5- من حديث (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس..)

بَابُ الزُّهْدِ والْوَرَعِ

1482- عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ -وأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1483- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، والدِّرْهَمِ، والْقَطِيفَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

1484- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أو عَابِرُ سَبِيلٍ، وكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، ومِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بالزهد والورع، الزهد فيما لا حاجةَ إليه، وفيما يشتبه فيه، والورع عن تعاطيه، فالإنسان يزهد في الشيء الذي قد يشغله عمَّا هو أهم، أو يجرّه إلى الحرام، ويتورع عن ذلك حتى تسلم له عقيدته، ويسلم له دينه، ولا يقدم إلا على بصيرةٍ؛ لا في قولٍ، ولا في عملٍ، فهذا من زهده في العاجلة، وورعه عمَّا حرم الله عليه؛ أن يتثبت في الأمور حتى لا يتعاطى إلا ما يعلم حلّه، إلا بدون شبهةٍ.

ومن ذلك حديث النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري : أنه حدَّث وأشار إلى أُذنيه وقال: سمعتُ النبيَّ ﷺ بأذني يقول: الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه، ومَن وقع في الشّبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يُوشك أن يقع فيه، ألا وإنَّ لكل ملك حمى، ألا وإنَّ حمى الله محارمه، ألا وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب.

هذا الحديث يدل على جملٍ عظيمةٍ، والشاهد منه قوله: وبينهما مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه هذا هو الزهد، والورع أن يتجنب المشتبهات التي ما يدري هي حلال أو حرام، يخشى على دينه، فإذا وقع فيها فهو كالراعي الذي يرعى حول الحمى، يعني: يقسو قلبه، ويضعف ورعه، حتى يقع في المحارم بسبب وقوعه في المشتبهات، كالذي يحوم حول الحمى، يغفل أو ينام فترتع الإبل أو الغنم في زروع الناس؛ لأنه حول الحمى.

وينبغي للمؤمن التورع عمَّا يشتبه، والحذر منه، وأن تكون أعماله على بصيرةٍ؛ في مأكله، ومشربه، وغير ذلك على بصيرةٍ، إذا اشتبه عليه الأمرُ توقف عنه حتى يتَّضح أمره، ويُبين ﷺ أن القلب هو الأساس، فمتى صلح صلح الجسد، فالعبد متى عمَّر قلبه بالتقوى، والخوف من الله، وخشية الله؛ استقامت الجوارح، وإذا خرب القلب بالشكوك والأوهام والمعاصي، أو بما هو أكبر من النِّفاق؛ فسدت الأعضاء -نسأل الله العافية.

ويُبين ﷺ أن حمى الله محارمه، وأنه لا يجوز للإنسان أن ينتهك حمى الله –يعني: محارم الله- من الزنا، والسرقة، والعقوق، وقطيعة الرحم، والربا، إلى غير هذا من المعاصي، متى وقع فيها فقد انتهك حمى الله، ولكن يجتهد في صلاح قلبه بتقوى الله، والاستقامة على دين الله، والبُعد عن معاصي الله؛ حتى يسلم له قلبه، فإذا سلم له قلبه استقامت أحواله.

ويُبين ﷺ أنَّ بعض الناس قد يعمل للدنيا وهو يُصلي ويصوم، إن دام له مطلوبه من الدنيا وإلا انحرف، فهذا دعا عليه النبيُّ ﷺ بالتَّعاسة: تعس عبدُ الدينار، والدرهم، والقطيفة، إن أُعطي رضي، وإن لم يُعطَ سخط، إن أُعطي رضي واستمرَّ في الخير، وإلا سخط؛ فعمله ليس لله خالصًا، بل من أجل أن يُعطى، سواء كان يتعلم العلم، أو يعمل أشياء أخرى في طاعة الله، فيتعلَّمها لأجل القطيفة، ولأجل الدرهم، لا لله، فعمله حابط، وهذا ما ينفعه كالمرائي، إنما تنفع الأعمالُ إذا كانت لله خالصةً، أما إذا كانت لأجل الدنيا فهو ما أراد بها وجه الله: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ولَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].

تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميلة، إن أُعطي رضي، وإن لم يُعط سخط، ويقول ﷺ: أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسُئل عنه فقال: الرياء، ويقول ﷺ: يقول الله جلَّ وعلا: أنا أغنى الشُّركاء عن الشرك، مَن عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركه.

فأنت يا عبدالله في تعليم القرآن، أو تعلم العلم، أو غير ذلك من العبادات، اعملها لله، لا من أجل الدرهم والدينار والقطيفة ونحو ذلك، بل تعملها لله، تعلم لله، وتدعو إلى الله، بقصد طلب رضاه، والأجر عنده، وتعود المريض لأجل طلب الأجر من الله، وهكذا الأعمال الصالحة تفعلها لله، فإذا جاءك رزقٌ من الله عليها فهذا خيرٌ إلى خيرٍ، لكن لا يكون قصدك هذا المال، إنما قصدك وجه الله، لكن إذا جاء شيء من الرزق ما يضرّ.

وهكذا حديث ابن عمر: أنَّ النبي ﷺ أوصاه: كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل، عابر السبيل والغريب يأخذ حاجته، ما هو يتكلف، إذا مرَّ صاحبُ القصيم في الرياض، أو صاحبُ مكة بقريةٍ أخرى أخذ حاجته، ابن سبيل، إن كان محتاجًا ذهبًا اشترى ذهبًا، كان محتاجًا شيئًا آخر في الطريق أخذ، يأخذ حاجة الطريق.

فأنت في الدنيا مسافر؛ خذ حاجتك، وهي طاعة الله ورسوله، وهي الزاد: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]، أنت غريبٌ، ليكن همُّك ما يُوصلك إلى الآخرة، إلى الجنة، ليس همّك الدنيا والتوسع فيها.

وهذا مثال عظيم من النبي ﷺ، فيه الخير العظيم: كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، فعابر السبيل إذا مرَّ بالقرية ما يتكلَّف، يأخذ حاجته التي تُوصله إلى بلده: نعال، طعام، شمسية يتَّقي بها الشمس، حاجته التي تنفعه في الطريق فقط.

فأنت في الدنيا غريب، خذ منها حاجتك التي تُوصلك إلى الآخرة، خذ منها ما يُعينك على طاعة الله: من المحافظة على الصَّلوات الخمس، صيام رمضان، الزكاة، الحج، برّ الوالدين، عيادة المريض، الحذر من المعاصي، كل هذه التي تُعينك على الآخرة افعلها، والشيء الذي يصدّك عن الطريق اتركه، لا تأتي الذي يصدّك ويقطعك عن الطريق.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: مَن كان يُصلي العصر، فتذكَّر صلاةً فائتةً قد نسيها ماذا يعمل؟ سواء كانت مماثلةً لصلاة العصر في العدد، أو أقلّ في المغرب والعشاء؟

ج: يقطعها، ويُحرم من جديدٍ بنية الفائتة، يقطع هذه، ويُكبر من جديدٍ بنية الفائتة، ويقضي ما فاته.

س: بعض الناس يقولون أن التيمم يجوز بأي شيءٍ، يعني مثل الخشب، أو الحديد؟

ج: الله يقول: فتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] ..... الصعيد الطيب: الأرض، والنبي ﷺ يقول: جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا.

س: هل ثبت أن النبي ﷺ صارع ركانة على قطيعٍ من غنمٍ؟

ج: يُروى، ولا أعرف حال سنده، والنبي ﷺ قال: لا سبقَ إلا في نصلٍ، أو خفٍّ، المصارعة ما تصلح على مالٍ، المصارعة والمسابقة على الأقدام ما تصح على مالٍ.

س: حتى ولو كانت من طرفٍ واحدٍ؟

ج: ما تصلح على مالٍ، الشرط ما يصلح.

س: بعض المسلمين إذا دخلوا مطعمًا يسألون عن اللحم، ففي هذا الموضوع أليس يدخل عليه الشّبهات؟

ج: لا، ما في بأس، يسألون إذا كان مطعمًا يبيع الحلال والحرام، يبحثون عن الحلال، إذا كان المطعم ما هو مُتورع يسألونه.

س: أحد الإخوان يقول: أريد أن أزور أمي في قبرها، فكيف أُسلم عليها؟ هل أقول: السلام عليك يا أمي، أو ما أشبه ذلك؟

ج: السلام عليكم يا أمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، غفر الله لك، ورحمك، وأسكنك الجنة، ونحو ذلك.

س: مَن آذى الناس في طُرقاتهم فقد وجبت لعنته؟

ج: ما أعرف، لا أذكر حال سنده.

س: شابٌّ يقول: سمع منكم الفتوى التي أفتيتُم بها بعض الشباب في كونه يأخذ الصَّدقة أو الزكاة ليتزوج، ويقول أنَّ حاله ربما يكون أشدّ من كثيرٍ من الناس، حتى إنه يتعرض للفتن؟

ج: يأخذ الصدقة، يأخذ الزكاة ويتزوج، ما دام ما عنده قُدرة على الزواج يُعطى من الزكاة.

س: يعني هو تعرَّض للفتنة في سؤال الناس؟

ج: يُعطى الزكاة ليتزوج، ما في بأس.

س: الأفضل في هذه الحالة إذا كان تعرض للفتنة يسأل؟

ج: لا حرج، من باب الضَّرورات.

س: هل الأعمال شرط لصحة الإيمان، وإلا لكماله؟

ج: تختلف، تختلف، بعضها شرط، وبعضها ما هو بشرط، الصلاة شرط، والزكاة ما هي بشرط.

س: هل صحَّ عن الرسول ﷺ شيء في ستر المرأة عند قبرها؟

ج: ما أذكر إلا من عمل الصحابة، ما أذكر شيئًا إلا من عمل الصحابة، يجعلون عباءةً أو غيرها عند انحدارها في القبر؛ لأنها قد تبين أحجامها.

س: يُعمل بهذا؟

ج: هذا أحسن، هذا الذي عليه العمل.

س: تنزيل القبر لا بدّ أن يكون محرمًا لها؟

ج: ما هو بلازم.

1485- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

1486- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: يَا غُلَامُ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

1487- وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ، وأَحَبَّنِي النَّاسُ، فقَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ، وازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وغيره، وسَنَدُهُ حَسَنٌ.

1488- وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث فيها الحثُّ على ما يقتضيه الورع والزهد، وأن المؤمن يبتعد عما يشتبه عليه، ويحرص على كل ما ينفعه، ولا شك أن التشبه بالمشركين وسيلة إلى الشر، وربما وقع في دينهم، وارتكب محارم الله، وهو من أعظم الأشياء التي يجب الورع من قربها، والحذر منها، ولهذا يقول ﷺ: مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم، رواه الترمذي بإسنادٍ حسنٍ، ورواه الإمام أحمد رحمه الله أيضًا.

والمقصود الحذر من التَّشبه بالكفار بأخلاقهم، وأعمالهم، وأعيادهم، ونحو ذلك؛ حتى لا يقع في الشرك الذي وقعوا فيه، وهذا واجب، ورع واجب ومتعين.

والحديث الثاني: يقول ﷺ: ازهد في الدنيا يُحبك الله، وازهد فيما عند الناس يُحبك الناس، الزهد في الدنيا يعني فيما حرَّم الله، وفي التَّوسع فيها، والغضب لها، والحبّ لها، والبغض لها، اجعلها خادمةً، لا تجعلها مخدومةً، اجعلها خادمةً لك في طاعة الله، واتباع مرضاته، ونفع عباده، ولا تجعلها مخدومةً لك، تُبغض لها، وتُحب لها، ونحو ذلك.

وازهد فيما عند الناس يُحبك الناس، إذا ما سألتهم ما في أيديهم أحبُّوك، وإذا نزعت ما في أيديهم كرهوك، وكرهوا قربك، فالزهد فيما في أيديهم وعدم الحاجة إليهم عند الاستغناء هو خيرٌ لك، أما عند الضَّرورة فذاك شيءٌ آخر، لكن مهما استطعتَ أن تزهد فيما في أيديهم فهو خيرٌ لك، وأسلم لدينك.

كذلك حديث ابن عباس: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، تمامه: واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لن يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف، وهو حديثٌ صحيحٌ.

فينبغي للمؤمن أن يحفظ الله حتى يحفظه، احفظ الله بحفظ طاعته، واتِّباع شريعته، يحفظك مما تكره، ويحفظك في الآخرة من دخول النار.

احفظ الله تجده تجاهك، وفي اللفظ الآخر: تجده أمامك، مَن حفظ الله فهو الموفق له، ويهديه، ويُعينه على الخير، وحفظ الله معناه: حفظ طاعته، وحفظ محارمه، والحذر مما يُغضبه، هذه وصيته لترجمان القرآن ابن عباس، وهي وصيةٌ للأمة كلها، وصية النبي ﷺ لواحدٍ وصيةٌ للأمة كلها.

احفظ الله يحفظك بحفظ أوامره، وترك نواهيه، والوقوف عند حدوده، ومَن حفظ الله وجده أمامه في توفيقه لكل خيرٍ، وإعانته على كل خيرٍ.

واعلم أن الأمة ليس في أيديهم شيء، كله بيد الله، كله بقدر الله، لو اجتمعوا على أن ينفعوك ما نفعوك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك ما ضرُّوك إلا بشيءٍ قد سبق به علم الله وكتابته، فاجعل قلبك مُعلَّقًا بالله، واعتمد على الله، واعمل بطاعته، واحذر معصيته، ولا يهمك الناس، ومَن استقام على أمر الله فله السعادة في الدنيا والآخرة.

ويقول سعد رضي الله عنه: أن النبي ﷺ قال لسعدٍ: إنَّ الله يُحب العبدَ التَّقي الغني الخفي، الغني عمَّا في أيدي الناس، غني القلب: ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس، التقي المطيع لله، الخفي الذي ما يُحب الشهرة، ما يتعرض للشهرة بين الناس: اعرفوني، اعرفوني، يهمّه تقوى الله، وطاعة الله، ولا يُبالي عرفه الناس أو ما عرفوه، فهذا هو المحبوب عند الله جلَّ وعلا، أما الذي يُحب أن يعرفه الناس، ويتعرض لهم للمُباهاة والمراءات فهذا شرٌّ، ولكن المؤمن هو الذي يتَّقي الله، ولا يطمع فيما في أيدي الناس، ولا يُبالي بالتعرف إليهم، ولا الاشتهار بينهم، إنما همّه طاعة الله ورسوله، ولو لم يعرفه الناس.

 

الأسئلة:

س: ظهار الغضبان هل فيه تفصيل كطلاق الغضبان؟

ج: ظهار الغضبان، وطلاق الغضبان، ويمين الغضبان، كلها واحد.

س: ضابط التَّشبه بالكفار؟

ج: في زيِّهم، أو في أعيادهم، أو في أعمالهم التي ما هي من أعمال المسلمين، أو زي يخصّهم في لباس، أو غيره.

س: البنطلون والبدلة؟

ج: الشيء الذي من زيِّهم لا يتشبَّه به.

س: مَن اعتاد اللبس هذا دون اعتقادٍ منه أنه يتشبَّه بهم؟

ج: ولو، ما دام أنه ليس من لبس المسلمين في قومه لا يلبسه.

س: إذا كان اللبس من عادة المسلمين؟

ج: إذا كان شيئًا مُشتركًا لا بأس، مثل: الطائرة مشتركة، السيارة مشتركة، الباخرة مشتركة.

س: بعض البلدان الآن صار اللباس فيها البنطلون؟

ج: الشيء الذي هو خاصّ بهم، ما هو من لباس المسلمين، هذا هو.

س: لو كان هذا المُشترك في الأصل أُخذ منهم من عشرين سنة، من مئة سنة، وكان عندهم خاصٌّ بهم؟

ج: ما دام لبسه المسلمون وصار مُشتركًا صار مثل الطائرة والسيارة.

س: إذا قال: أنتِ عليَّ حرام، ونوى به الطلاق؟

ج: يصير طلاقًا على الصحيح.

س: قوله: فهو منهم؟

ج: من باب الوعيد والتَّحذير.

س: .............؟

ج: لا بأس به مثلما قال المؤلفُ، قال: حسن ..

س: إذا الدّعاة ذهبوا إلى أمريكا أو أوروبا، ووصلوا هناك لكي يدعوا إلى الله، وهم لباسهم معروف كيف يعني؟

ج: لا يلبسون لباس الكفار، يلبسون لباسهم العادي.

س: ولو أدَّى هذا إلى الأذية، إذا عُرفوا بهذا أُوذوا؟

ج: لا بد أن يفعل شيئًا يُخالف زيهم، ما يصير زيهم، وإلا لا يروح يدعوهم، يلزم بلاد المسلمين والحمد لله، إذا كان عليه خطرٌ لا يروح يدعوهم إلى الله، يدعوهم مَن بعيدٍ في الإذاعة والكتابات والحمد لله.

س: قول الرسول ﷺ: ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يدخل فيه مَن استمع لذكرٍ في غرفةٍ، أو مكتبةٍ، وغير ذلك؟

ج: يُرجى ذلك إن شاء الله، كما في اللفظ الآخر: ما اجتمع قومٌ، ولم يذكر في بيتٍ من بيوت الله.

س: التَّشبه ما يصل إلى الكفر؟

ج: التَّشبه بدعاء الأوثان، ودعاء الأموات والأصنام يصير كفرًا.

س: التَّشبه بهم في أعيادهم الخاصَّة؟

ج: هذا منكر، ما هو كفر، وسيلة إلى الكفر.