لكن تدعوه إلى التوبة، تنصح له، تُوجهه إلى الخير، كما ينبغي للمؤمن مع أخيه.

كذلك يقول ﷺ: ويلٌ لمن يُحدِّث فيكذب ليضحك به القوم، ويلٌ له، ثم ويلٌ له يعني: يجب الحذر من كون الإنسان يُحدِّث بكذبٍ حتى يضحك القوم، ينبغي له الحذر من هذا، وأن يكون حديثه فيما ينفع الناس، ويُقربه إلى الخير، ويُباعده من الشر، لا بالمزح الذي يتعاطى معه الكذب لأجل أن يضحكوا، هذا من العبث، ينبغي له الحذر من ذلك، فالكذب خبيث ولؤم، فينبغي الحذر منه.

كذلك حديث: كفَّارة مَن اغتبتَه أن تستغفر له حديث ضعيف، وأنت إذا اغتبتَ إنسانًا فتحلله، قل: سامحني يا أخي أنا قلتُ في عرضك كذا وكذا، سامحني، تستغفر له، تدعو له بالخير، تذكر محاسنه في المحلات التي ذكرتَ فيها مساوئه.

وأما الحديث فهو ضعيفٌ، لكن من التَّوبة أن تستغفر له، وأن تدعو له، وأن تذكر محاسنه التي تعلمها منه في المواضع التي اغتبتَه فيها، وإن تيسر طلب العفو منه فهذا فوق ذلك، إذا تيسر العفو فهذا طيبٌ.

ويقول ﷺ في الحديث الأخير: أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم، ومعنى الألد يعني: كثير الخصومات، اللدد يعني: ما عنده انشراح للتَّسامح، وإنهاء الخصومات، بل يلد في خصومته، إذا فرغ من حُجَّةٍ انتقل إلى الأخرى حتى يضيع الوقت، وحتى تطول الخصومة، فينبغي للمؤمن أن يكون بعيدًا عن ذلك، يفرح بإنهاء الخصومة، يفرح بالكلام الطيب، يفرح بمُسامحة أخيه، ومعنى الخصم: كثير الخصومة يعني، صفة مبالغة، فالمشروع للمؤمن أن يكون سمحًا وقريبًا، بعيدًا عن اللدد وشدّة الخصومة؛ لأنَّ هذا قد يُفضي به إلى الكذب، وقد يُفضي به إلى الظُّلم.

نسأل الله للجميع الهداية والعافية.

 

الأسئلة:

س: إذا طلق الرجلُ امرأته في طهرٍ لم يُجامعها فيه مرة واحدة، ثم أراد أن يُوقع الطلقة الثانية والثالثة، متى تكون؟

ج: يكفي واحدة، لا يُطلق، السنة أن يكتفي بطلقةٍ واحدةٍ، ولا يتبعها شيء.

س: لكن لو أراد؟

ج: لا ينبغي له.

س: تقسيم الغزالي في "الإحياء" الكذب إلى: واجب، ومباح، ومحرم؟

ج: هذا يختلف بحسب الأدلة، إذا كان الكذب لمصلحة المسلمين لا بأس، مثلما قال ﷺ، تقول أمُّ كلثوم: "لم أر النبي ﷺ يُرَخِّص في شيءٍ من الكذب إلا في ثلاثٍ: في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس، وفي حديث الرجل وامرأته"، وامرأة زوجها، لا بأس بهذا، أما الكذب فقد يجب إذا كان فيه إنقاذ مؤمن، كأن يقول: والله إنه أخي؛ لأجل أنه إذا قال أنه أخوه يتركه، ما يقتله، أو ما يضربه، أو قال: والله إنه نسيبي، أو والله إنَّ هذا ما هو فلان، إنك غلطان، أو ما أشبه ذلك حتى يدفع عنه الظلم.

س: مَن قال: إن الإخبار بالغيبة لا يُستحب؛ لأنه يجلب الوحشة وإيغار الصدر؟

ج: لا، مثلما قال ﷺ: مَن كان عنده لأخيه مظلمة من عرضٍ أو شيء فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينارًا ولا درهمًا، صرح النبي بالعرض.

س: قول الرسول ﷺ: إنَّ اللَّعانين لا يكونون شُهداء ولا شُفعاء يوم القيامة، هذا يفهم أنَّ مَن عداهم يكونوا شفعاء يوم القيامة؟

ج: قد يكونوا.

س: شهداء متى؟

ج: يوم القيامة، يشهدون لإخوانهم بالخير.

س: عبارة يقولها بعضُهم: إذا علم الله منك حرصك على هذا الأمر وفقك .....، عبارة: إذا علم الله منك حرصك؟

ج: معناه الحثّ على الصدق، وأنك إذا صدقت فأنت يُرجى لك العون من الله: والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا [الأعراف:128]، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].

س: قول الرسول ﷺ: ولا شهداء يوم القيامة، ما الصواب في ولا شهداء؟

ج: ماذا؟

س: ذكر يقول: لا يشفعون حين يشفع المؤمنون، ومعنى «ولا شهداء»، قيل: لا يكونون يوم القيامة شُهداء؟

ج: الله أعلم، المقصود التَّحذير من اللَّعن، هذا المقصود.