4- من حديث: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال..)

1475- وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا، ويُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1476- وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

1477- وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، ولَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ.

1478- وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ. أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحثِّ على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والتعاون على الخير، وصفاء القلوب، وعدم الشحناء والتَّهاجر، كما تقدَّم في قوله ﷺ: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا.

وفي هذا يقول ﷺ في حديث أبي أيوب: لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثٍ، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، وقد جاءت في هذا المعنى عدةُ أحاديث كلها دالة على تحريم التَّهاجر، وأن الواجب الصلح فيما زاد على الثلاثة أيام، أما الثلاثة فأقل فلا بأس؛ لأنها قد تقع بين الناس الشّحناء، وقد تقع خصومات يضطر الإنسانُ إلى بعض الشيء، لكن ما زاد على الثلاث يحرم.

وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: تُعرض الأعمالُ على الله في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل مسلمٍ، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله: دعوا هذين حتى يصطلحا، فهذا خطرٌ عظيمٌ من أسباب حرمان المغفرة.

فالواجب على المؤمن والمؤمنة الحرص على صفاء القلوب، وعدم التَّهاجر، فإذا كان ولا بدّ فلا يزد على ثلاثة أيام، وما زاد يحرم، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام خيرهما الذي يلقى أخاه ويبدأه بالسلام، وهو أفضلهما.

ويقول ﷺ: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ، هذا من المعروف؛ أن تلقى أخاك بوجهٍ منبسط، يقول ﷺ: إنكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم بسط الوجه، وحُسن الخلق، ويقول ﷺ: البِرُّ حُسن الخلق، فأقل المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ لا معبس، ويقول لأبي ذرٍّ: إذا طبختَ مرقةً فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك.

ويقول ﷺ: كل معروفٍ صدقة، هكذا روى البخاري من حديث جابر، ورواه مسلم من حديث حذيفة مرفوعًا.

فكل ما يُسمَّى معروفًا: من كلمةٍ طيبةٍ، من شفاعةٍ حسنةٍ، من هديةٍ، صدقةٍ، تفريج كربة، إنظار معسر، كل معروف صدقة، وهذا فيه الحثّ على المعروف، وعدم الشح ببسط الوجه، وعدم الشح بالمال، وبكل معروفٍ ينفع أخاك: وَالْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ كلمة جامعة، فيجمع المحبَّة، والتعاون على الخير، والانبساط، والتواصي بالحقِّ، هذا شأن الولاية، كل واحدٍ ولي أخيه، لا يخونه، ولا يكذب عليه، ولا يفعل ما يضرّه، ولا يظلمه، ولا يكذب عليه، ولا يبخسه حقّه، إلى غير هذا من وجوه الولاية؛ ولهذا قال ﷺ: كل معروفٍ صدقة.

وقال ﷺ: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو قال: كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر، فالساعي على الفقراء والمحاويج، والصابر على ذلك بالمساعدة والشفاعة لهم في الخير، وتفريج كرباتهم، كله صدقة، كله معروف، كالمجاهد في سبيل الله، هذا أمرٌ عظيمٌ.

قال: وأحسبه قال: وكالصائم لا يُفطر، والقائم لا يفتر رواه مسلم، فالمؤمن يُجاهد نفسه، المؤمن والمؤمنة يُجاهدان أنفسهما في أعمال الخير، في أنواع المعروف، في عدم هجران أخيه في الله، وأخته في الله، في المساعدة ولو بالقليل، ولو بالمرقة إذا كان فقيرًا، ولو كثر المرقة وساعده بالمرقة، ولو بتمرة: اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: ..... الهجر بالسلام أم بعود الحال إلى ما كان عليه من قبل؟

ج: الهجر يزول بالسلام، وكماله بأن تعود الحالة كما كانت أولًا، لكن ظاهر قول النبي ﷺ: خيرهما الذي يبدأ بالسلام يزول عنه.

س: ...........؟

ج: كن خيرًا منه، أحسن خلقك أنت، وعامله باللُّطف.

س: ...........؟

ج: المقصود: افعل ما تستطيع من الخير؛ من بذل السلام، والنصح: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: إذا كان الجيرانُ غير مسلمين؟

ج: ولو كانوا غير مسلمين لا تُؤذيهم، يقول الله جلَّ وعلا: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8] هم كفَّار.

س: صاحب المعصية هل يجوز هجره أكثر من ثلاثة أيام؟

ج: المعاصي لها شأن، والبدع؛ أن يُهجر حتى يتوب إذا أظهرها، هذه في حقِّ الإنسان مع أخيه، في حقوق الدنيا، حقوق الأخوة، أما إذا أظهر المعاصي فهذا يُهجر حتى يتوب.

س: ..........؟

ج: تُسلم عليه، ابدأه بالسلام، والحمد لله، وردّ السلام إذا سلَّم.

س: ...........؟

ج: يأثم إذا استمرَّ على هجره بالسلام، أما كونه يعود إلى حالته الأولى وهو ما يقدر، ما هو بلازم، يقول ﷺ فيما رواه البخاري في "الصحيح": ليس الواصل بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها، هذا الواصل الكامل، ما هو الذي يقول: أكافئ؛ إن وصلني وصلتُه، وإن قطعني قطعتُه، لا، هذا ما هو بواصل، هذا مكافئ، لكن الواصل الذي يُقابل السيئة بالحسنة.

س: هل للرجل أن يهجر زوجته أكثر من ثلاثة، يدعها في غرفةٍ، أو ينام في غرفةٍ؟

ج: له أن يهجرها نعم، ولو أكثر، لكن بالسلام ثلاث.

س: في حاجتها في البيت؟

ج: لا يهجرها أكثر من ثلاثٍ في السلام والكلام، أما في المبيت معها والجماع لها فله أن يهجر زيادة حتى يُؤدّبها.

س: حتى يكون تأديبًا لها؟

ج: يكون في البيت.

 

1479- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مسلمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ومَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ، واللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1480- وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1481- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، ومَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، ومَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ, فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثِّ على البرِّ، والصلة، والمعروف، والسعي في الخير: يقول ﷺ: مَن نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كُربةً من كُرب يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومَن يسَّر على مُعسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، فهذا فيه الفضل العظيم في تنفيس الكرب، والتيسير عن المعسرين، والستر على المحتاجين وإعانتهم، الله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول جلَّ وعلا: وتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3].

فمَن أعان أخاه في ملمةٍ أعانه الله، سواء كان من ستر عورةٍ، أو تيسير على معسرٍ، أو تفريج كربةٍ بقرضٍ، أو صدقةٍ، أو شفاعةٍ، كلها أجر، فإن أعانه بشفاعةٍ، أو قرضٍ، أو هبةٍ كله خير، هكذا إذا يسَّر على مُعْسِرٍ، وأمهله، أو أبرأه.

وفي الحديث الصحيح: مَن سرَّه أن يفرج له كُربة من كُرب يوم القيامة فليُنَفِّس عن معسرٍ، أو يضع عنه، فالتنفيس عن المعسرين فيه خيرٌ عظيمٌ.

والحديث الآخر: يقول ﷺ: مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته متفق عليه، ويقول ﷺ: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وحسبته قال: أو كالصائم لا يُفطر، والقائم لا يفتر، ويقول ﷺ: مَن دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله، هكذا رواه أبو مسعودٍ الأنصاري عن النبي ﷺ: مَن دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله، إن قلت له: فلان فقير محتاج، فأعطاه مئة، لك مثل أجره، أعطاه مئتين، قضى دينه لك مثل أجره، خير عظيم.

ويقول ﷺفي اللفظ الآخر: مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا، ويقول في حديث عليٍّ: لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم فضل عظيم.

فلا ينبغي للعبد أن يكسل عن الدلالة على الخير، والدَّعوة إليه؛ لما فيه من الأجر العظيم، والخير الكثير، والنفع لأخيه المسلم.

ويقول ﷺ: مَن سألكم بالله فأعطوه، ومَن استعان بالله فأعينوه، وفي اللفظ الآخر: ومَن دعاكم فأجيبوه، ومَن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تُكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أنَّكم قد كافأتموه، وهذا يدل على جواز السؤال بالله، وأن الإنسان يُعطى إذا كان يستحق، أما إذا سأل ما لا يستحقه: كأن يسأل الزكاة، وهو ليس من أهل الزكاة، أو غني ما يستحق، إنما من سأل بالله وهو يستحق العطاء.

وفي قصة الثلاثة: الأبرص، والأقرع، والأعمى، أرسل الله إليهم ملكًا، فسألهم عن حاجاتهم، وقُضيت حاجاتهم؛ أعطى الله الأبرص جلدًا حسنًا، وشعرًا حسنًا، والأقرع أعطاه شعرًا حسنًا، والأعمى ردَّ الله عليه بصره، ثم جاءهم الملكُ فقال: أسألك بالذي أعطاك الجلد الحسن، واللون الحسن، والآخر قال له: الذي أعطاك الشعر الحسن، والآخر قال له: أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك، فاعتذر الأبرص والأقرع -والعياذ بالله- وأجاب الأعمى.

فالمقصود أن السؤال بالله جلَّ وعلا عظيم، فمَن سُئل بالله فليُعطي، لكن ما ينبغي للإنسان أن يسأل الله ويُشدد على إخوانه، ينبغي أن يسأل سؤالًا ليس فيه سؤال بالله، لا يُشدد عليهم، بل يرفق بهم حتى لا يُحرجهم.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: مَن سأل بالله فهل إجابته واجبة؟

ج: ظاهر النص أنه يجب، لكن إذا كان ليس أهلًا لذلك لا يُعطى، كان مغنيه الله.

س: الحديث؟

ج: الحديث لا بأس به، الشيخ محمد رحمه الله في "التوحيد" عزاه لأبي داود والنسائي بإسنادٍ صحيحٍ.

س: ..... الحديث الآخر: ملعونٌ مَن سأل بوجه الله، منع إلا أن .....

ج: السؤال بوجهه لا، ما ينبغي، لكن جاء في حديث ابن عباس عند أحمد: مَن سأل بالله فأعطوه، ومَن سأل بوجه الله فأعطوه، ولكن في حديثٍ آخر: لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة، وفي سنده بعض المقال، يحتاج إلى تحقيقٍ.

س: ............؟

ج: هذا مُطلق، لكن يُقيد بالأحاديث الصَّحيحة، إذا سأل بالله وهو أهلٌ لذلك، فقير، أما لو سأل بالله وهو غنيٌّ، أو من أهل البيت سأل الزكاة ما يُعطى؛ لأنَّ النصوص يُقيد بعضُها بعضًا، ويُفَسِّر بعضُها بعضًا.

س: قوله: فإن لم تجدوا فادعوا له يُفسّر .....؟

ج: حديث أسامة: مَن صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء، هذا من الثناء: جزاك الله خيرًا، غفر الله لك، أحسن الله إليك، وما أشبه ذلك.

س: صحَّة حديث أسامة .....؟

ج: لا بأس به.

س: الدعاء لصاحب المعروف يكون في وجهه؟

ج: نعم، الأحسن في وجهه.

س: الجمع بين حديث: مَن شفع لأخيه شفاعةً، فأهدى إليه فقبلها، وبين الحديث الأخير هذا: مَن استعاذ بالله فأعيذوه، ومَن سألكم بالله فأعطوه، ومَن صنع إليكم معروفًا فكافئوه؟

ج: ..... حديث منع القضاء المعروف بالشفاعة هذا يكون مخصصًا لهذا، هذا عام، وذاك خاصّ.

س: بعض الفقراء بُلُوا ببعض الملاهي: كالدشوش، وغيرها، فهل ينصح مَن أراد أن يتصدَّق عليهم؟

ج: حتى ولو كافرًا يُعطى، ما تمنع الصَّدقة، الله جلَّ وعلا يقول: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ [الممتحنة:8]، والكافر أشدّ من الذي وضع دشًّا.

س: لكن ما يكون هذا عونًا له لشراء بعض الملاهي؟

ج: لا، ما عليك منه، أعطه إياها، والذنب عليه، إذا كان فقيرًا، لكن تنصحه عن الدش، وعن غيره.

س: يعني: يأثم الإنسان، هناك واحد جاء يُعطي صدقة، راعي البيت هذا لا تُعطه، راعي دش، وراعي الملاهي، هل يأثم بهذا؟

ج: لا، لا، الفقير يُعطى، ولكن يُنصح عن الدش، وعن المعاصي الأخرى، إذا كان صاحب معصيةٍ؛ يُدخِّن، أو يتعاطى مُسْكِرًا، لكنه فقير، إن تصدَّقْتَ عليه لا بأس، تنصحه تقول له: اتَّقِ الله، لا تشرب الدخان، لا تستعمل الدش، لا تشرب الخمر، لا تعقّ والديك، ما يمنع، مثلما تنصح الكافر، تُعطيه وتنصحه.

س: ..... تُعينه على فسقه لو أعطيتَه؟

ج: ما هو على كل حالٍ، قد يحطّها في خبزٍ، وقد يحطّها في لبس كسوةٍ، أنت تعلم الغيب؟!

س: لكن إذا صار مسؤولًا عن صدقةٍ، يعرف أنه لو ضيَّق على هذا الفقير سيُبْعد المنكر؟

ج: المقصود أن الأحاديث عامَّة، النصيحة في محلها، والصدقة في محلها.

س: هل لرجال الهيئة أن يستروا على صاحب الذنب في المرة والمرتين؟

ج: عليهم أن يعملوا بالتعليمات التي عندهم.

س: لو قال: سوف أتوب؟

ج: عليهم أن يعملوا بالتَّعليمات التي عندهم، كما ذكره النبيُّ ﷺ، مَن يسَّر على مسلمٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، معسر عليه ألف ريـال ومطالب بهذا، ويسَّرت عليه وأعطيتَه إياه، أو لك الدَّين وأنت سامحته.

س: لو أنَّ جاري يسمع من بيته الغناء بعض الأوقات، ولا يسمعه إلا أنا، وهو لا يقبل النَّصيحة، يعني: المعصية ما سمعها إلا أنا، فهل يجب الستر عليه في هذه الحال؟

ج: نعم، تستر عليه، أما إذا أعلنها في المجالس، وفي الأسواق، لا، هو الذي فضح نفسه.

س: هل يُفرق بين الصدقة والزكاة؟

ج: نعم، الزكاة .....؛ لأنها أوساخ الناس، والصدقة لا بأس بها، ما هي بأوساخ.

س: في الآونة الأخيرة انتشر ما يُسمَّى بمكاتب الخدمات العامَّة، فيأتي الشخصُ إليهم ويقول: أُعطيكم مبلغًا من المال بحيث تنقلوا ابني الموظف في الدمام إلى هنا، فيتَّفقون على مبلغٍ بين صاحب المكتب وهذا الرجل؟

ج: يشفع، أو ينقله فقط؟

س: ينقله بالمال هذا.

ج: يشفع عند الذي ينقله من وظيفةٍ إلى وظيفةٍ، أو ينقل من الدّمام؟

س: ما أدري، هو يقول: أعطني المبلغ ذا وأنا أُدبر أمر ولدك.

ج: إن كان شفاعةً ما يصلح، وإن كان نقله في سيارته، أو في طيارة، فنعم.

س: رشوة؟

ج: إذا كانت شفاعةً ما يصلح: مَن شفع لأخيه شفاعةً، فأهدى إليه هديةً فقبلها؛ فقد أتى بابًا من أبواب الربا، أما إن كان ينقله في السيارة، أو الطائرة، ويكفيك المؤنة فلا بأس.

س: يقول: أنا أدبر أمري، أعطني مبلغًا وأنا أُدبر ابنك؟

ج: لا، لا، ما يصلح ...

س: رجل ظلم رجلًا، فاستعاذ المظلومُ بالله، يجب عليَّ إن سمعتُه أن أُعيذه؟

ج: إذا استعاذ بالله من شيءٍ ما هو بواجبٍ فواجب عليك، أما إذا استعاذ بالله: ما يُقام عليه الحدّ، ما يُؤَدَّب؛ ما يُطاع.

س: أمرٌ من أمور الدُّنيا؟

ج: هذه أمور مخصوصة: إذا استعاذ بالله فأعيذوه من شيءٍ ما هو بواجبٍ يعني.

س: أقصد نحن الذين نسمع، وإلا الذي يظلمه هو الذي واجبٌ عليه؟

ج: لا، من الشخص الذي ..... الشخص إذا قال: أعوذ بالله من كذا، هذا هو.

س: أحد الإخوان يقول: أدركتُ الصلاة مع ناسٍ، حيث فاتتني صلاةُ المغرب مع الجماعة، فلما دخلتُ معهم إذا أنا قد سُبقتُ بركعةٍ، فتأخَّر الإمامُ لعذرٍ، ثم قدَّمني، فصليتُ بهم ركعتين، فهي لهم ثلاث، ولي اثنتان، ثم سلمتُ مُتعمِّدًا من أجل أن صلاتهم قد انتهت، وذلك جهلًا مني؟

ج: يُعيد الصلاة؛ لأنه سلَّم قبل أن يتم صلاته، لكن هو يُكمل، وهم يجلسون ينتظرونه.